تواصل المحادثات العسكرية والسياسية الليبية وسط جدل حول مقتل حقوقية في بنغازي

11 نوفمبر 2020
مطالب بمحاسبة الجناة(محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -

تتواصل المحادثات السياسية والعسكرية الليبية، اليوم الأربعاء، وسط انشغال الرأي العام في البلاد بقضية مقتل ناشطة حقوقية في بنغازي بسلاح مجهولين، ومطالبات دولية ومحلية بالتحقيق العاجل وملاحقة الجناة. 
ويواصل أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة اجتماعاتهم لليوم الثالث، بمقرهم الرسمي في مدينة سرت وسط البلاد، بحضور وفد من البعثة الأممية، لاستكمال مناقشة "آليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الدائم"، و"تشكيل اللجان الفرعية المتخصصة"، بحسب بيان سابق للبعثة الأممية التي تعهدت، أمس الثلاثاء، بنقل مستجدات لقاءات اللجنة في سرت للمشاركين في جلسات ملتقى الحوار السياسي، المنعقد في تونس، بحسب رئيسة البعثة بالإنابة ستيفاني ويليامز، في كلمتها في افتتاح الجلسة الثانية. 

صياغة وثيقة ليبية
ووفق مصادر ليبية مسؤولة مقرّبة من مجلسي النواب والدولة، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنّ الخلافات التي سادت بين أعضاء ملتقى الحوار السياسي، في تونس، خلال جلسات اليوم الأول بشأن أولويات المرحلة السياسية المقبلة وتحفظ بعضهم على الوثيقة الأممية، انتهت، خلال جلسات اليوم الثاني، إلى الاتفاق على تشكيل لجنة من الأعضاء المشاركين في الملتقى للتعديل على صياغة الوثيقة الأممية، ولا سيما ملحقها الثاني المتعلق بشروط وآليات اختيار أعضاء السلطة التنفيذية وصلاحياتها، وهو ما أدلت به المصادر ذاتها في تصريح سابق لـ"العربي الجديد" حول جهود بعض الأعضاء لرأب الخلافات من خلال ترشيح خمسة أعضاء كلجنة لـ"صياغة وثيقة ليبية معدلة من الوثيقة الأممية". 

وثيقة البعثة الأممية
وطرحت البعثة الأممية وثيقة تحمل اسم "البرنامج السياسي الوطني للمرحلة التمهيدية للحل الشامل" من سبع مواد، تهدف إلى توصل المشاركين في الملتقى على أساسها إلى انتخابات عامة في البلاد عبر المرور على فترة "تمهيدية" تتولى خلالها سلطة تنفيذية جديدة الحكم في البلاد لمدة 18 شهراً، بمجلس رئاسي مكوّن من ثلاثة أعضاء، وحكومة منفصلة، توكل إليها مهام إنهاء النزاع المسلحة وتوحيد مؤسسات الدولة والإشراف على برامج التمهيد للانتخابات، ومن بينها حوار مجتمعي واسع للتوافق على قاعدة دستورية. 
وأشارت المصادر إلى أن اللجنة المكونة من خمسة أعضاء، اختيروا وفق توزيع جغرافي ليبي، ستتولى إجراء تعديلات على الوثيقة الأممية وفق آراء المشاركين، ومن ثم توليها صياغة مقررات الملتقى قبل اعتمادها من البعثة، ومن بين تلك التعديلات المقترحة أن توكل مهمة إطلاق حوار مجتمعي ليبي للتوافق على وثيقة دستورية تؤسس لانتخابات بعد المرحلة الانتقالية الجديدة، بالإضافة إلى ملف المصالحة الوطنية للمجلس الرئاسي الجديد، بينما تتولى الحكومة مهام مساعدة اللجنة العسكرية المشتركة في تنفيذ بنودها المتعلقة بإنهاء النزاع المسلح بالإضافة إلى مهامها في تحسين القطاع الاقتصادي وعمل مؤسسات الدولة. 
وفي الوقت الذي تتجه فيه جهود المشاركين للتوصل إلى تفاهمات حول الآليات والشروط المتعلقة بشاغلي مناصب السلطة الجديدة في تعديلاتهم على الوثيقة الأممية، أفادت المصادر نفسها بأن عدداً من الأسماء تتداولها كواليس الملتقى كمرشحين لمناصب السلطة المقبلة، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن أي اسم لم يطرح حتى الآن رسمياً. 

اعتراض على المشاركين
وعلى الرغم من مرور يومين على انطلاق جلسات الملتقى، لا تزال آليات اختيار البعثة الأممية للمشاركين في الملتقى محل جدل واختلاف في الأوساط الليبية، آخرها بيان برلماني ضم توقيع 112 نائباً اعتبر أن أعضاء الملتقى لا يمثلون "أي قاعدة شعبية ولا أي سلطة شرعية قائمة"، مستنكراً تجاوز البعثة الاممية لفرق الحوار المختارة من قبل مجلسي النواب والدولة. 
ومن السابق لأوانه التكهن بنتائج الملتقى، بحسب الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق، لكنه يرى أن جهود أعضاء الملتقى وخلافاتهم "لن تخرج عن الخطوط العريضة التي رسمتها البعثة في الوثيقة المطروحة للنقاش"، ومن أهمها ضرورة دخول البلاد في فترة انتقالية جديدة وإرجاء المرحلة الدائمة. 
وعلى الرغم من الترحيب الدولي والإقليمي الذي سبق انطلاق جلسات الملتقى، إلا أن ويليامز أشارت في كلمة الافتتاحية، الاثنين، إلى أن الملتقى "لن يحل مشكلات ليبيا كلها، لكن الفشل في حل بعضها قد يجعل إنهاء النزاع في المستقبل مستحيلاً"، وهو ما يتفق فيه البرق في حديثه لـ"العربي الجديد" بالقول إن "الملتقى لن ينتج حلاً شاملاً كما يعبر مسمى الوثيقة، ولكنه سينتج رؤية يجمع عليها أغلب الأعضاء، وستعمل أطراف دولية على فرضها". 

ترقب حذر
وإن شهدت الفترة التي بدأت فيها جلسات الملتقى تراجعاً في تصريحات مسؤولي الدول المتصلة بالملف الليبي، إلا أن الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق، لا يراها بعيدة عن الحدث، ويصف صمتها بـ"الترقب الحذر بعد أن هيمنت الأمم المتحدة على الملتقى وجلساته، بل وقدمت وثيقة يبدو أنها مصممة في بعض أهدافها لإقصاء التأثير الأجنبي"، مشيراً إلى أن نتائج الملتقى لا تزال مهددة بالعرقلة من جانب أطراف خارجية وعبر وكلائهم في الداخل.

جسم جديد 
لكنه في الوقت ذاته يعبّر عن مخاوفه من سعي البعثة إلى فرض جسم سياسي جديد من خلال منح صلاحيات مراقبة تنفيذ الاتفاق الجديد لأعضاء الملتقى، بل ومنحه صلاحية القرار الحاسم في حال تعرُّض الاتفاق لصعوبات واجهها اتفاق الصخيرات من جانب مجلس النواب، متسائلاً: "قرارات مجلس الأمن لم تمنع في السابق المؤتمر الوطني العام من العودة رغم وجود مجلس النواب، كذلك فإنها لم تمنع الحكومة الموازية رغم عدم اعترافها بها في وجود حكومة الوفاق، فكيف ستمنع حالياً مجلسي النواب والدولة".
 ولفت إلى أن الاتفاق قد يضيف جسماً سياسياً جديداً إلى مشهد الانقسام الحالي، وبالتالي لن تتمكن السلطة التنفيذية الجديدة من فعل شيء.

مقتل حقوقية
وتتواصل المحادثات وسط جدل أثاره مقتل حقوقية، وبينما لزمت قيادة اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، التي تسيطر على بنغازي، الصمت رغم الجدل حول حادث اغتيال الناشطة الحقوقية حنان البرعصي، أمس الثلاثاء، خصوصاً مع كثرة المؤشرات التي تربط الحادث بمضايقات تعرضت لها الناشطة على يد مليشيات حفتر، اكتفت مديرية أمن بنغازي، ببيان أوضحت فيه ما وصفته بـ"ملابسات مقتل المحامية حنان البرعصي، برصاص مجهولين". 

نجل حفتر هدّد البرعصي
وتناقلت وسائل إعلام ليبية ودولية بشكل واسع، أمس الثلاثاء، صور وفيديوهات تظهر جثة البرعصي ممددة في أحد شوارع بنغازي، وأخرى قديمة تتحدث فيها البرعصي عن تعرضها لمضايقات وتهديدات من جانب مليشيات مقربة من صدام نجل حفتر. 
وقالت المديرية إن "ملثمين حاولوا اختطاف البرعصي من داخل أحد المحال التجارية" بالمدينة، قبل أن يطلقوا أعيرة نارية أردتها قتيلة، ويلوذوا بالفرار، مشيرة إلى أن ابنتها هي الأخرى تعرضت لحادث اختطاف من قبل مسلحين قبل يومين. 
وفيما أكدت المديرية بدء "مختلف مكوناتها" بالتحقيق في الحادثة، قالت وزارتي الداخلية بحكومتي، الوفاق بطرابلس والموازية شرقيّ البلاد، إنهما باشرتا تحقيقاً في الحادثة، تزامناً مع مطالبات دولية ومحلية بسرعة التحقيق في الحادثة والقبض على الجناة، من جانب البعثة الأممية ومنظمة العفو الدولية وسفارات دول الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وكندا. 
كذلك لفتت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى "تذكير بجرائم أخرى من هذا القبيل لم يُعاقب عليها أحد"، في إشارة إلى حوادث الاغتيال والإخفاء القسري التي شهدتها المدينة على يد مليشيات حفتر، ولا سيما أن البرعصي، التي تترأس منظمة "الرحمة لرد المظالم الحقوقية"، عُرفت بانتقادها الواسع لسياسات حفتر وأبنائه والضباط المقربين منه.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

حوادث اختطاف
وتُعَد حادثتا الناشطة الحقوقية سلوى بوقعيقيص، في يونيو/ حزيران 2014، واختطاف عضو مجلس النواب سهام سرقيوة، في يوليو/ تموز العام الماضي، من أشهر الحوادث التي شهدتها المدينة، وسط حديث عن تورط مليشيات حفتر فيها وفي عدد آخر من الانتهاكات. 
وفي طرابلس أُفرج عن رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، محمد بعيو، أمس الثلاثاء، دون أي تعليق من جانب الحكومة التي كلفته بمنصبه، مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، قبل أن تعتقله مجموعة مسلحة تابعة لحكومة الوفاق على خلفية خطاب وجهه إلى وسائل الإعلام يطالبها بوصف الحرب التي دارت بين مليشيات حفتر وقوات "بركان الغضب" بـ"الحرب الأهلية"، ما أثار جدلاً واسعاً في أوساط قادة قوات الحكومة. 

المساهمون