يوماً بعد يوم، تتكشّف تفاصيل اللقاءات والرسائل الإقليمية المتبادلة، بين الأطراف المعنية بخطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للسلام، لتصفية القضية الفلسطينية، والمعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن". وكشف مصدر مصري بارز، مطّلِع على جانب من الاتصالات التي تقوم بها القاهرة في إطار المحادثات الإقليمية المتصلة بالقضية الفلسطينية، لـ"العربي الجديد"، أن "الاتصالات المصرية مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أخيراً شهدت سجالات وشداً وجذباً بشأن ملفات المصالحة الداخلية المرتبطة بشكل مباشر بالتقدم خطوة في تنفيذ اتفاق التهدئة بين فصائل غزة وإسرائيل، وبالتبعية التقدم خطوات في صفقة القرن".
وأوضح المسؤول المصري أن "اللحظة التي تحوّل فيها مسار المفاوضات، وتوقفت القاهرة عن التقدم في تنفيذ اتفاق الهدنة طويلة الأمد بين غزة وإسرائيل من دون وجود السلطة الفلسطينية، كانت عندما ألقى عباس بالورقة التي قلبت الطاولة، في وقت كانت تظن فيه القاهرة وتل أبيب أن الرجل، الذي تجاوز الثمانين من عمره، بات ضعيفاً ولا يمتلك أوراق ضغط في يده". وأشار المسؤول البارز إلى أن "عباس قال في لهجة حادة إنه إذا استمر هذا النهج، فإن قرار حل السلطة الفلسطينية لنفسها لن يكون بعيدا، وليتحمّل الجميع مسؤوليته، لتكون القضية بشكل واضح، قضية شعب يقاوم أمام سلطات احتلال"، وذلك من دون أن يوضح إن كانت هذه التهديدات نُقلت خلال لقاء مباشر أم عبر اتصالات.
وأوضح المسؤول المصري أن "عباس قال لقيادات رفيعة المستوى في الدولة (المصرية)، أنتم تريدون حتى آخر لحظة الاستفادة منّا، أي القضية الفلسطينية، لتحقيق مكاسب سياسية وإقليمية لكم. ففي السابق كان هناك من يتعامل مع القضية على أنها جزء من هموم دولته، لكن الآن هناك جيل آخر من السياسيين العرب يريد أن يطوّع القضية لخدمة أهدافه". وتابع أن "عباس تلقى رداً قاسياً (رفض الكشف عن طبيعته) من القاهرة، إلا أنه في النهاية دعنا نقول إنه خرج من هذه الجولة في المفاوضات نصف منتصر".
وكانت مصادر حمساوية ومصرية كشفت، في وقت سابق، أن وفد "حماس" الموسع، الذي أنهى، الخميس الماضي، زيارة للقاهرة، دخل في مناقشات موسعة مع المسؤولين في جهاز الاستخبارات العامة، وعلى رأسهم مدير الجهاز اللواء عباس كامل، دارت في مجملها حول ملفات متعلقة بسيناريوهات التحرك في ملف التهدئة بسيناريو جديد يضمن عدم تجميدها، ولا يتسبب في استفزاز السلطة الفلسطينية ورئيسها في الوقت ذاته. ووصل وفد "حماس" إلى القاهرة في أعقاب رحلات مكوكية لأطراف الصراع الفلسطيني بين القاهرة ورام الله وغزة، إذ زار وفد من حركة "فتح"، بقيادة رئيس اللجنة المركزية للحركة عزام الأحمد، القاهرة، أعقبتها زيارة قام بها وفد أمني من جهاز الاستخبارات العامة المصري لقطاع غزة، التقى خلالها قيادة حركة "حماس" هناك، قبل أن يوجه لهم دعوة رسمية لزيارة العاصمة المصرية، لاستكمال مشاورات التهدئة والمصالحة الداخلية. يذكر أن وفداً من الاستخبارات العامة كان زار رام الله، الشهر الماضي، حيث التقى وكيل جهاز الاستخبارات العامة المصري، اللواء عمرو حنفي، بمحمود عباس، ونقل له رسائل شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جهاز الاستخبارات عباس كامل.