حذرت تنسيقية الهياكل القضائية في تونس، اليوم الخميس، من أنّ القضاء التونسي يواجه اليوم أشد أزمة مرّ بها، مشددة على أنّ الإعفاءات التي شملت 57 قاضيا بقرار من الرئيس قيس سعيّد لا تخلو من خروقات دستورية وقانونية.
وقالت التنسيقية، التي تضم 6 جمعيات قضائية، في مؤتمر صحافي، إنّ هناك عدة خروقات ارتكبت في الإعفاءات وفي حق القضاة، مؤكدة أنّ التحركات النضالية متواصلة، وأنه لا مجال لوضع اليد على القضاء إلى حين التراجع عن المرسوم 516، وعن الإعفاءات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، مشيرة إلى أنّ أغلب الإعفاءات "على علاقة بملفات سياسية ولضرب الخصوم السياسيين للسلطة".
وقال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي إنّ القضاة "يخوضون اليوم تحركات نضالية فُرضت عليهم من قبل السلطة التنفيذية ومن قبل رئيس الجمهورية الذي عمد إلى وضع اليد على مؤسسات السلطة القضائية واغتيالها من خلال الأمر 516 الذي تولى بمقتضاه إعفاء 57 قاضياً خارج كل المعايير الدستورية والقانونية والمعايير الدولية لاستقلال القضاء".
وتابع "الإضراب ناجح في رابع أيامه وبنسبة 99% في كافة المحاكم، لم يحصل هذا في تاريخ القضاء، وهناك وعي عميق بخطورة المرحلة ودقة ما يمر به القضاء من أجل سلطة قضائية مستقلة".
وأكد الحمادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "قائمة الظلم مرفوضة، شملت 57 قاضياً، من بينهم قاضيتان إداريتان و29 قاضياً بالنيابة العمومية وقضاة تحقيق، وهو ما يمثل أكثر من نصف عدد القضاة المعفيين"، مشيراً إلى أنّ "الهدف ليس تطهير القضاء أو مقاومة الفساد، وإنما معاقبة القضاة الذين رفضوا الانخراط في برنامج رئيس الجمهورية في محاولة استعمالهم في تصفية خصومه السياسيين".
وبيّن أنّ "قاضيين فقط لهما ملفات تم النظر فيها من المجلس الأعلى للقضاء واتخذ قرار بالإيقاف عن العمل ورفع الحصانة عنهما، وهناك أبحاث جزائية تخص كليهما، وهناك 8 قضاة لهم ملفات أُحيلت على المجلس المؤقت، أما 45 قاضياً من المعفيين فليس لهم ملفات في التفقدية، ولم يقع إحالتهم على المجلس الأعلى للقضاء".
وأعلن القضاة في تونس عن إضراب يستمر منذ الإثنين الماضي، ولمدة أسبوع قابل للتجديد، رفضاً لقرار الرئيس قيس سعيد إقالة 57 قاضياً.
وكان سعيد قد أصدر، الأربعاء الماضي، أمراً رئاسياً بإعفاء 57 قاضياً من مهامهم بتهم، بينها "تغيير مسار قضايا" و"تعطيل تحقيقات" في ملفات "إرهاب" و"ارتكاب فساد مالي وأخلاقي".
وقال رئيس نقابة القضاة أيمن شطيبة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه تم الاعتداء على استقلالية القضاء، مبيّناً أنّ القضاة "مع المحاسبة وتوفير الضمانات القانونية، ولكن لم تعد هناك مساواة أمام القانون بل تم إعفاؤهم بجرة قلم"، كما قال.
وأوضح أنّ "حراك القضاة والإضراب لم يكن نابعاً من دوافع سياسية أو ائتلاف سياسي، بل نابع عن إرادة القضاة ولمسألة قانونية".
وقالت رئيسة اتحاد القضاة الإداريين رفقة المباركي إنّ "أي قاضٍ اليوم هو مشروع قاضٍ مُعفى، ولم يقع اعتداء على السلطة القضائية فقط بل تم اغتيالها"، وطالبت رئيس الجمهورية ووزيرة العدل بـ"الكف عن المظالم المسلّطة على القضاة".
من جهتها، قالت رئيسة جمعية النساء القاضيات سيدة قارشي إنّ "تشويه القاضيات النساء يعيد تونس إلى الوراء ويقضي على الحقوق وللحريات"، وأضافت أنّ "الأساليب المستعملة قذرة وغير أخلاقية".
وأوضحت أنّ "السلطة التنفيذية تتحمل المسؤولية المعنوية والمادية في ما طاول القاضيات اللاتي شُوهن، وخاصة وزيرة العدل ورئيسة الحكومة اللتان تشاهدان وتواكبان العنف ضد للمرأة".
ويرى رئيس جمعية القضاة الشبان مراد المسعودي أنّ هناك عدة مغالطات في قرار سعيّد، "لأنّ الإعفاءات لم تكن على أساس ملفات تأديبية و90% من القضاة لا ملفات لديهم، بل كانت على أساس مواقفهم، كذلك ما تعرضت له جمعية القضاة الشبان كانت على خلفية بيانات نقد للانقلاب، ومن حق الجمعيات النشاط والتعبير عن مواقفها".
ولفت إلى أنّ "ما تعرضت له جمعية القضاة الشبان كان مهولاً وذلك لبث انشقاقات ولحلها، ثم إعفاء رئيسها ونائبه"، مشدداً على أنه "لا تراجع عن الإضراب والنضال مستمر".