تكتيكات روسية متشابهة في أوكرانيا وسورية: تدمير وحصار وتهجير وإيذاء للمدنيين

01 ابريل 2022
حذر مسؤولون أوكرانيون من أن ماريوبول تتحوّل إلى "حلب ثانية" (ليون كلاين/الأناضول)
+ الخط -

بعد أكثر من شهر على بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، أصبح أكثر وضوحاً أن موسكو تعتمد في أوكرانيا التكتيكات نفسها التي اعتمدتها في الحرب السورية: حصار، واستهداف للمناطق المدنية والمنشآت الطبية، حتّى باتت الحياة في ماريوبول في جنوب شرقي أوكرانيا، مشابهة لما عاشه السوريون.

فعلى الرغم من اختلاف شكل التدخل الروسي في كلّ من سورية وأوكرانيا، إلا أن الروايات عن الحياة في هذه المدينة التي تحاصرها القوات الروسية، تبدو "مألوفة بشكل مخيف" للسوريين، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وتنقل الصحيفة عن المسؤول في منظمة العفو الدولية دانييل بالسون، قوله: "إننا مذهولون حقاً لمقدار أوجه التشابه". ويلفت إلى أن روسيا هاجمت المنشآت الطبية في كلّ من حلب السورية، وماريوبول الأوكرانية، بالإضافة إلى المدارس والمباني التي لجأ إليها المدنيون، مثل المسرح الذي قالت السلطات الأوكرانية إن روسيا قصفته في ماريوبول، في انتهاك كامل للمبدأ الدولي الذي يتحدث عن واجب الأطراف المتحاربة بالتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية.

ويقول إن إصابات كثيرة بين المدنيين والتي توثقها المنظمة في أوكرانيا سببها "القنابل الغبية"، وليس الأسلحة الموجهة، مشيراً إلى أنه من المستحيل استخدام هكذا أسلحة في هذه المناطق المكتظة بالسكان، مع ضمان عدم فقدان مدنيين لأرواحهم.

وكانت المنظمة الدولية حذّرت قبل أيام من أنّ الغزو الروسي لأوكرانيا هو "تكرار" للحرب في سورية. وسبق أن حذر مسؤولون أوكرانيون من أن ماريوبول تتحوّل إلى "حلب ثانية". وقد تحوّلت هذه المدينة السورية إلى رمز لاستعداد القوات الروسية والسورية لاستخدام تكتيكات قاسية ضد المدنيين.

وفي وقت يحذر خبراء في القانون الدولي والنزاعات من أن عدم محاسبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تصرفاته في سورية، شجعه على تكرارها، يتحدث بالسون عمّا وصفه بـ"نمط أوسع" لاستهداف الروس للمدنيين من دون عقاب، والذي يعود إلى حصارهم لعاصمة الشيشان، غروزني، في عام 1999. ويوضح أنه عند التدخل الروسي في الشيشان، كانت هناك حوادث موثقة جيداً لأشخاص يفقدون حيواتهم، وإمكانية الوصول إلى مواردهم ومنازلهم.

حرب طويلة الأمد؟

بدوره، يلفت نائب رئيس العلاقات الخارجية في الدفاع المدني السوري المعروف بـ"الخوذ البيضاء"، فاروق حبيب، إلى أن السوريين لديهم أفضل تجربة في التعامل مع استهداف الروس للأحياء المدنية.

ويعتبر حبيب أن تركيز الاهتمام العالمي على إنشاء ممرات إنسانية، بعيداً عن جهود إنهاء القتال أو إقامة مناطق آمنة، يخدم موسكو من الناحية الاستراتيجية، مشيراً إلى أن السلطات الروسية تريد إفراغ المدن من سكانها، حتّى تصبح السيطرة عليها أقلّ تكلفة بالنسبة إليها.

وإذ يؤكد حبيب أن "الخوذ البيضاء" تشارك مع الشركاء الأوكرانيين الدروس التي تعلّمتها من الحرب السورية وترجمت إلى الأوكرانية دليل السلامة للمدنيين المعرّضين للهجوم، يقول: "لا أرى نهاية قريبة، عليهم أن يكونوا مستعدين لحرب طويلة الأمد".

وفي هذا السياق، تنقل "واشنطن بوست" عن كبيرة الباحثين المساعدين في مركز فيينا لنزع السلاح وعدم الانتشار هانا نوت، تحذيرها من أن روسيا ستسعى في أوكرانيا، كما فعلت في سورية، إلى تصوير المدنيين الذين بقوا على أنهم مقاتلون أعداء، وبالتالي يشكّلون أهدفاً مشروعة.

وفي مقارنة بين المدينتين، تشير "واشنطن بوست" إلى أن القوات الروسية هاجمت في عام 2016، خلال حصار استمرّ قرابة 6 أشهر للأجزاء التي كانت تسيطر عليها المعارضة السورية في حلب، المصانع ومحطات المياه، وقطعت خطوط الإمداد عنها، ما ترك 250 ألفاً من السكان يعانون من نقص حادّ في الغذاء والدواء والوقود، ما تسبّب بكارثة إنسانية.

وفي ماريوبول، طوّقت القوات الروسية المدينة وقصفتها، وقطعت عنها الاتصالات والغاز والمياه والكهرباء، ومنعت دخول قوافل الإغاثة إليها. وقد أظهرت تقارير قيام السكان بتذويب الثلوج لشرب المياه، وتقنين الطعام بين الأطفال الجياع، ونفاد الأدوية الحيوية.

ولم توفّر القوات الروسية في كلّ من حلب وماريوبول المنشآت الطبية، التي طاولها القصف، بالإضافة إلى المدارس والمباني التي لجأ إليها الهاربون من الحرب.

وفي وقت اتّهمت لجنة تحقيق دولية مستقلة تابعة للأمم المتحدة روسيا بارتكاب جرائم حرب من خلال هجماتها العشوائية على مناطق مدنية في سورية، فإنّ موسكو متّهمة أيضاً بانتهاك القانون الدولي في أوكرانيا، رغم نفيها المتكرّر لاستهداف المدنيين هناك.

التضليل

وتتطرّق الصحيفة الأميركية في معرض مقارنتها بين تكتيكات روسيا في كلّ من سورية وأوكرانيا، إلى التضليل الذي تستخدمه موسكو، مشيرة إلى أن الأخيرة صوّرت مع حلفائها "الخوذَ البيضاء" في سورية على أنهم "إرهابيّون"، في وقت صنّف الكرملين المسؤولين والجنود الأوكرانيين على أنهم "نازيّون".