تقرير "أمان" السنوي لعام 2020: تراجع الشفافية والمشاركة في فلسطين

29 ابريل 2021
التقرير "أظهر بشكل جلي وواضح إشكالية نزاهة الحكم في فلسطين" (العربي الجديد)
+ الخط -

أعلن الائتلاف من أجل للنزاهة والمساءلة "أمان" الأربعاء، تقريره السنوي الثالث عشر حول واقع النزاهة ومكافحة الفساد لعام 2020، كاشفاً عن تراجع الشفافية والمشاركة في فلسطين.

وقال المدير التنفيذي لـ"أمان"، عصام الحاج حسين، خلال مؤتمر صحافي عقده الائتلاف في مقره برام الله وسط الضفة الغربية، عبر الإنترنت: "إنّ التقرير أظهر بشكل جلي وواضح إشكالية نزاهة الحكم في فلسطين، والتقرير أجاب عن سؤال ممارسات السلطات السياسية الحاكمة في قطاع غزة والضفة الغربية، هل كانت للصالح العام أم لا؟ ليجيب التقرير بأنها لم تكن في صالح المنفعة العامة".

وأوضح الحاج حسين أنّ تشخيص النزاهة في الحكم كان عبر محددات أولها يتعلق بالوصول إلى السلطة، والثاني يرتبط بممارسة النفوذ بعد الوصول إلى السلطة، والثالث؛ إضعاف الرقابة المجتمعية الرسمية كممارسات إضافية لما بعد حل وتغييب المجلس التشريعي الفلسطيني.

وأكد التقرير أنه خلال عام 2020، وفي الربع الأول من عام 2021، كان هناك "ازدياد ملحوظ وخطير في بيئة الاستحواذ على مراكز السلطة وعمليات اختطاف مؤسسات الدولة والاستحواذ على عملية صنع القرار".

وفصّل التقرير أنه في الضفة الغربية كان الهدف من اتخاذ عدد من القرارات، مصلحة أفراد متنفذين أو من الموالين للنظام على شكل وظائف عليا في غياب كامل للشفافية والنزاهة أو من خلال تمرير قوانين أو تعديلات لقوانين بطريقة تحايلية تهدف إلى مصالح أفراد.

أما في قطاع غزة، فقال الحاج حسين: "إن العنوان في ممارسات السلطة الحاكمة (في إشارة إلى إدارة حركة حماس)، كان مصلحة الحزب أو الحركة، واستمر هناك منع إجراء انتخابات الهيئات المحلية والاستعاضة عن ذلك بتعيين رؤساء بلديات، إضافة إلى رصد ضعف شديد في شفافية إدارة المال العام وتوفير البيانات المالية للمواطنين ومؤسسات المجتمع المدني وعدم نشر تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية، وغيرها من الممارسات، التي تمّ تعزيزها باجتماعات كتلة حركة حماس في المجلس التشريعي في غزة والأحزاب المستفيدة".

أما بخصوص المؤشر الثاني، وهو ممارسة النفوذ، "فقد تعززت مظاهر عدم الشفافية والمشاركة المجتمعية بحالات تضارب المصالح في اتخاذ القرارات" كما يقول التقرير، فقد سُنَّت قوانين أو أُجريَت تعديلات على قوانين بسرية تامة (في إشارة إلى إصدار القوانين من الرئيس الفلسطيني بمراسيم في ظل حل المجلس التشريعي) دون مشاركة مع المجتمع المدني وفي ظل سيطرة على السلطة القضائية وغياب المجلس التشريعي وإضعاف المؤسسات الرقابية".

وانتقد المصدر ذاته دور المستشارين القانونيين في ملف التعديلات القانونية، وقال "إن دورهم بالأصل أن يكونوا أمناء على قوانين تصبّ في المصلحة العامة، وليس قوانين يتم تطويعها وتعديلها وتفصيلها لمصالح خاصة أو لهيمنة السلطة التنفيذية أو لكسب ولاءات".

وذكر الحاج حسين خلال المؤتمر الصحافي عدداً من الأمثلة على تلك القوانين، منها ما تعلق بالقضاء، وتعديل قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ومرسوم تأجيل انتخابات النقابات، وتعديل قانوني التقاعد العام ومكافآت أعضاء المجلس التشريعي والوزراء والمحافظين قبل التراجع عنه بضغط شعبي.

أما بخصوص المؤشر الثالث لتشخيص النزاهة، فقال الحاج حسين: "إن عدم تطبيق العديد من توصيات ديوان الرقابة المالية والإدارية، من قبل بعض الأجهزة والمؤسسات العامة يُعَدّ إضعافاً للرقابة الرسمية"، مشيداً بدور الديوان.

في هذه الأثناء، قال المدير التنفيذي لـ"أمان" إنّ "حجب السلطات في غزة لتقارير ديوان الرقابة هناك وعدم نشرها، يُعَدّ إضعافاً لمنظومة المساءلة والمحاسبة"، مؤكداً أنّ "استمرار عدم اعتماد مجلس الوزراء استراتيجية هيئة مكافحة الفساد الوطنية عبر القطاعية، يعد هروباً من المسؤولية في مكافحة الفساد".

ونتيجة لكل تلك المحددات، كما يرى الائتلاف، فإنّ ذلك "انعكس بشكل جلي على فاعلية وكفاءة إدارة الكوارث والأزمات في فلسطين بشكل عام، وفي إدارة جائحة كورونا بشكل خاص، لكون الكوارث تتطلب أقصى درجات الشفافية والمشاركة، إلا أن فرض حالات الطوارئ ترافق مع مركزية وتركيز في اتخاذ القرارات وتركزها بيد متنفذين واستبعاد قطاعات أخرى كالمجتمع المدني، وحجب المعلومات عنه وضعف الانفتاح على المواطن، ما انعكس بشكل خطير على نزاهة الحكم والثقة به".

عدم جاهزية مؤسسات الدولة لإدارة المخاطر

من جانبه، دعا رئيس مجلس إدارة "أمان"، عبد القادر الحسيني، الحكومة والرئاسة الفلسطينيتين إلى الاهتمام بالتوصيات الواردة بالتقرير، بشأن ضرورة إقرار نظام دائم وشامل لإدارة الكوارث في فلسطين ومواجهتها، يضمن استجابة لكل مراحل إدارة الكوارث ومعالجتها، مشيراً إلى أن واقع إدارة انتشار كورونا كشف عن عدة أمور، من بينها عدم جاهزية مؤسسات الدولة لإدارة المخاطر.

وطالب الحسيني بضرورة تطوير آليات وقنوات مفتوحة مع منظمات المجتمع المدني، لإشراك ممثليها في بلورة القرارات العامة، وضرورة التزام خطة الترشيد والتقشف للإنفاق العام، مع الأخذ بالاعتبار التوزيع العادل للموارد المحددة والأعباء، وإعطاء الأولويات لقطاع الصحة والبرامج الداعمة للفقراء والفئات المهمشة والمعوزة، واعتماد قانون الحق في الحصول على المعلومات، وإقرار قانون الأرشيف الوطني، ونشر القرارات المتعلقة بالشأن والمال العام بشكل كامل، وعدم الاكتفاء بنشر عناوين تلك القرارات فقط، ونشر الحكومة للوثائق القانونية والتنظيمية والمالية من تلقاء نفسها وإتاحتها للجمهور.

وأشار الحسيني إلى صعوبات واجهت فريق عمل التقرير، من حيث مماطلة وممانعة بعض الجهات الرسمية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة في توفير المعلومات في أثناء مرحلة إعداد التقرير، دون أن يتجاهل ويشكر الجهات المتعاونة على مدار السنوات الماضية.

"نعم لإجراء الانتخابات"

وفي ملف الانتخابات التشريعية المقررة في 22 مايو/ أيار المقبل، عبّر الحسيني عن أمله بإجرائها في موعدها المحدد وفي القلب منها القدس، "رغم أنف الاحتلال الذي يريد المراوحة إلى أجل غير مسمى في المأزق منذ انتهاء المدة المحددة للمرحلة الانتقالية (لاتفاق أوسلو)"، معتبراً أنه مأزق مريح للغاية بالنسبة إلى الاحتلال.

بدوره، قال الحاج حسين: "إن المواطن الفلسطيني يتوقع أن تبني القيادة الفلسطينية قرارات تحوي حلولاً لإشكالية إجراء الانتخابات في القدس، وليس إدارة الإشكالية أو الهروب منها بتأجيل الانتخابات أو إلغائها".

وفي إجابة عن أسئلة لرئيس ديوان الموظفين موسى أبو زيد عبر تقنية "زوم" حول دقة الاستخلاصات حول الوظائف العمومية، أجاب كل من الباحث الرئيسي في "أمان" جهاد حرب، والمدير التنفيذي عصام حاج حسين، بأن تقرير "أمان" السنوي يعرض التطورات الإيجابية التي حصلت في نطاق عمل الائتلاف في مجال النزاهة والشفافية والمساءلة في النظام السياسي.

وقال حرب: "إن التقرير رصد إشكالات في الوظائف العليا. أما في ما يتعلق بالوظائف الدنيا، فقد أشاد التقرير في التعيينات للموظفين العامين، وأشاد باستمرار ديوان الموظفين بإعلان الوظائف وعمل المسابقات".

وأضاف حرب: "إن هناك إشكالية بغياب إعلان الوظائف للفئات العليا، وغياب تكافؤ الفرص، بما يعني من تأثير في الحكم ومراكز القرار". فيما قال الحاج حسين: "إن الإشكالية واضحة ومنشورة حول بعض المكلفين كقائمين بأعمال في وزارة الصحة، ثم أصبحت تلك التكليفات واقعاً كوكلاء وزارات".

المساهمون