تفاؤل روسي بتأني الغرب بتزويد أوكرانيا بدبابات: إبعاد شبح الحرب المباشرة

زاد رفض برلين تسليم دبابات "ليوبارد" لأوكرانيا، وربط المستشار الألماني، أولاف شولتز، توريدها إلى كييف بتسليم واشنطن دبابات "أبرامز" الأميركية للجيش الأوكراني أولاً، من تكهنات الخبراء الروس بأن الغرب يسعى لإبعاد شبح الحرب المباشرة مع روسيا عن دوله، وسط تفاقم انقسام الصف الغربي.

لا إجماع غربياً

يرى رئيس قسم العلوم السياسية والاجتماعية في جامعة بليخانوف الاقتصادية الروسية في موسكو، أندريه كوشكين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن انعدام الإجماع بين الدول الغربية في مسألة تسليم الدبابات الثقيلة لأوكرانيا، يعكس تخوف بعضها من الدخول في حالة من الصدام المباشر مع روسيا، في ظروف إطالة أمد الحرب.

ويقول كوشكين الذي خدم في الجيش السوفييتي ثم الروسي لأكثر من 30 عاماً، ويحمل رتبة عقيد في الاحتياط: "لا إجماع بين أوروبا والولايات المتحدة في مسألة تسليم الدبابات لأوكرانيا، في ظل إدراك قادة الدول في القارة العجوز أن مثل هذه الخطوة ستزيد من مخاطر الصدام المباشر مع روسيا، ولا سيما مع إطالة أمد النزاع، وشولتز أول مَن يحتج من القادة الأوروبيين على الإملاءات القادمة من وراء المحيط ومحاولات حل مشكلات أوكرانيا على حساب دول أخرى".

أخبار

التحديثات الحية

حلفاء أوكرانيا يفشلون في الاتفاق على تسليمها دبابات ثقيلة

ويعتبر أن عزوف واشنطن عن تسليم دبابات "أبرامز" لأوكرانيا لا يقتصر على اعتبارات فنية، مضيفاً: "ستؤثر لقطات لوقائع احتراق (أبرامز) في أرض المعركة سلباً بسمعتها كأهم دبابة تصديرية أميركية، ما قد يدفع دولاً مستوردة للدبابات إلى اختيار دبابات (ليوبارد) الألمانية أو (تي-90) الروسية. صحيح أن العالم رأى مشاهد احتراق الدبابات الأميركية في الشرق الأوسط، لكن إحراقها على أيدي الروس ستكون له دلالات أكبر".

روسيا الأولى في عدد الدبابات 

من جهته، يشير الخبير في مركز بحوث قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية، قسطنطين بلوخين، إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لا تسعى لتحقيق نصر لأوكرانيا، بقدر ما تبحث عن منع هزيمتها، ما يفسر الوتيرة المنخفضة لتزويد كييف بالأسلحة الحديثة، وفق تقديره.

ويقول بلوخين في حديث مع "العربي الجديد": "مهمة إدارة بايدن والغرب عموماً، عدم السماح بهزيمة أوكرانيا مع منع تصعيد النزاع وتوسعه باتجاه حلف شمال الأطلسي، وهو ما قد تؤدي إليه الإمدادات العسكرية واسعة النطاق. لذلك، لا تتسلم أوكرانيا سوى عدد محدود من صواريخ (باتريوت) والمنصات لإطلاقها، إذ تسترشد قيادات الولايات المتحدة والدول الغربية بمبدأ الاكتفاء بتوريد كميات من الأسلحة تتيح استمرار النزاع وتعويم أوكرانيا".

تقارير دولية

التحديثات الحية

ألمانيا تواجه انتقادات لترددها في إرسال دبابات ثقيلة إلى أوكرانيا

ومع ذلك، يقلل الخبير الروسي من أهمية دور الدبابات الغربية الثقيلة في أرض المعركة حتى في حال تسليمها لأوكرانيا، مضيفاً: "روسيا هي القوة الرائدة عالمياً في مجال الدبابات، ويمكنها أن توفر عدداً كافياً من الدبابات المخزنة منذ حقبة الحرب الباردة". 

ويتابع: "يقدّر الخبراء العسكريون الأميركيون والغربيون عدد الدبابات لدى روسيا بما يراوح بين 12 ألف دبابة و22 ألفاً، وهو عدد يفوق إجمالي عدد الدبابات لدى بلدان الناتو مجتمعة. وحتى إذا تسلمت أوكرانيا 500 دبابة، على سبيل المثال، فهي لن تستطيع التفوق على روسيا في هذا المجال".

وتشير أحدث بيانات موقع "غلوبال فاير باور" لعام 2023 إلى أن روسيا تتصدر دول العالم بفارق هائل من حيث عدد الدبابات بحيازتها أكثر من 12500 دبابة، وتليها كوريا الشمالية (نحو 6600 قطعة) والولايات المتحدة (5500)، وسط غياب لأي بلد آخر عضو في حلف الأطلسي بين الدول العشر الأولى.

وفي الوقت الذي جاءت فيه مصر في المرتبة الخامسة، متصدرة الدول العربية بنحو 4700 دبابة، لم تأتِ تركيا إلا في المرتبة الـ11 عالمياً والثانية بين دول الناتو بأكثر من 2200 دبابة.

لا "إحراق للجسور" مع روسيا

من جهته، رأى الخبير في مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيا في موسكو، سيرغي دينيسينتسيف، أن الولايات المتحدة تسعى لإجبار ألمانيا على توريد الأسلحة الثقيلة إلى أوكرانيا حتى يكون ذلك علامة لـ"إحراق الجسور" مع روسيا، واصفاً دبابة "ليوبارد-2" بأنها رمز لهيبة مجمع التصنيع العسكري الألماني.

وأضاف دينيسينتسيف في تعليق نقلته صحيفة "فزغلياد" الإلكترونية الموالية للكرملين: "يضع شولتز رأي الناخبين في الحسبان. لا يدعم أغلب الألمان توريد الدبابات (إلى أوكرانيا). وعلاوة على ذلك، لا تتمنى الحكومة الألمانية تصعيداً للحرب، وتتمنى الحفاظ على علاقات مقبولة مع روسيا".

ولم يتمكن وزراء دفاع دول مجموعة الاتصال المعنية بدعم أوكرانيا في اجتماعهم في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا أول من أمس الجمعة، من التوصل إلى إجماع بشأن توريد دبابات "ليوبارد" إلى أوكرانيا، رغم الضغوط الأميركية على برلين التي ترفض حتى تسليم دبابتها السابق تصديرها إلى دول ثالثة. 

وقبيل انعقاد الاجتماع، حذر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، من التداعيات السلبية لتسليم الدبابات الثقيلة لأوكرانيا، قائلاً إن "مثل هذه الإمدادات لن تتمكن من تغيير أي شيء جذرياً، ولكنها ستزيد من مشكلات أوكرانيا والشعب الأوكراني".