استمع إلى الملخص
- **أسباب التفويض وأهدافه**: الفقيه الدستوري صلاح فوزي أوضح أن التفويض يهدف إلى تخفيف الأعباء عن الرئيس، تبسيط الإجراءات الإدارية، واختصار الوقت والنفقات، وهو جزئي ومؤقت.
- **ردود الفعل والتكهنات**: القرار أثار تكهنات حول صحة الرئيس أو اتخاذ قرارات صعبة، لكن المستشار عمرو هاشم ربيع أكد أن التفويض يعزز من كيان رئيس الوزراء ويسمح للرئيس بالتركيز على ملفات أخرى.
أثار القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في 18 يوليو/تموز الحالي، بتفويض بعض اختصاصاته إلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي الكثير من الجدل في الشارع السياسي المصري، رغم أن هذا القرار سبقته قرارات مشابهة صدرت لرؤساء حكومات سابقين، بينهم مدبولي نفسه مع بداية عمل حكومته الأولى في عام 2018، ولم يتم التعليق عليها، غير أن حالة الاحتقان السياسية والظروف الاقتصادية الصعبة في مصر، دفعت الكثيرين للتساؤل حول ذلك.
صلاح فوزي: التفويض يكون جزئياً، بمعنى أنه لا يكون في كل الصلاحيات التي يملكها المفوض
تفويض مصطفى مدبولي
وجاء في نص قرار السيسي رقم 304 لسنة 2024، المنشور في الجريدة الرسمية في 18 يوليو الحالي، أنه يفوض مصطفى مدبولي في 26 اختصاصاً، منها: "في مجال التصرف بالمجان في أملاك الدولة، وحماية الآثار، ونزع ملكية العقارات للمنفعة العامة". وبالإضافة إلى التصرف بالمجان في أملاك الدولة والمنصوص عليه في القانون رقم 29 لسنة 1058 في شأن قواعد التصرف بالمجان في العقارات المملوكة للدولة والنزول عن أموالها المنقولة، ونزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، قرر السيسي تفويض مصطفى مدبولي في العديد من الاختصاصات الأخرى المهمة، مثل: تشكيل وإعادة تشكيل مجالس إدارة الهيئات العامة والأجهزة ومراكز البحوث والأكاديميات والمجالس العليا والاتحادات وتعيين رؤسائها وأعضائها وشاغلي الوظائف العليا بها وبالوحدات التابعة لها، وإعارة أعضاء المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بها ورجال القضاء والنيابة العامة وأعضاء مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، وتعيين ممثلي مصر في مجلس محافظي صندوق النقد الدولي ومجلس محافظي البنك الدولي للإنشاء والتعمير ومجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية وبنك التنمية الأفريقي وغيرها من المؤسسات والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية.
وفي مجال الأزهر ومجمع اللغة العربية والجامعات، منح السيسي اختصاصاته المنصوص عليها في القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، وذلك فيما عدا تعيين شيخ الأزهر ومنح العالمية الفخرية لجامعة الأزهر أو إحدى كلياتها، وأيضاً في قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 وذلك فيما عدا تعيين رؤساء الجامعات ونوابهم، وعمداء الكليات والمعاهد. كما فوض السيسي مصطفى مدبولي في اختصاص رئيس الجمهورية باختيار من يقوم من الوزراء بأعمال من يتغيب منهم أو يقوم مانع به.
عمرو ربيع هاشم: القرار يمنح لرئيس الوزراء صلاحيات، حتى يكون له اعتبار
قرارات جدلية للسيسي
وأثارت القرارات الجمهورية الأخيرة جدلاً في الشارع السياسي المصري، إذ تكهن البعض أن تفويض صلاحيات رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء قد يكون خلفه سبب متعلق بصحة الرئيس، أو بتسهيل اتخاذ مثل هذه القرارات، التي صعب المشرع عملية اتخاذها ووضعها في يد رئيس الجمهورية دون غيره نظراً لأهميتها وخطورتها، ولذلك منحها لرئيس الحكومة. وهناك أيضاً من تكهن بأن الحكومة المصرية كانت على وشك اتخاذ قرارات "صعبة" لم يرد رئيس الجمهورية أن يتحمل مسؤوليتها فوضعها في يد رئيس الوزراء، لكنه بحسب الدستور المصري وما أكده فقهاء وخبراء، فإن كل ذلك يبقى مجرد تخمينات تخلو من الدقة، نظراً لأن ذلك القرار الجمهورية له سوابق مشابهة تماماً.
لكن الفقيه الدستوري صلاح فوزي، أكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قرارات رئيس الجمهورية الخاصة بمنح التفويض في بعض صلاحياته إلى رئيس الوزراء، "تتخذ لعدة أسباب أولها تخفيف الأعباء عن الأصيل، وتبسيط الإجراءات الإدارية، واختصار الوقت، والاقتصاد في النفقات". وأضاف فوزي أن "هناك قواعد حكيمة للتفويض، أخصها أن التفويض يكون مؤقتاً، أي أنه لا يستمر على طول مدى الحياة، كما أن التفويض يكون جزئياً، بمعنى أنه لا يكون في كل الصلاحيات التي يملكها المفوض". ولفت إلى أن "تفويض رئيس الجمهورية رئيس الوزراء في بعض اختصاصاته، يساهم في عمليات الإصلاح الإداري المنشودة، وهذا أمر جيد جداً لصالح المواطنين".
في المقابل، رأى المستشار في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع أن عدم الشفافية هي التي أدت إلى حالة الجدل حول قرار رئيس الجمهورية الأخير. واعتبر في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تفويض رئيس الجمهورية رئيس الحكومة في بعض الاختصاصات "قد يحدث في بعض الحالات، منها أن يكون الرئيس معتلاً، وهذا لم يصدر بشأنه أي بيان رسمي، أما الأمر الإيجابي فهم أن القرار يمنح لرئيس الوزراء صلاحيات، حتى يكون له اعتبار وكيان". وأضاف ربيع أن "هذا أمر إيجابي أن يفوض رئيس الوزراء، لأن الرئيس يمكن أن يكون مشغولاً في ملفات أخرى كثيرة على قدر من الأهمية، ولذلك يصبح من المهم إعطاء رئيس الوزراء صلاحيات".