تفاقم القلق الدولي من تصاعد الأزمة التونسية وقيس سعيّد يهاجم الموقوفين

01 مارس 2023
سيناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الوضع في تونس في 20 مارس (Getty)
+ الخط -

تواترت المواقف الخارجية حيال حملة الإيقافات التي طاولت سياسيين ونشطاء وحقوقيين ورجال أعمال وإعلام تونسيين.

وأعلن الاتحاد الأوروبي، أمس الثلاثاء، متابعته التطورات الأخيرة "بقلق بالغ"، في تونس، مشيراً إلى أن البلد يواجه "ظروفاً صعبة".

جاء ذلك، بحسب نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، خلال ردها على سؤال بشأن موجة الاعتقالات الأخيرة التي استهدفت منتقدي الرئيس قيس سعيد.

وقالت في الإحاطة الصحافية اليومية للمفوضية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي يتابع التطورات في تونس "عن كثب وبقلق شديد"، وأضافت أن تونس "تمر بأوقات صعبة"، معربة عن أملها في أن "تجد السلطات التونسية الإجابات الصحيحة للتحديات العديدة" بمشاركة "جميع أصحاب المصلحة الاجتماعيين والسياسيين".

وسيناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الوضع في تونس في اجتماعهم المرتقب في 20 مارس/ آذار الجاري.

وأطلقت السلطات التونسية في 11 فبراير/ شباط حملة اعتقالات استهدفت مجموعة من معارضي الرئيس سعيد، ضمت قيادات في جبهة الخلاص وحزب النهضة ونشطاء سياسيين وقضاة ومحامين ورجال أعمال وإعلام، غالبيتهم يواجهون تهم "التآمر ضد أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار"، إلى جانب اتهام "المعارضين بالتواصل مع جهات أجنبية لتنفيذ مخططاتهم".

وفي وقت سابق، عبّر المفوض السامي لحقوق الإنسان بمنظمة الأمم المتحدة فولكر تورك عن قلقه إزاء ما وصفه ''بتفاقم القمع تجاه المعارضين السياسيين وممثلي المجتمع المدني في تونس، لا سيما من خلال التدابير التي اتخذتها السلطات والتي لا تزال تقوض استقلال القضاء''.

إلى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، الأربعاء الماضي، إن الولايات المتحدة تشعر "بقلق بالغ" إزاء تقارير عن اعتقال شخصيات سياسية وقادة أعمال وصحافيين في تونس.

من جهتها، عبرت ألمانيا في 17 فبراير/ شباط عن "قلقها البالغ" إزاء حملة الإيقافات في تونس، داعية السلطات إلى احترام "استقلالية القضاء" و"قواعد سيادة القانون" في البلاد.

في مقابل ذلك، دعت وزارة الخارجية التونسية، أمس الثلاثاء، البعثات الدبلوماسية إلى "التقيّد باحترام قوانين الدولة وعدم التدخل في الشؤون الدّاخلية".

وأكّدت الخارجية أن "تونس حريصة على تسهيل عمل واتصالات البعثات الدبلوماسيّة المعتمدة لديها خدمة لعلاقات الصداقة والتعاون مع البلدان الشقيقة والصديقة، مع التقيّد بمقتضيات اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسيّة التي تنصّ على واجب احترام الدبلوماسيين قوانين الدولة المعتمدين لديها وعدم التدخل في شؤونها الدّاخلية".

"الضحية هو الشعب"

ومن جهته، قال الرئيس التونسي قيس سعيد، الأربعاء، إنّ "من تآمروا على أمن الدولة الداخلي والخارجي ومن أرادوا ولا يزالون مصرّين على التنكيل به في كلّ المجالات، لا يمكن أن يلعبوا دور الضحية"، وأضاف أن "الضحية هو الشعب في قوته وصحته معاشه ومن حقّه أن يحاسب في إطار القانون كل من تآمر على دولته وسطا على حقوقه".

وجاء كلام سعيّد خلال لقائه مع وزيرة العدل التونسية، ليلى جفال، وبحسب بيان للرئاسة التونسية فقد "تم التطرق، خلال هذا اللقاء، للدور الأساسي الذي يجب أن يضطلع به القضاة في هذا الظرف الذي تعيشه تونس اليوم".

وقال سعيد "بلادنا لها قضاة شرفاء يحتكمون للقانون، ويجب ألا يفلت من المحاسبة كل من أجرم في حق الشعب التونسي، وبدون قضاء عادل وناجز لن يسترد الشعب حقوقه ولن يعرف الحقيقة التي طالما نادى بكشفها".

غياب الدبلوماسية الرسمية

من جهته، اعتبر الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك خلطاً بين الأمور الداخلية والخارجية في تونس، بسبب تزايد حجم المعارضة وتحرك أهالي الموقوفين ومحاميهم"، مبيناً أن "أوروبا تخشى اليوم على سلامة حدودها بسبب عدم استقرار تونس أو انهيارها في غياب أي جهة يمكن الاعتداد بها".

وأفاد بأن "تداول الاتحاد الأوروبي أو الغرب هو محاولة لفهم ما يحدث في تونس بسبب الغموض الذي تسبب فيه تشرذم الساحة السياسية التونسية في غياب الخبر اليقين، لا من السلطة القائمة ولا من المعارضة"، وأشار إلى أن "الغموض سببه أيضاً عجز السلطة الرسمية في تونس عن التواصل في غياب أي معلومات، فاليوم مستجدات أخبار الإيقافات تأتي من محامي الموقوفين في غياب معلومات رسمية".

وبيّن أنه "لا وجود لدبلوماسية رسمية في تونس اليوم، فهناك خلط بين السياسة الخارجية والدبلوماسية وهناك فراغ في نحو 30 مركزا دبلوماسيا بين سفراء وقناصل، ففي غياب محركات الدبلوماسية لا يمكن القيام بدورها"، وأشار إلى أن "دبلوماسية المعارضة أقوى من دبلوماسية الدولة، فالمعارضة لديها جسور وعلاقات أكثر من السلطات وهي تسوّق لوجهة نظرها".

واعتبر رئيس المركز المغاربي للبحوث والدراسات في تونس ماجد البرهومي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "تونس ليست بمعزل عن العالم الخارجي، وتونس في محيط به عديد القوى والتكتلات الإقليمية، وهي في قلب البحر الأبيض المتوسط، في موقع استراتيجي بين قارتين، وقدرها أن تكون منفتحة على العالم الخارجي".

وأوضح أن "مسألة السيادة الوطنية حساسة ومهمة، ولكن واقعياً تونس اليوم في مرحلة فقدت فيها كثيراً من سيادتها بسبب ديونها للاتحاد الأوروبي ولصندوق النقد الدولي وللعديد من الدول، وهو ما يقلص من سيادتها، وهو ما يفسر أيضاً مواقف هذه الدول والتكتلات ووكالات التصنيف العالمية، وبالتالي لا يمكن أن نصم آذاننا عما يقال ويصدر من مواقف خارجية".

وبيّن أن "حيرة وقلق الأطراف الخارجية مما يحدث في تونس مفهوم بسبب غياب التواصل وتفسير وجهة نظر الدولة والتوضيح من السلطات الرسمية"، مشدداً على أن "عدم فهم الخارج هو فشل وضعف أداء سياسي ودبلوماسي، فدور الجهات الرسمية تقديم التفسيرات ووجهة النظر وليس العكس".

وأشار البرهومي إلى أن "الموقف الخارجي منذ 25 يوليو/تموز 2021 في تذبذب وتململ، فالسلطة منذ البداية لم تفسر للعالم ما يحدث في تونس، وحقيقة الأوضاع والواقع، في البداية انتصرت وجهة نظر المعارضة وتم تبنيها من قبل الخارج ثم بعد إعلان خريطة ومسار سياسي تحول الموقف إلى نوع من القبول ولكن مع ضرورة التسريع والمشاركة والخروج من المرحلة الاستثنائية".

وأضاف "اليوم، مع تصاعد موجة الاعتقالات، دون توضيح من ناطق رسمي حكومي أو مصدر قضائي، فإن ذلك يجعل الجميع في حيرة، وليس الخارج فقط، فنحن أيضاً نريد أن نفهم ما يحدث"، وبيّن أنه "لا يمكن إصدار أحكام دون براهين واضحة وأدلة دامغة، فلا يجب أن يظلم أحد كما لا يجب تتفيه ما يحدث".

وأفاد بأنه "من حق هذه الدول أن تفهم ما يحدث في تونس، لأننا مدينون لهذه الدول ولتعلم قدرة هذه الحكومات على سداد أقساط ديونها وقروضها وقدرتك على حماية استثماراتها".