تتوالى الشهادات حول قيام جندي إسرائيلي بخطف رضيعة من قطاع غزة، قبل مقتله لاحقاً في المعارك مع المقاومة الفلسطينية، فيما لم يُعرف مصيرها حتى اليوم.
وكشف عن هذه القصة خلال مقابلتين إذاعيتين إسرائيليتين في اليومين الماضيين، فيما علم "العربي الجديد" أن بعض الجهات الحقوقية تحاول التأكد من الرواية ومعرفة مصير الرضيعة.
وتحدث شقيق الجندي القتيل هارئيل إيتاح، من مدينة نتانيا، لإذاعة "ريشت بيت" العبرية، أمس الاثنين، حول ما اعتبره "مناقب" شقيقه والجانب "الإنساني" لديه، ليشير إلى أن شقيقه أرسل رضيعة وجدها كانا بين الركام في غزة إلى إسرائيل.
وقبل ذلك بيومين كان صديق الجندي القتيل قد أشار إلى الرواية ذاتها أيضاً خلال حديثه لإذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقال شقيق الجندي القتيل: "لقد أنقذ الكثير من الأرواح في هذا العالم. حتى أنه أنقذ حيوانات. في غزة، خلال المعارك وجد كلبة تتجول جائعة، والتي كانت معهم لعدة أيام وقدّم لها من الطعام القليل الذي كان لديه ونقلها إلى إسرائيل. هذا ما حدث أيضاً مع رضيعة غزيّة وجدها بين الأنقاض. كانوا (الجنود) يقومون بعمليات تمشيط بين الأنقاض من أجل البحث عن معلومات وغير ذلك، وعندها وجد الرضيعة ونقلها إلى إسرائيل".
"جلب رضيعة باكية إلى البلاد"
من جانبه، كان صديق للجندي القتيل قد تحدث في آخر أيام 2023 إلى إذاعة جيش الاحتلال واعتبر أن من بين أعماله "الإنسانية" عثوره على رضيعة في غزة ونقلها إلى إسرائيل.
وفي الجزء المتعلق بالطفلة، كان الحوار في إذاعة الجيش على النحو التالي:
- أنت تتحدث عن قلبه الكبير، وأنا أفهم أن هناك قصة حول رضيعة أنقذ حياتها في غزة، هل يمكنك أن تحدّثني عن ذلك؟
- نعم
- ماذا؟
- لقد تحدّث (الجندي قبل مقتله) إلى أحد الأصدقاء خلال فترة وجوده في غزة وأخبره بأنه في أحد البيوت التي دخلها سمع بكاء رضيعة، وقرر إخراجها وإرسالها إلى البلاد (إسرائيل) رغم كل الفظائع التي شاهدها في (كيبوتس) ناحل عوز وفي غزة. لقد قرر وضع قلبه قبل كل هذا، وقام بالعمل الصحيح، هذا هو الشخص!
- لحظة لحظة، للحظة لقد فوّتُ شيئاً، هو عثر على الرضيعة تبكي، وما الذي فعله معها؟
- لقد أعادها إلى البلاد.
- قام بجلب الرضيعة الباكية إلى البلاد؟!
- نعم، اهتم بها.
- بالتأكيد أنت لا تعرف عن هذه الطفلة اليوم، ولكن يبدو أن عائلتها قُتلت هناك أو شيء كهذا، وهو رأى أنه لا يوجد هناك أي قريب لها يمكن أن يهتم بها وأن يأخذها.
- صحيح.
- اسمع، هذه قصة سنسمع عنها يوماً ما، عندما تكبر هذه الرضيعة.
- إنه شخص سيسمعون عنه كثيراً وسيتحدثون عنه، وسيعرفون أي شخص كان وأي صديق وأي ضابط كان.
السلطة الفلسطينية تطلب تسليم الرضيعة
إلى ذلك، طالبت السلطة الفلسطينية اليوم الثلاثاء، بتسليمها الطفلة الرضيعة. وقالت وزارة الخارجية في بيان لها، إن تفاصيل حادثة الخطف "تعمق القناعة لدينا بأن جيش الاحتلال يرتكب أفظع جرائم الإبادة والتنكيل والقتل المباشر والاختطاف بحق المدنيين العزل في قطاع غزة".
وطالبت الوزارة الجانب الإسرائيلي بسرعة الإجابة عن الأسئلة حول مصير الرضيعة وكيفية خطفها من قطاع غزة إلى إسرائيل بمعرفة الجنود.
من جانبه، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء، إن مئات العائلات في قطاع غزة أبلغت عن فقدان أطفالها، مضيفاً أنه "من الصعب التحقق من مصيرهم بسبب استمرار التوغل الإسرائيلي وصعوبة إزالة الركام وتعذر الاتصالات والإنترنت وتشتت العائلات بفعل النزوح القسري".
وقال المرصد في بيان إن سلطات الاحتلال مطالبة بالكشف عن مصير أطفال نقلتهم قسرًا أو اختطفهم جنودها من قطاع غزة، وتسليمهم إلى ذويهم، مضيفاً: "ننظر بخطورة بالغة إلى ما كشفته وسائل إعلام إسرائيلية عن خطف ضابط إسرائيلي رضيعة فلسطينية من القطاع بعد قتل عائلتها".
وأفادت مصادر فلسطينية في الآونة الأخيرة عن قيام جيش الاحتلال بإعدامات ميدانية وتصفية عائلات خلال الاقتحام البري للأحياء السكنية في شمال قطاع غزة.
قال المرصد الأورومتوسطي إن الجيش الإسرائيلي أعدم مسنًّا فلسطينيًّا بإطلاق النار بشكل مباشر عليه خلال محاولته شرح طبيعة الإعاقة التي يعاني منها أبناؤه بعد اعتقالهم من منزلهم في مدينة غزة.
وأفاد المرصد الأورومتوسطي في بيان سابق، بأنه تلقى معلومات بأن قوة إسرائيلية أمرت السكان بإخلاء بناية سكنية للمسن كامل محمد نوفل (65 عامًا)، وهو موظف متقاعد في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا)، في حي الشيخ رضوان في مدينة غزة.
وأضاف المرصد: "على أثر الأوامر الإسرائيلية، خرج السكان مع المسن المذكور وزوجته فاطمة جميل تمراز (63 عامًا)، وثلاثة من أبنائه وزوجاتهم وأبنائهم، وأغلبهم من ذوي الإعاقة (صم وبكم وضعاف نظر)، وعددهم جميعًا 23 شخصًا، منهم 9 أطفال، أصغرهم بعمر 4 أشهر".
وتابع: "بعد محاولة الجنود الإسرائيليين احتجازهم، وعدم تمكنهم من السير وفق تعليمات الجيش بسبب إعاقة بصرية ليلية يعانون منها، حاول المسن نوفل أن يشرح للجنود باللغة العبرية التي يجيدها أن أبناءه حسام (40 عامًا)، وأحمد (36 عامًا)، ومحمود (32 عامًا)، وابنته وفاء (31 عامًا)، هم من الصم والبكم، فما كان من الجنود إلا أن أطلقوا عليه النار مباشرة، ما أدى لمقتله على الفور أمام أفراد أسرته"، فيما لم يعرف مصير المختطفين حتى اليوم.
وأشار المرصد إلى توثيقه سلسلة حالات تكشف عن تورط جنود إسرائيليين في سرقات ممنهجة لأموال ومتعلقات الفلسطينيين، بما يشمل الذهب ومبالغ مالية وهواتف نقالة وأجهزة كمبيوتر محمولة.