كشف مسؤول عراقي رفيع، في العاصمة بغداد، اليوم الخميس، عن تفاصيل الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مع ممثلين وقيادات في الكتل السياسية الشيعية الخمس بالبرلمان، ليلة أمس الأربعاء، عقب انتهاء الجولة الثالثة للحوار الاستراتيجي العراقي الأميركي، بناء على طلب تلك الكتل، مؤكدا أن الكاظمي أكد تعذّر تحديد أي تاريخ مسبق للانسحاب الأميركي من العراق في الوقت الراهن، كما تطالب القوى السياسية والفصائل المسلحة الحليفة لطهران.
وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن، قد ترأسا جلسة الحوار التي انطلقت عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، مساء أمس الأربعاء، واستمرت لنحو ثلاث، وانتهت ببيان مشترك أعلن فيه الجانبان عن اتفاق بشأن دور تدريبي واستشاري للقوات الأميركية في العراق، ودعم أميركي للعراق في المجالات الصحية والثقافية والتنموية المختلفة، فضلا عن دعم بغداد في تنظيم عملية الانتخابات المبكرة المزمع إجراؤها في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
والخميس، كشف مسؤول عراقي بارز في بغداد، لـ"العربي الجديد"، عن جانب من تفاصيل الاجتماع، مبينا أن ممثلين عن القوى السياسية الشيعية الرئيسية، وهي "سائرون، الفتح، دولة القانون، الحكمة، الفضيلة"، عقدوا اجتماعاً استمر ما يقارب أربع ساعات، برعاية زعيم تحالف عراقيون عمار الحكيم، في منطقة الجادرية وسط بغداد، مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية العليا.
وبيّن المصدر، أن "الاجتماع جاء لغرض مناقشة نتائج حوار الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، وتحديداً في ما يتصل بقضية وضع إطار زمني لخروج القوات الأميركية من العراق، فكان هناك موقف متشدد من تلك القوى بشأن ضرورة أن يكون هناك جدول زمني لخروج كافة القوات خلال الأشهر الستة المقبلة، وهو مقارب لطروحات زعيم "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال إسماعيل قاآني، خلال زيارته الأخيرة لبغداد قبل يومين".
وأضاف أن "القوى السياسية تلك طالبت أيضا بضرورة وجود تمثيل لها في جولات الحوار مع واشنطن، من خلال لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، وطالبت بضرورة تحديد مهام وطلعات طيران التحالف الدولي والأميركي، وحصره بموافقات عراقية مسبقة".
وكشف عن أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي "رفض إعطاء موعد محدد للانسحاب الأميركي من العراق، وأكد أن هذا الأمر يعتمد على حاجة العراق إلى هذا التواجد لغرض تقديم الدعم الجوي والاستشارة والمعلومات الاستخباراتية، كما قدمت القيادات الأمنية والعسكرية شرحا مفصلا عن أهمية ودور التحالف الدولي والقوات الأميركية في مواجهة تنظيم (داعش) والتحديات الأمنية الأخرى".
والخميس، قال نائب رئيس لجنة العلاقات في البرلمان العراقي، ظافر العاني، إن لديهم ثقة في الفريق العراقي المفاوض، موضحا، في تغريدة على موقع "تويتر": "لدينا ثقة بأن الفريق العراقي في وزارة الخارجية، والذي يتفاوض مع الجانب الأميركي حول تحديد أطر ومستويات العلاقة المستقبلية بين البلدين، لديه من الأهلية والصلاحيات ما يجعله يضع مصلحة الشعب العراقي على رأس أولوياته دون الفتات لأية إملاءات أخرى".
لدينا ثقة بأن الفريق العراقي في وزارة الخارجية والذي يتفاوض مع الجانب الامريكي حول تحديد أطر ومستويات العلاقة المستقبلية بين البلدين لديه من الأهلية والصلاحيات مايجعله يضع مصلحة الشعب العراقي على رأس أولوياته دون إلتفات لأية إملاءات أخرى .
— ظافر العاني (@DhaferAlani) April 8, 2021
في المقابل، اعتبر المتحدث باسم مليشيا "كتائب سيد الشهداء"، إحدى الجماعات المسلحة الحليفة لطهران في العراق، كاظم الفرطوسي، أن "المفاوضات بين الطرفين كانت غير متكافئة من الناحية الفنية والناحية التمثيلية (المفاوضين)".
وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "انسحاب القوات الأميركية، أمر ليس قابلا للتفاوض، بل يجب تنفيذه من قبل الحكومة، لا التفاوض أو المماطلة فيه، خصوصاً مع وجود قرار من البرلمان العراقي يقضي بإنهاء كل التواجد الأجنبي من العراق".
وبيّن أن "الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي، لن تأتي بجديد، وهي لا تختلف عن الحوارات السابقة، ولغاية الآن لا يوجد حسن نية من قبل الولايات المتحدة الأميركية لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه مع العراق، خصوصاً فيما يتعلق بالانسحاب العسكري من البلاد"، وفقا لقوله. وشدد على أن "الحكومة العراقية مطالبة بوضع جدول زمني معلن للانسحاب الأميركي من العراق، وعدم جعل الأمر متروكا من دون تحديد موعد معلن، فهذا الأمر مرفوض من فصائل المقاومة والقوى السياسية والقواعد الشعبية".
وعقب صدور البيان الختامي للاجتماع العراقي الأميركي، أمس الأربعاء، أعلنت وزارة الخارجية العراقية أن القوات الأجنبية ستنتشر خارج العراق ضمن جدول زمني محدد، وقال المتحدث باسم الوزارة، أحمد الصحاف، في بيان، إن "وجود القوات الأميركية بعد الحوار أصبح يقتصر على الاستشارة والتدريب، والقوات الأجنبية ستنتشر خارج العراق ضمن جدول زمني محدد، وتم الاتفاق على عدم وجود قوات قتالية في العراق".
بدوره، وجّه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بتشكيل لجنة فنية لتنفيذ مخرجات الحوار. وقال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، في بيان، فجر اليوم الخميس، إنه "على ضوء مخرجات الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي، فقد وجه الكاظمي بتشكيل لجنة فنية برئاسة رئيس أركان الجيش لعقد محادثات فنية مع الجانب الأميركي".
وأوضح رسول أن "تشكيل اللجنة يأتي لغرض إقرار الآليات والتوقيتات المتعلقة بتنفيذ مخرجات الحوار الاستراتيجي، في الجانبين الأمني والعسكري".
وفي تغريدة للكاظمي على حسابه في موقع "تويتر"، دعا إلى الابتعاد عن لغة السلاح والحروب والصراعات، واعتماد لغة الحوار في حل الأزمات، وقال: "نتائج الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي بوابة لاستعادة الوضع الطبيعي في العراق، وبما يستحقه العراق، وهو إنجاز جدير أن نهنئ به شعبنا المحب للسلام.. الحوار هو الطريق السليم لحل الأزمات، شعبنا يستحق أن يعيش السلم والأمن والازدهار، لا الصراعات والحروب والسلاح المنفلت والمغامرات".
نتائج الجولة الثالثة من الحوار الإستراتيجي بوابة لاستعادة الوضع الطبيعي في العراق، وبما يستحق العراق، وهو إنجاز جدير أن نهنىء به شعبنا المحب للسلام.
— Mustafa Al-Kadhimi مصطفى الكاظمي (@MAKadhimi) April 7, 2021
الحوار هو الطريق السليم لحل الأزمات، شعبنا يستحق أن يعيش السلم والأمن والازدهار، لا الصراعات والحروب والسلاح المنفلت والمغامرات.
وعقدت جولة الحوار في ظل أجواء أمنية متوترة، إذ صعّدت المليشيات الموالية لإيران، أمس، هجماتها على أرتال التحالف الدولي في العراق، ونفذت ثلاثة تفجيرات استهدفتها بمناطق متفرقة من البلاد.