شهدت المنظومة العسكرية والأمنية المصرية في سيناء في الأيام القليلة الماضية، تغييرات كبيرة بعيداً عن أي إعلان رسمي حكومي أو أمني، على الرغم من حساسية الملفات بيد الضباط والأمنيين هناك، وكذلك المنطقة التي يخدمون فيها. ويبرز على رأس الملفات الأمنية في المنطقة ملفا المخدرات والعمليات العسكرية على الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى عمليات مكافحة الإرهاب.
وشملت التغييرات عدداً من القيادات في قوات حرس الحدود والجيش والمخابرات الحربية، بالإضافة إلى ترقية عدد من المسؤولين في هذه الأجهزة، ونقل آخرين إلى خارج سيناء، واستقدام بدلاء لهم من محافظات أخرى.
محمد جحوش قائداً جديداً لحرس الحدود
ومنذ اللحظة الأولى لتعيين اللواء أركان حرب محمد جحوش قائداً لحرس الحدود، أواخر يونيو/حزيران الماضي، سارع إلى زيارة محافظة شمال سيناء، التي كان يعمل فيها حاكماً عسكرياً لمدينة بئر العبد (شماليّ سيناء) لعدة سنوات. وربما كان هذا العمل السابق لجحوش من أبرز الدعائم التي اختير على أساسها لهذا المنصب الجديد، خصوصاً في ظل انتشار المخدرات في شبه الجزيرة، فهو من أبرز المحاربين لهذه الظاهرة، وله عداءات كبيرة مع تجار المخدرات والمهربين.
ويأتي جحوش أيضاً، الخبير في دروب سيناء، لضبط الحالة الأمنية على الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي في أعقاب عملية الجندي محمد صلاح الشهر الماضي، التي أدت إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين، إضافة إلى الجندي المصري.
وأجرى القائد جحوش تغييرات في الضباط المسؤولين عن العمل في المناطق الحدودية، في ظل خطته لضبط الحالة الأمنية الداخلية المتعلقة بعمليات تهريب المخدرات وزراعتها. وتُعتبر مكافحة التهريب والمخدرات جزءاً أساسياً من عمل قوات حرس الحدود المصرية، إلى جانب عملها وفق قرارات سيادية لضبط الحدود مع الاحتلال، واتخاذ الإجراءات اللازمة لعدم تكرار عملية محمد صلاح، وذلك بالمتابعة مع المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين الذين هم على اتصال مباشر مع ضباط حرس الحدود المصري والمخابرات الحربية التي تتولى التحقيق في مجريات الحادثة الأخيرة.
نقل ضباط إلى خارج سيناء
وفي التفاصيل، ذكرت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، أنه خلال الأيام الماضية "نُقل عدد من ضباط الجيش والمخابرات الحربية وحرس الحدود، الذين كانوا على علاقة مع الأهالي، إلى خارج سيناء، واستُقدِم ضباط جدد".
وأضافت أنه "رُقِّي عدد من الضباط العاملين في سيناء، ومن هؤلاء قائد مكتب المخابرات الحربية في مدينة بئر العبد، العقيد شادي زغلول، وقائد قوات تأمين مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء، العقيد حسن نخلة، وكذلك عدد من الضباط العاملين على الحدود المصرية مع الاحتلال".
مصادر قبلية:
جرى ترقية عدد من الضباط العاملين في سيناء
وأشارت المصادر إلى أن قوات حرس الحدود بدأت بـ"عمليات تمشيط للمناطق الجبلية المحيطة بالحدود (مع الاحتلال) وكذلك ملاحقة زراعة المخدرات في حملة منفصلة عن تلك التي تقوم بها وزارة الداخلية ممثلة بإدارة مكافحة المخدرات".
حملات ضد مهربي المخدرات
وزار جحوش سيناء أخيراً، والتقى المسؤولين العسكريين الميدانيين، وعلى إثر ذلك بدأت حركة التنقلات والتغييرات والترقيات، وكذلك حملات ملاحقة المهربين وزارعي المخدرات. ويواجه جحوش في مهمته عدداً من المعضلات، أبرزها امتلاك أصحاب الأراضي التي تُزرع فيها المخدرات، للسلاح، وسبق أن واجهوا حملات حرس الحدود، وأدى ذلك إلى وقوع قتلى من الطرفين.
كذلك يواجه معضلة التهريب على الحدود في ظل وعورة التضاريس، وعدم وجود إمكانات حديثة للمراقبة والتعقب كالتي تتوافر لدى الاحتلال الإسرائيلي.
وأنهى عدد من الضباط العاملين في سيناء، عملهم هناك، وغادروها باتجاه محافظات أخرى. وأبلغ عدد من الضباط شيوخ القبائل الذين تربطهم بهم علاقة شخصية، بأنهم على وشك إنهاء المهمة في سيناء والانتقال للعمل في مناطق أخرى، أو في الجهاز نفسه في القاهرة.
ولفتوا إلى أن إنهاء المهمة سيأتي بعد طرد الإرهاب من سيناء، وهدوء الوضع الأمني، وإنهاء ملفي المخدرات والتهريب بشكل كامل، من قبل أشخاص جدد، على غرار ما تحقق من إنجاز في ملف مكافحة الإرهاب سابقاً.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد صدّق أخيراً، على إجراء تغييرات محدودة داخل القوات المسلحة. وشملت التغييرات قائد قوات الحرس الجمهوري، المسؤول الأول عن تأمين الرئاسة والرئيس، ورئيس هيئة العمليات، ورئيس الاستخبارات الحربية، وقائد حرس الحدود، وقائد المنطقة الغربية وهيئة التنظيم والإدارة، وكذلك عدد من الأفرع والهيئات الرئيسية في القوات المسلحة المصرية.
وخلال شهر إبريل/ نيسان الماضي، شنّت قوات الجيش والشرطة المصرية حملات على مهربي المخدرات في محافظة جنوب سيناء، شرقيّ البلاد، بعد تضييق الخناق على المهربين وزارعي المخدرات في شمال سيناء، إثر انتهاء عمليات مكافحة الإرهاب في مناطقها.
مواجهات واشتباكات مع مهربي المخدرات
وتحدثت مصادر قبلية حينها لـ"العربي الجديد"، عن مواجهات بين قوات الأمن ومهربي المخدرات، تلت دهم عدة مناطق زراعية بحثاً عن مزروعات مخدرات وأماكن تخزينها. كذلك شملت المواجهات طرقات تُستخدم في نقل المخدرات من جنوب سيناء إلى مناطق أخرى.
وأوضحت المصادر أن قوات حرس الحدود استخدمت للمرة الأولى طائرات مروحية لاستهداف سيارات المهربين، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوفهم. وقُتل وأصيب عدد من قوات الأمن في الاشتباكات.
مصادر قبلية:
جنوب سيناء بات ملاذاً لزراعة وتجارة المخدرات
وأوضحت أن "جنوب سيناء بات ملاذاً لزراعة وتجارة وترويج المخدرات التي تُوزَّع داخل مصر، ويُهرَّب جزء منها إلى إسرائيل عبر الحدود بين سيناء والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948".
وأشارت إلى أن قوات الأمن تجد صعوبة في ملاحقة تجار المخدرات جنوب سيناء، نظراً إلى الطبيعة الجغرافية الوعرة التي تتسم بها غالبية مناطق هذه المحافظة، خصوصاً المناطق التي تزرع مخدرات فيها بين جبال ووديان، وهو ما منع السيطرة على انتشار هذه الآفة حتى اليوم، رغم أن الحملات الأمنية مستمرة منذ عقود في هذه المناطق.