أمام واحدة من أعرق الكنائس التاريخية شمالي إدلب، تظاهر عشرات الشبان والرجال، مساء الخميس، حاملين أعلام الثورة السورية، ورافعين شعارات تندد بممارسات النظام السوري على خلفية الاضطهاد الذي طاول السوريين طوال 12 عاماً من الحراك في البلاد، لا سيما الخناق الأمني والاقتصادي والمعيشي الأخير، كما رفعوا أصوات التضامن مع المحافظات السورية التي عبّرت عن غضبها من ذلك الخناق، لا سيما محافظة السويداء، التي تربطهما بسكانها صلات القرابة والدين، كما يقولون.
وكنيسة قلب لوزة تتربع وسط القرية التي تحمل الإسم نفسه في جبل سماق شمالي محافظة إدلب، الذي تقطنه غالبية من المسلمين الموحدين الدروز، اللذين اعتنقوا المذهب قبل نحو ألف عام، وغادر بعضهم نتيجة الاضطهاد إلى لبنان وجبل العرب في السويداء، ليسكن من بقي منهم حوالي 18 عشر قرية في جبل سماق.
قبل أيام، انفجر سكان محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، بوجه السلطات الأمنية للنظام، نتيجة الخناق الاقتصادي والأمني، وسياسة الإفقار الممنهج التي يتبعها النظام، ولا تزال المحافظة تتظاهر في أكثر من نقطة لا سيما في مركزها، مع رفع السقف والمطالبة برحيل رأس النظام بشار الأسد وإسقاط نظامه، وإجلاء القوى الأجنبية عن البلاد، في مقدمتها إيران. وأخيراً، أيدت مشيخة عقل الطائفة الدرزية في سورية الحراك، ما يمنحه زخماً مختلفاً.
وقال ناصيف ناصيف، وهو شاب درزي من جبل سماق قصد قرية قلب لوزة للمشاركة في التظاهر وقاد هتافاتها: "جئنا لندعم الحراك الأخير في كل المحافظات السورية، وفي المقدمة أهلنا وأبناء عمومتنا من (بني معروف) في السويداء".
وأضاف لـ"العربي الجديد": "شعارنا (عاشت سورية ويسقط بشار الأسد)، ونحن نقف مع كل حراك ضده في أي محافظة سورية، وليس فقط في السويداء... (الدين لله والوطن للجميع)، والنظام قصف واضطهد وجوّع كل السوريين ونريد أن يستمر الحراك حتى إسقاط هذا النظام المجرم".
المسن فايز رزق، من قرية قلب لوزة، قال لـ"العربي الجديد" إن هذه التظاهرة "تحية منا نحن سكان جبل سماق للحراك في السويداء ودرعا وجميع المحافظات السورية.. نعبر عن تضامننا معهم وندعو لهم بالنصر".
لا يريد رزق تخصيص السويداء لارتباطهم مع سكانها بالقرابة والدين بالدعم والمساندة، قائلا: "الشعب السوري واحد، نحن ندعم كل المحافظات وتحركاتها، ونتمنى من جميع المحافظات التي يسيطر عليها النظام الانضمام إلى الحراك من دون خوف".
يضيف: "النظام قصف وجوع وهجر الناس قسرياً وأجبرهم على الرحيل، في كل المحافظات السورية من دون استثناء".
نايف شعبان، وهو ناشط سياسي من محافظة إدلب، جاء ليشارك في تظاهرة قلب لوزة، قال لـ"العربي الجديد" إن "اللحظات الأخيرة للنظام السورية باتت تلوح في الأفق، ونتمنى من المحافظات التي خرجت في الحراك حالياً أن تستمر حتى إسقاطه".
ووجه شعبان رسالة إلى حراك السويداء، وغيره في المحافظات الأخرى، بـ"ألا يلتفتوا لمن يقول إن ثورتكم ثورة جياع. نحن نعرفكم أهل عز وكرامة، ونعرف أنكم لم تقوموا بسبب الجوع بل بسبب الظلم"، مضيفاً: "كلنا جعنا في هذه الفترة من عمر الثورة، وكل أذناب النظام الذين يصفون هذا الحراك بأنه ثورة جياع فكلامهم مردود عليهم، هي ثورة مظلومين وثورة كرامة، ندعمكم من إدلب وشمال سورية عموماً، للوصول إلى إسقاط النظام وقيام سورية يحكمها السوريون على أساس الانتماء الوطني فقط".
ويعد جبل سماق الكتلة الثانية من كتل جبال حارم الثلاثة، ويرتفع حوالي 500 إلى 600 متر عن سطح البحر، حيث قرى: بنابل، قلب لوزة، بشندلنتي، كفر كيلا، عبريتا، جدعين، بشندلايا، كفر مارس، تلتيتا، حلي، كوكو، الدوير، عرشين، كفربني، كفتين، بيرة كفتين، معارة الأخوان، والتي يبلغ تعداد سكانها حوالي 20 ألف نسمة في الوقت الحالي.