تشهد محافظة درعا في الجنوب السوري تظاهرات شبه يومية، تطالب بإطلاق سراح المعتقلين في سجون النظام، وبإبعاد أجهزته الأمنية عن مدن وبلدات المحافظة.
وانضمت مدينة داعل بريف درعا الأوسط إلى جارتها مدينة جاسم، في حركة الاحتجاجات ضد النظام وأجهزته الأمنية، إذ شارك عشرات الأشخاص الليلة الماضية في تظاهرة ليلية، هتف خلالها المتظاهرون بإسقاط نظام بشار الأسد، وطالبوا بالإفراج عن المعتقلين من سجون النظام، ورفعوا لافتات مناهضة بشكل خاص لجهاز المخابرات الجوية.
كما شهدت مدينة جاسم لليوم الثاني على التوالي، تظاهرة حاشدة تخللتها هتافات ضد نظام الأسد، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين من سجون النظام، وسط انتشار لعناصر الأمن العسكري على سطح بناء المركز الثقافي، حيث قاموا بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين وفي الهواء، بهدف تفريقهم.
وبثت شبكات محلية مشاهد مصورة تظهر رفع علم الثورة السورية على الباب الرئيسي للمركز الثقافي، حيث تتمركز قوات النظام، ومحاولة ضابط من تلك القوات إقناع المتظاهرين بإزالة العلم، مع عدم تجرؤه على القيام بذلك بنفسه، خشيه تعرضه للاستهداف من جانب المتظاهرين.
درعا جاسم
— maysoon labbad (@LabbadMaysoon) December 24, 2022
ملازم في الأمن العسكري يطلب من متظاهري جاسم إزالة علم الثورة السورية الذي وضعه أحد الشبان أمام مقر الأمن العسكري في المركز الثقافي.
طبعاً سيادة الملازم الجبان لا يجرؤ على إزالة العلم أمام المتظاهرين خشية الدعس عليه pic.twitter.com/eSL8QKyKm5
وقال أحد أبناء المدينة من عائلة الزعبي لـ"العربي الجديد"، إنه "على الرغم من إطلاق النار على المتظاهرين، ومحاولات النظام المستمرة بث الفتن في المدينة ومحافظة درعا بشكل عام، وعلى الرغم من عمليات الاعتقال والاغتيال المستمرة، إلا أنه لم يستطع كسر روح الثورة لدى أبناء حوران، وما زالت درعا تضرب المثل في تحديها للنظام، ومنعه مع المليشيات الإيرانية التي يستقوي بها، من إحكام سيطرته على المحافظة".
وأضاف أن درعا و"الكثير من المحافظات السورية التي لا تسمح لها ظروفها بالاحتجاج العلني ضد النظام، لم تعد تطيق سطوة الأجهزة الأمنية، وما زالت في أحلك الظروف المعيشية، تؤكد رفضها العودة إلى حظيرة الاستبعاد، وتمسكها بالأهداف الأولى للثورة السورية في الحرية والعدالة".
وأكد أن النظام الذي "انكشفت عوراته تماماً، ويظهر اليوم عاجزاً عن تقديم أية خدمات مفيدة للسكان، ليس لديه ما يقدمه لهم سوى الترهيب عبر الاعتقالات والاغتيالات، لكنه لن ينجح في إخضاع الأهالي عبر هذه الأساليب".
وسبق أن أطلق ناشطون بدرعا حملة مناهضة لفرع الأمن العسكري، ورئيسه لؤي العلي، تعبيراً عن رفضهم سياسته القمعية ضد أبناء المحافظة، واتهموه بإدارة شبكات من المليشيات والخلايا الأمنية التي تنفذ عمليات الخطف والاعتقال والاغتيال.
ويرى الناشطون أن لؤي العلي هو عراب المشروع الإيراني في السويداء ودرعا والقنيطرة، ومهندس الاغتيالات فيها، من خلال عمله الأمني في شعبة الأمن العسكري.
ووثق "مكتب توثيق الشهداء" في "تجمع أحرار حوران"، اعتقال 17 شخصاً في محافظة درعا خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. ويؤكد المكتب أن فروع النظام الأمنية والمليشيات المدعومة من إيران، تقف وراء الكثير من عمليات الخطف في محافظة درعا، من أجل الحصول على الفدية المالية، حيث تعتبر مصدراً مهماً للتمويل الذاتي إلى جانب تجارة المخدرات.
ووثق المكتب بيانات 4360 معتقلاً من أبناء محافظة درعا في معتقلات النظام حتى سيطرته على المحافظة في صيف 2018، معظمهم باتوا في عداد المختفين قسرياً. وبعد سيطرة النظام على المحافظة، وثق المكتب 2723 حالة اعتقال من أبناء المحافظة.
وعلى الرغم من عودة قوات النظام إلى محافظة درعا من خلال المعارك أو عبر اتفاقيات التسوية، فإنها لا تزال عاجزة عن فرض سيطرتها عليها، حيث تشهد مدنها وبلداتها تظاهرات مستمرة مناهضة للنظام، إضافة إلى استهداف قوات النظام وعناصره الأمنية.
ونصت اتفاقيات التسوية آنذاك، والتي جرت برعاية روسية، على سحب السلاح الثقيل والمتوسط، مقابل وعود روسية بتنفيذ مطالب أهالي المنطقة، التي تتلخص بالإفراج عن المعتقلين، ورفع المطالب الأمنية، وسحب الجيش إلى ثكناته، وعودة الموظفين المفصولين. غير أن سلطات النظام لم تنفذ معظم هذه البنود، لكنها لم تتمكن من تهجير أعداد كبيرة من أبناء المحافظة إلى الشمال السوري، كما فعلت في مناطق أخرى، الأمر الذي أبقى على الكثير من الناشطين والقادة المحليين والذين أسهموا في بقاء جذوة الثورة متقدة في المحافظة، على الرغم من استهدافهم المستمر من جانب النظام، عبر الاعتقالات والاغتيالات وعمليات التهجير.