تظاهرات الصدريين تهدّد وحدة "الإطار التنسيقي": انقسام في 3 اتجاهات

02 اغسطس 2022
يرصد مراقبون وجود اختلاف بالتوجهات داخل قوى الإطار قد ينذر بتفككه (Getty)
+ الخط -

مع دخول اعتصامات أنصار "التيار الصدري"، في مبنى البرلمان العراقي، يومها الرابع، التي أثبتت قدرة على الاستقطاب الشعبي الكبير، واتساع رقعة الاحتجاجات والتأييد في بغداد والمحافظات الأخرى، وهو ما لم يستطع تحشيده الطرف الآخر في تحالف "الإطار التنسيقي"، بدت ملامح الانقسام السياسي تهدد وحدة هذا التحالف، الذي يضم قوى حليفة لإيران، خاصة بعد عدم اجتماع رأيهم بشأن تظاهرات أنصارهم التي خرجت يوم أمس الاثنين.

ولم تخرج في تظاهرات "الإطار" أعداد كفيلة بمواجهة المد البشري لـ"التيار الصدري"، حيث اقتصر المشاركون على جمهور "حزب الدعوة" بزعامة نوري المالكي، وأعضاء جماعة "عصائب أهل الحق"، بزعامة قيس الخزعلي، وكذلك جمهور عمار الحكيم، زعيم "تيار الحكمة"، فيما تجنبت القيادات الأخرى داخل "الإطار التنسيقي" التعليق على التظاهرات أو المشاركة فيها، ما يشير بوضوح إلى تباينات حادة داخل التحالف.

وكان المسؤول العسكري لمليشيا "كتائب حزب الله"، أبو علي العسكري، قد أكد في تغريدة له أنه لا علم لهم بدعوة التظاهر على أسوار المنطقة الخضراء.

ومع إصرار زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، على استمرار الاعتصامات، حتى تغيير العملية السياسية، واشتداد الأزمة، وتزايد الدعم الشعبي والعشائري للصدر في عموم المحافظات، بدت مواقف زعامات "الإطار" منقسمة بثلاثة اتجاهات: الأول يمثل الاتجاه المتطرّف، ويقوده المالكي والخزعلي، والآخر الاتجاه المعاكس الذي يرفض التصعيد ويبحث عن فتح حوار مع الصدر لإنهاء الأزمة، ويمثل هذا الاتجاه زعيم "تحالف الفتح" هادي العامري، وزعيم "تيار الحكمة" عمار الحكيم، وزعيم "ائتلاف النصر" حيدر العبادي. والاتجاه الثالث هم المتفرجون، الذين لم يتبنوا موقفاً واضحاً، لا ضد الصدر ولا مع المالكي والخزعلي، ولم يعترضوا على دعوات الحوار، وهذا الطرف تمثله بعض الفصائل المسلحة المنضوية ضمن "الإطار".

وأمس الاثنين، وبعد أقل من ساعة من دعوة أطلقها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، للأطراف السياسية للتوجه نحو حوار وطني، عبر تشكيل لجنة تضمّ ممثلين عن كلّ الأطراف لوضع خريطة طريق للحل، أبدى قادة في "الإطار" دعمهم المباشر للمبادرة.

وكان العبادي أول من أيد الدعوة، وقال في تغريدة له: "أعلن تأييد مضامين بيان رئيس الوزراء الخاص بالأزمة الحالية، وهي تلتقي مع مبادرتنا ودعواتنا للحوار والاتفاق على خريطة حل للأزمة الراهنة"، داعياً الأطراف كافة إلى "الاستجابة لها، والبدء بحوارات جادة وصادقة خدمة للشعب والدولة".

وأعلن الحكيم تأييده للمبادرة، وقال في بيان له مساء أمس: "نعلن تأييدنا لما جاء في بيان الكاظمي بخصوص الأحداث الأخيرة، التي تشهدها البلاد، والتي تبنينا الكثير مما ورد في بنودها مرات عدة للحيلولة دون انزلاق الوضع إلى ما لا تُحمد عقباه، ولا سيما ما يتعلق بركون وجلوس فرقاء وشركاء المشهد العراقي إلى طاولة حوار، تتبنى مبادرة وطنية شاملة تفضي إلى إنهاء الانسداد السياسي في البلاد".

وكان زعيم "تحالف الفتح" الممثل لـ"الحشد الشعبي"، هادي العامري، قد استبق تظاهرات "الإطار" بالدعوة إلى حوار بين "التيار الصدري" و"الإطار"، وحقن دماء العراقيين. فيما ردّ عليه المتحدث باسم الصدر، صالح محمد العراقي، في بيان، بالقول إنه "سيتنازل للقبول بدعوة الحوار، لكن بشروط"، وأضاف العراقي الذي يعرف أيضاً باسم وزير الصدر، ويتولى نشر مواقفه: "نكرّر دعوة الأخ العامري للحوار بين الإطار (الذي ينتمي إليه) وبين التيار الصدري الذي تخلّى عنه، وأقول: إننا لو تنازلنا وقبلنا الحوار فذلك مشروط، بانسحاب العامري وكتلته من الإطار، واستنكار صريح لكلام (سبايكر مان) الذي صرح به في التسريبات قبل أيام قلائل"، في إشارة إلى تسريبات نوري المالكي الأخيرة، وختم بالقول مخاطباً العامري: "كنتَ أنت من ضمن الموقعين على وثيقة إصلاحية.. ولم تنفذ.. فمن الضامن لتطبيق الحوار الإصلاحي؟ فعليك بتحديد ضامن لكي ننقذ العراق من أنياب الفساد".

من جهته، أكد نائب في البرلمان العراقي مقرب من "الإطار"، فضّل عدم ذكر اسمه، أن "هناك تواصلاً بين قيادات في الإطار وقيادات في التيار الصدري، لاحتواء الأزمة"، وأضاف النائب لـ"العربي الجديد"، أن "قيادات الإطار التي تؤيد الحوار على تواصل مع قيادات في التيار، وأن الصدر متمسك بشرط انسحاب العامري من الإطار للقبول بالحوار".

وأكد أن "إمكانية الانسحاب ما زالت قائمة للعامري وغيره، ولا سيما أنهم أيقنوا أن فرصة الإطار بتشكيل الحكومة باتت غير ممكنة، فضلاً عن أنهم يعتبرون أن بقاءهم في الإطار بات لا يمثل شيئاً مقابل إمكانية جر البلاد إلى الفتنة"، مشيراً إلى أن "الساعات المقبلة قد تحمل مفاجآت غير متوقعة، ولا سيما أن الإطار التنسيقي بات غير متماسك".

وأشّار الباحث في الشأن السياسي العراقي، شاهو القرة داغي، إلى وجود اختلاف بالتوجهات داخل قوى "الإطار"، وقال في تغريدة له: "المنصات الإعلامية التابعة لكتائب حزب الله تتجنب انتقاد خطوات الصدر أو نشر أي شيء بخصوص دعوات الإطار التنسيقي للتظاهر.. يبدو أنها غير مقتنعة بخطوات الإطار، وتفضل عدم الدخول في مواجهة مع التيار الصدري".

المساهمون