تشهد قضية "التآمر على أمن الدولة"، التي اعتُقل بسببها عدد من القيادات السياسية في تونس تطورات جديدة إثر سماع أحد المخبرين في القضية وفق الطلب الذي تقدمت به هيئة الدفاع عن الموقوفين، وقالت عضو هيئة الدفاع، دليلة مصدق، اليوم الأربعاء، لـ"العربي الجديد" إن المخبر أضاف أسماء جديدة لمن زعم أنهم متآمرون في حين ثبت أن بعض من ذُكرت أسماؤهم توفوا منذ 3 سنوات أي قبل أحداث القضية، إلى جانب وجود تضارب في أقواله.
وأوضحت المحامية مصدق أن "أحد المخبرين الذي تمت الإشارة إليه برمز ××× تم الاستماع إليه وعدل عن بعض التصريحات السابقة التي ثبت عدم صحتها"، مؤكدة أن "بعض الروايات التي قدمها تراجع عنها".
وبينت أنه لم يتم الاستماع بعد إلى مخبر آخر يشار إليه بالرمز ×× وإلى رجل الأعمال شفيق جراية، مضيفة: "عند الاستماع إلى المخبر ××× فقد أضاف أسماء جديدة وتحدث عن مسائل لا ترتقي إلى وقائع، وتحول من مخبر إلى شاهد وهذا منطقيا لا يجوز".
وفيما كشفت أنه قد "حصلت تعديلات مقارنة بما قدمه من إفادات في سماعه الأول والتي واقعيا ثبت زيفها"، أوضحت مصدق أنه "تحدث مثلا عن اجتماع لكمال لطيف (رجل أعمال) بهنري بيرنار ليفي (كاتب فرنسي مدرج اسمه في القضية) في بلجيكا وثبت أن لطيف لم يسافر البتة، فقال إنه يقصد ابنة أخي لطيف ثم اتضح أن شقيق لطيف ليست لديه ابنة، وبالتالي أمام هذا التضارب حصلت تعديلات لجلسات الاستماع الأولى".
وبينت المحامية أن "المخبر تحدث عن شخصيات تتآمر على 25 يوليو/ تموز وتبين أن هذه الشخصيات توفيت في 2020"، مشيرة إلى أنه "أقحم أسماء من العيار الثقيل تتحفظ الهيئة حاليا عن ذكرها". وختمت بالقول: "ما يحصل عبث كبير وتمت إثارة قضية جديدة تتعلّق بالتآمر على أمن الدولة أمام قطب مكافحة الإرهاب".
تحتل تهمة التآمر على أمن الدولة صدارة القضايا والملاحقات التي طاولت رموز المعارضة والنشطاء السياسيين في تونس، ليبلغ عدد المعتقلين والمطلوبين العشرات، بعدما تحولت إلى سلاح خطير يتربص بالمعارضين.
وتُمثل تهم التآمر على أمن الدولة، رغم اختلاف القضايا والحيثيات أساس حملة التوقيفات التي استهدفت شخصيات عديدة من السياسة والصحافة والمحاماة والقضاء والأعمال، في وقت يؤكّد محامو الدفاع طبيعتها المفتعلة لغياب القرائن والأدلة، وعدم احترامها لأبسط الإجراءات القانونية وضمانات المحاكمة العادلة.
وقال عضو هيئة الدفاع عن الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة، سمير ديلو، إن هناك تضاربا في المعطيات في شهادة المخبر، ولفت في تصريح لإذاعة "موزاييك" الخاصة، إلى أنّه "تم رفع قضية ثانية تمت إثارتها بخصوص التآمر على أمن الدولة، وتشمل شخصيات من العيار الثقيل منها رؤساء حكومات سابقون ومسؤولون كبار في الدولة".
وفي تعليق على تداول اسمها ضمن قائمة المشمولين الجدد بالتحقيق، قالت المديرة المستقيلة من ديوان الرئيس التونسي قيس سعيّد، نادية عكاشة (موجودة خارج تونس): "مرة أخرى يتم الزج باسمي داخل قائمة متكونة ممن لا يمكن أن يجمعني بهم أي شيء ممن عملوا على تشويهي عندما كنت ممارسة لمهامي على رأس ديوان رئاسة الجمهورية، ممن ألحقوا الضرر بي وبعائلتي وببلادي".
وأضافت في تدوينة على صفحتها بـ"فيسبوك": "في الحقيقة، ليس لي ما أقوله سوى الخزي والعار لفشلة دأبوا على الفبركة والتلفيق والتشويه كلما ضاقت عليهم الدوائر واستعصى عليهم إيجاد الحلول لما فعلوا بأيديهم".
وأضافت عكاشة: "آثرت منذ استقالتي احترام واجب التحفظ وابتعدت لعدة أسباب، ولكنني سأعود وسأدلي بما لديّ حتى يعلم التونسيون من الخائن ومن المتآمر ومن المتحيل".
واختتمت بالقول: "لمن لا يتوانون عن ذكر اسمي وذكر حتى أخي المتوفى للدفاع عن ملفاتهم، أقول: لقد أكرمتكم يوم كنتم أذلاء أما اليوم فأنتم لا تثيرون إلا الشفقة".
وقالت إذاعة "موزاييك"، اليوم الأربعاء، إن من بين المعنيين بملف التآمر الجديد، رئيس الحكومة الأسبق، يوسف الشاهد، ورئيس حركة النّهضة، راشد الغنوشي، ومستشاره المستقيل من النهضة، لطفي زيتون، ورئيس الحكومة الأسبق، علي العريض، وغيرهم.
وقالت إن قاضي التحقيق المتعهد بالملف سبق له أن أصدر أمس الثلاثاء بطاقة إيداع بالسجن في حق ريان الحمزاوي رئيس المجلس البلدي المنحلّ بالزهراء، وكذلك في حق عسكري متقاعد.
من جهتها، قالت المحامية إسلام حمزة: "تعهّد أمس الثلاثاء قاضي التّحقيق في قطب مكافحة الإرهاب بملف تآمر جديد.. فيه شخصيات سياسيّة وازنة متّهمة مثل العادة بتكوين وفاق إرهابي قصد التآمر على أمن الدّولة الدّاخلي والخارجي.. إلخ".
وأضافت في تدوينة على صفحتها بـ"فيسبوك": "عندما تتثبت من بعض الأسماء المُحالة تلقاهم واقعيّا ومنطقيّا من المستحيل أن يلتقوا حتى على كأس شاي، ما بالك بش (لكي) يتوافقوا على مؤامرة".
وتساءلت حمزة: "ماذا وراء إغراق قطب مكافحة الإرهاب بملفّات التآمر؟ هل هي مهزلة مؤقتة؟ أي مجرّد تلهية للرأي العام عن الجوع والفوضى التي تتربص بالبلاد.. وعبرة عابرة لكل من تخوّل له نفسه معارضة السلطة القائمة، أم أننا دخلنا رسميّا في مرحلة الاستبداد.. وهي محاولة جديّة لتجريف النّشطاء من السياسييّن والنقابيين وغيرهم عبر رمي بعضهم في السّجون والبعض الآخر في المنافي إلى حين التّمكين الكلّي؟ ماذا يجول يا ترى في عقولهم المُدبّرة إن افترضنا جدلا أن لديهم عقولاً؟".
واختتمت بالقول: "أمس صدرت أوّل بطاقة إيداع في ملف التآمر الجديد ونتوقّع رافال (سلسلة) جديد من الإيداعات في الأيام القليلة القادمة".