تضاربت الروايات في إسرائيل أمس الاثنين، حول عمليات الموساد الشهر الماضي، في محاولة إسرائيلية لجمع معلومات جديدة عن مساعد الطيار الإسرائيلي رون أراد الذي أُسقطت طائرته عام 1986، بينما كانت في طريقها لقصف مواقع لمنظمة "التحرير" في لبنان. فمع إعلان رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت بشكل مفاجئ أمس، خلال خطابه مع افتتاح الدورة الشتوية للكنيست، تنفيذ عملية معقدة ومركبة قام بها الموساد لجمع معلومات جديدة عن مساعد الطيار المذكور، سارعت وسائل الإعلام الإسرائيلية بداية إلى النقل عن مصادر أمنية قولها إن العملية لم تكن ناجحة، بل فشلت في تحقيق الهدف المرجو منها.
وزادت القناة الإسرائيلية الـ 12عندما نشرت أن رئيس الموساد الحالي دافيد برنيع، كان قد قال أخيراً في محافل مغلقة إن العملية رغم كونها مركبة، وشملت عدة بلدان، وبالرغم من الشجاعة التي أبداها عناصر الموساد، إلا أنها لم تحقق أي نتائج، ولم تأتِ بمعلومات جديدة.
واضطر نشر هذا التقرير وتقارير في القنوات الإسرائيلية المختلفة عن فشل العملية، بينت، الذي حاول من خلال الكشف عن العملية تقليد نهج سلفه نتنياهو بإعلان إنجازات للموساد، إلى إصدار بيان رسمي في وقت لاحق من مساء أمس، قال فيه إن العملية التي نفذها الموساد لجمع معلومات جديدة عن رون أراد كانت عملية ناجحة، نفذت وسط تحقيق أهداف ميدانية استثنائية، مضيفاً أن "عرض المعلومات أمام أعضاء الكنيست والجمهور العام أمر قيمي أخلاقي، يعكس الجهود والتزام إعادة أبنائنا، حتى بعد سنوات طويلة من وقوعهم في الأسر. كل نشر لمعلومات غير ذلك، كذب".
ومع أن بينت أراد من الكشف عن عملية الموساد التي قال إنها نفذت الشهر الماضي، عرض مكاسب وإنجازات لحكومته، خصوصاً في ظل نهج سلفه السابق نتنياهو بالتباهي بعمليات سرية مختلفة للموساد، أبرزها سرقة الأرشيف النووي الإيراني، إلا أن كشفه عن عملية الموساد بشأن رون أراد أثار انتقادات شديدة من قبل معارضيه، وخصوصاً في "الليكود"، الذين اتهموه بعرض إنجازات وهمية، وفق تعبير عضو الكنيست والجنرال السابق، يوآف غلانت.
وكانت طائرة رون أراد قد أُسقطت في أجواء صيدا اللبنانية في 16 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1986، وفيما تمكنت طائرة كوبرا إسرائيلية من استعادة ربان الطائرة، إلا أنها فشلت في تحديد موقع رون أراد الذي كان مساعداً للطيار. ووقع أراد في أسر حركة "أمل" الشيعية، وظلت مهمة إعادته لسنوات طويلة من أكبر أوجه الإخفاق الإسرائيلي، بالرغم من محاولات إسرائيل للحصول على معلومات عنه وعن مصيره، بما في ذلك إقدامها على اختطاف كل من مصطفى ديراني وعبد الكريم عبيد، لاستخدامهما ورقة مساومة لتنفيذ صفقة تبادل.
ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن معلومات متضاربة وصلت إلى إسرائيل عن مكان وجود أراد، بينها تقارير ألمانية، عام 1995، مفادها أن أراد كان محتجزاً في أحد سجون إيران، وتقرير لصحافي سوري كان معتقلاً في سجون النظام السوري، قال عام 1993 إنه التقى رون أراد. ومع أن تقريراً سرياً لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" قدر عام 2005 أن أراد قد توفي بفعل تراجع حالته الصحية، إلا أن رئيس حكومة الاحتلال آنذاك أرئيل شارون عارض إعلانه، باعتباره جندياً لا يعرف مكان دفنه.
وعلى مرّ تلك السنوات، لم تترك إسرائيل، بحسب "يديعوت أحرونوت"، جهة لم تحاول إبرام صفقة معها، مقابل مجرد معلومات عن مصير أراد أو وضعه الصحي، وضمن ذلك مفاوضات، عبر وسطاء، أيضاً مع "حزب الله" حيث تلقت إسرائيل عام 2000 بندقية أراد الشخصية. وفي عام 2008، حصلت على صورتين لأراد، ودفتر مذكراته في العامين الأولين له في الأسر.
وقبل خمس سنوات، سُمح في إسرائيل بنشر تقارير عن أن رون أراد قُتل خلال محاولته الهرب من مقر احتجازه في قرية النبي شيت عام 1998، وأن عناصر من "حزب الله" نبشت قبوراً في الموقع، وأرسلت إلى إسرائيل بشكل استثنائي رفات أحد الجثامين التي عثر عليها، إلا أن فحص الـ"دي إن إيه" نفى أن تكون لأراد.