تصريحات أبو مرزوق تحيي سؤال: ما كان يمكن للقاهرة فعله حيال غزة وحرب الإبادة؟

15 اغسطس 2024
جندي مصري على الحدود مع قطاع غزة، 4 يوليو 2024 (غيسيبي كاكاس/فرانس برس)
+ الخط -

جددت مذابح جيش الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة في قطاع غزة،وتصريحات القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق نقاشاً ولد منذ بدء العدوان على غزة قبل 10 أشهر حول ما هي الأوراق التي كان يمكن للقاهرة أن تستثمرها في سبيل الضغط لوقف الحرب، وهي أدوات وردت بشكل تهديد باهت وغير جدي على ألسنة مسؤولين مصريين، بدليل أن أياً من تلك التهديدات لم تُترجم أفعالاً رغم الخطر المباشر الذي يمثله عدوان القطاع على الأمن القومي المصري، لا سيما في ظل احتلال إسرائيل محور فيلادلفيا الحدودي، بين القطاع ومصر، في انتهاك واضح لاتفاقية كامب ديفيد للسلام بين القاهرة وتل أبيب. وكان بإمكان القاهرة أن تلوّح بشكل جدي بتعليق تلك الاتفاقية وبإعادة النظر بالعلاقة التي تربطها بتل أبيب، لو أرادت ممارسة ضغط حقيقي لوقف الحرب على قطاع غزة.

أوراق ضغط استذكرها القيادي في حركة حماس، موسى أبو مرزوق بكلامه قبل أيام، عن امتلاك مصر القدرة على وقف المجازر في قطاع غزة في يوم واحد، ومطالبته بانحياز مصر لجانب الشعب الفلسطيني، وعدم الاكتفاء بدور الوسيط، وهي التصريحات التي أثارت جدلاً. وكانت القاهرة قد لوّحت قبل شهور بشكل رسمي، عبر قنوات دبلوماسية وإعلامية، بتجميد معاهدة كامب ديفيد أو بعض بنودها، لا سيما في ما يتعلق بالترتيبات الأمنية، وكذلك التضامن مع دعوى جنوب أفريقيا، التي رفعتها أمام محكمة العدل الدولية، بداية العام الحالي، ضد إسرائيل، بتهمة خرق إسرائيلي لمعاهدة منع الإبادة الجماعية الموقعة عام 1948، وذلك لمنع إسرائيل من اجتياح مدينة رفح جنوبي القطاع.

تجاهل تل أبيب خطوط القاهرة الحمراء حيال غزة

لكن قوات الاحتلال ضربت بهذه التهديدات عرض الحائط، إذ لم تكتفِ باجتياح رفح، بل تجاهلت تل أبيب جميع خطوط القاهرة الحمراء باحتلال ممر فيلادلفيا، والاستيلاء على معبر رفح من الجانب الفلسطيني وتدميره، ما زاد من حرج موقف القاهرة. واضطرت مصر على لسان وزير خارجيتها السابق سامح شكري، لنفي تلويح مصر بتجميد العمل باتفاقية السلام. كذلك بقي الانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا حبراً على ورق ولم تلتزم القاهرة بترجمته سلوكاً.

ورأى الرئيس السابق لقسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، أن مصر "لم تعد وحدها قادرة على وقف الحرب"، لكنها تستطيع ذلك عبر تحرك "جماعي عربي يتبنى مواقف حازمة من الإجرام الصهيوني"، مثل قطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني ووقف التطبيع بشكل فوري وضمن مهلة قصيرة ومحددة.

أوان التحرك الفردي قد فات

وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن أوان التحرك الفردي قد فات "سواء من جانب مصر أو من قبل دول عربية أخرى، رغم معاناة العمل العربي المشترك من أزمة شديدة، وافتقاده لأي قيادة قادرة على حشد الأمة خلف القضية الفلسطينية كما حدث خلال عهود سابقة". ولفت إلى أن "قطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني، ووقف التطبيع، وطرد السفراء الصهاينة من العواصم العربية، وكذلك قطع أي شكل من أشكال التعاون الاقتصادي مع الاحتلال، أصبح فرض عين على كل الدول العربية، وفي مقدمتها مصر". 

عمرو هاشم ربيع: مصر لا تملك أوراقاً أو عصا سحرية لوقف الحرب على غزة

بدوره، اعتبر نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، عمرو هاشم ربيع، أن مصر لا تملك أوراقاً أو عصا سحرية لوقف الحرب على غزة، مضيفاً، في حديث لـ"العربي الجديد": "لا أدري لماذا يقصر البعض المطالبات بالتحرك لوقف العدوان، على القاهرة فقط". ورجّح أن تكون تصريحات أبو مرزوق "ورقة للضغط على القاهرة لتبنّي مواقف أكثر تشدداً ضد الاحتلال، بيد أنها تتجاهل أن إنهاء الحرب يشكل أولوية لدى مصر". وأوضح أنه "إذا لم يكن هذا (موقف مصر) انسجاماً مع نهجها التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية، فهو يعود لوقف الأضرار التي لحقت بقناة السويس، التي تشكل شرياناً حيوياً للاقتصاد المصري بفعل هذه الحرب".

حسين هريدي: اتفاقية السلام لا تعد ورقة مصرية يمكن مفاوضة تل أبيب بها

أما مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير السابق حسين هريدي، فقد نفى تلويح مصر رسمياً في أي وقت من الأوقات بتجميد العمل باتفاقية السلام، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لا توجد آلية في الاتفاقيات الدولية أو ضمن معاهدة السلام تتحدث عن التجميد، بل تتيح الاتفاقية إعادة التفاوض على بنود". وأضاف أن اتفاقية السلام "لا تعد ورقة مصرية يمكن مفاوضة تل أبيب بها، إذ تعكس الاتفاقية توجهاً استراتيجياً للدولة المصرية". وانتقد هريدي تصريحات أبو مرزوق، بوصفها "غير موفقة"، وأن غرضها فقط "تحميل مصر فوق طاقتها"، في وقت لا تمتلك فيه القاهرة هذه القدرة، "لا سيما أن حرب الاحتلال على غزة ليست حرب الدولة العبرية فقط، ولكنها مدعومة من أميركا وأوروبا، وإن كانت هذه الدول تتحرج في الإعلان عن ذلك بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة".

المساهمون