يسلط مقتل زعيم من السيخ يحمل الجنسية الكندية الضوء على تنامي عمل وكالة الاستخبارات الهندية واعتمادها على توسيع شبكتها في الغرب في ظل حكم ناريندرا مودي، وسط تصاعد الأزمة الدبلوماسية بين الهند وكندا بعد اتهام نيودلهي باغتياله.
وكان رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو قد اتهم الهند بالتورط في قتل هارديب سينغ نيجار، فيما أعلنت الحكومة الكندية عن طرد دبلوماسي هندي قالت إنه متورط في عملية الاغتيال.
ورفضت نيودلهي هذه الاتهامات، زاعمة أن كندا توفر مأوى للإرهابيين والمتطرفين الذين وصفتهم بأنهم يهددون أمن الهند.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلا عن مسؤول غربي، إن اتهام ترودو جاء بعد اعتراض المخابرات الكندية اتصالات بين دبلوماسيين هنود تشير إلى تورط نيودلهي في اغتياله.
وبحسب ما تقول الصحيفة نقلا عن خبراء أمنيين هنود، فإن الاستخبارات الهندية التي لطالما اتهمها جيرانها بتنفيذ عمليات في البلدان المجاورة، تبنت نهجا أكثر عدوانية في ظل مودي، ووسعت نطاق شبكات التجسس الخاصة بها في الغرب بما في ذلك المملكة المتحدة وكندا وألمانيا وغيرها.
وتضيف الصحيفة نقلا عن الخبراء ذاتهم "لقد قامت في السنوات الأخيرة الماضية بتنمية المزيد من الأدوات المحلية للمساعدة في مراقبة الأهداف وتبادل المعلومات، إلا أنها لم تنفذ عمليات قتل سرية كما قالت كندا".
وتشير "وول ستريت جورنال" في سياق التدليل على تبني وكالة الاستخبارات استراتيجية مختلفة إلى تصريحات مستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال قبل وقت قصير من تعيينه عام 2014، في حديثه عن مكافحة الإرهاب، والتي قال فيها "نحن بحاجة للانتقال من الموقف الدفاعي إلى الهجوم الدفاعي".
وأضاف حينها "من أجل الدفاع عن أنفسنا، سنذهب إلى المكان الذي تأتي منه الجريمة".
وقتل زعيم طائفة السيخ هارديب سينغ نيجار أمام معبد للسيخ بمدينة ساري التابعة لمقاطعة كولومبيا البريطانية، وكان قد فر من الهند عام 1997 بعد حملة قمع ضد تمرد السيخ في البنجاب.
واتهمت نيودلهي نيجار بالتآمر في أنشطة إرهابية من كندا وتأجيج الحركة الانفصالية لإنشاء وطن منفصل للسيخ يسمى خالستان.
ويؤكد الرئيس السابق لوكالة التجسس الرئيسية في كندا وارد الكوك أن جناح البحث والتحليل أي (وكالة الاستخبارات الهندية) لديه القدرة على تنفيذ اغتيالات على أرض أجنبية، مشيرًا إلى أن الدخول أو الخروج من البلاد وتنفيذ مثل هذا العمل يعد سهلا بالنسبة لها.
من جهته، قال مسؤول هندي إن القدرات الهجومية لوكالة الاستخبارات الهندية ارتفعت في ظل نظام مودي، مشيرًا إلى أن الوكالة لديها الحرية في العمل ولديها مجموعة محددة من المهام لاستهداف أعداء الهند ومراقبة أنشطتهم في الخارج.
في المقابل، تنقل الصحيفة عن رئيس سابق لجناح البحث والتحليل قوله، إن عمليات القتل السرية غير مألوفة وهي خارجة عن طبيعة عمل الوكالة، معربا عن اعتقاده أن رئيس الوزراء مودي لن يأذن بمثل هذا الإجراء.
كما قال ر. ك ياداف، الضابط السابق في الوكالة، والذي خدم ما يقارب أربعة عقود، في مذكراته، إن وكالة الاستخبارات الخارجية الهندية "تحولت إلى منظمة جريئة، قادرة على تنفيذ عملياتها في جميع أنحاء العالم لحماية مصالح المواطنين الهنود".
وأضاف "موظفو الوكالة لا يطلقون النار أبدًا، لكن لديهم علاقات مع أفضل المختصين للتنفيذ في هذا المجال".
ويعود قلق الهند وسعيها لتقوية وكالة الاستخبارات إلى عام 2008 عندما فرضت مجموعة من المسلحين حصارا على عدد من المواقع في أنحاء مومباي، بما في ذلك فندق تاج محل الشهير، ما أسفر عن مقتل 160 شخصًا على الأقل.
حينها ساد اعتقاد لدى العديد من المسؤولين الأمنيين والسياسيين اليمينيين بأن الهند بحاجة إلى تكثيف الجهود الاستخبارية وجعلها أكثر قوة.
وأنشئت الوكالة في أواخر الستينيات من قبل رئيسة الوزراء أنديرا غاندي في أعقاب صدام مع الصين فاجأ الهند، وكانت تضم 250 مجندا معظمهم من مكتب الاستخبارات الداخلية في الهند، وعهد إلى مسؤول يدعى ر. ن. كيا بإدارتها.