تصاعد نشاط "داعش" في العراق وسورية: تفعيل للخلايا والإعلام

12 يناير 2024
يؤكد العراق قدرة قواته على مواجهة التنظيم (الأناضول)
+ الخط -

تشهد مدن عراقية عديدة شمال وغربي البلاد وأطراف العاصمة بغداد، منذ مطلع العام الحالي، سلسلة من العمليات لتنظيم "داعش"، تركزت في محافظات صلاح الدين وديالى والأنبار وأخيراً ضاحية الطارمية شمالي العاصمة، استهدفت بالمجمل دوريات للجيش العراقي و"الحشد الشعبي"، ومقاتلين عشائريين مناوئين للتنظيم، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.

العمليات التي شملت تفجير عبوات ناسفة وهجمات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وقصف ثكنات للجيش بقذائف الهاون، تزامنت مع عودة تفعيل "مؤسسة الفرقان"، الذراع الإعلامية للتنظيم، والتي استهلت ذلك بكلمة صوتية للمتحدث باسم التنظيم، أبو حذيفة الأنصاري، إلى جانب "وكالة أعماق"، الناقل لأخبار التنظيم في العراق وسورية، والتي نشرت بيان تبني الاعتداءات الأخيرة في إيران التي ذهب ضحيتها العشرات من المدنيين، مع صور الانتحاريين اللذين نفذا الهجوم. وتركزت عودة المنصتين على تطبيق "تليغرام"، مع عشرات الحسابات الأخرى التي تتولى التوزيع بأسماء مختلفة.

تحريك خلايا "داعش" في العراق وسورية

وأطلق التنظيم على عملياته الأخيرة اسم "واقتلوهم حيث ثقفتموهم"، وهو نفس عنوان الرسالة الصوتية للمتحدث باسم التنظيم أبو حذيفة الانصاري، التي بثتها مؤسسة "الفرقان" في 4 يناير/كانون الثاني الحالي، واحتوت على عدة محاور.

كان من أبرز محاورها دعوة خلايا التنظيم لتكثيف عملياتها في العراق وسورية ضد من وصفهم بالمرتدين، إلى جانب مهاجمة حركة "حماس"، منطلقاً من كونها تُقاتل "تحت راية وطنية"، لا دينية، مع الحديث عن علاقة الحركة بإيران.

وقالت مصادر أمنية عراقية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن العراق شهد بين 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي وحتى يوم 9 يناير الحالي، 9 هجمات مسلحة لعناصر تنظيم "داعش"، مؤكدة أن مناطق الهجمات كانت في كركوك وديالى وصلاح الدين والأنبار وحزام بغداد، وهي ذاتها البؤر المؤشرة على وجود نشاط لخلايا "داعش".

التحليل الأقرب لتزايد هجمات التنظيم هو تحقيقه تقدّماً في إعادة التواصل بين خلاياه

وقال أحد المصادر إن "التحليل الأقرب لتزايد هجمات التنظيم هو تحقيقه تقدّماً في إعادة التواصل بين خلاياه وترتيب شبكة بينية داخل العراق"، رافضاً فكرة أنها "هجمات مؤثرة"، بالقول: "العناصر الاجمالية لتنظيم داعش في كل العراق لا يعدون 300 مسلح وأغلبهم في مناطق صحراوية وجبلية ولا قدرة لهم على اختراق المدن وتنفيذ هجمات، وهناك رصد متواصل لاحتواء أي خطر بشكل استباقي".

ولفت إلى أن "عودة نشاط التنظيم لا تقتصر على العراق فقط، بل في البادية السورية كان أكثر حضوراً مما هو الوضع عليه في العراق، وهذا يتيح القول إن هناك طوراً جديداً للتنظيم على مستوى إعادة تجميع شتاتهم مرة أخرى".

وأيام الأحد والثلاثاء وليلة الأربعاء، نفذت مقاتلات عراقية ضربات جوية في محافظة ديالى بمنطقة الوقف، وفي وادي الشاي بمحافظة كركوك، وجبال قره جوخ في نينوى أسفرت عن مقتل نحو 10 من عناصر التنظيم، وفقا لبيانات صدرت عن وزارة الدفاع العراقية.

من بين القتلى قيادي بارز في التنظيم قالت السلطات العراقية إنه تم التعرف على جثته، ويدعى مجيد معيوف وهو عراقي الجنسية، ويشغل منصب أمير في التنظيم.

هجمات غير مؤثرة على المشهد الأمني في العراق

هذا التصعيد الجديد بالعمليات اعتبره العقيد الركن صباح الجبوري من قيادة عمليات الجيش في محافظة صلاح الدين بأنه "تعرّضات غير مؤثرة على المشهد الأمني"، في مسعى منه للتقليل من أهميتها.

وأضاف الجبوري لـ"العربي الجديد"، أن "هجمات داعش تحولت إلى أشبه ما تكون بجرائم عصابات صغيرة تضرب وتهرب"، متابعاً "العمليات مستمرة ضد بقايا التنظيم في كل العراق، ونعتقد أن المسؤولين عن الهجمات الأخيرة سيتم الإيقاع بهم قريباً".

علي تركي: العراق قادر على التعامل مع التهديدات الإرهابية بمختلف أشكالها، ولا حاجة له بأحد

لكن القوى السياسية المقربة من طهران، ربطت بين الهجمات الجديدة ومطالبة العراق بانسحاب القوات الأميركية وإنهاء دور التحالف الدولي في العراق.

وقال النائب عن "الإطار التنسيقي" علي تركي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "عودة الإرهاب بالتزامن مع طلبات شرعية للعراق باسترداد كامل سيادته وخروج الأميركيين متوقعة"، مضيفاً أن "البرلمان سيقود حراكاً مؤيداً لجهود حكومة محمد شياع السوداني في هذا الأمر، والعراق قادر على التعامل مع التهديدات الإرهابية بمختلف أشكالها، ولا حاجة له بأحد".

وحول ذلك، قال الخبير في شؤون الجماعات المسلحة في العراق وسورية، رائد الحامد، لـ"العربي الجديد"، إن "مناطق بادية تدمر وصحراء حمص وبادية ريف الرقة الغربي تحظى باهتمام أكبر لدى داعش الذي ينفذ بشكل مستمر عمليات هجومية وكمائن لقوات النظام السوري والقوات الحليفة له وعلى متعاونين مع تلك القوات، آخرها هجمات أسفرت عن مقتل 19 من عناصر قوات النظام وإصابة أكثر من عشرين آخرين، فيما قتل 5 بينهم ضابط برتبة مقدم وآخرين من عناصر قوات الدفاع الوطني باشتباكات في بادية بلدة اثريا بريف الرقة".

ووفق الحامد، فإن التنظيم "ما يزال يحتفظ بإمكانية تهديد الأمن والاستقرار في العراق وسورية وتنفيذ هجمات نوعية، لكنها بالتأكيد ليست على مستوى السيطرة أو إعادة السيطرة على المدن والمناطق في ذات المناطق التي خضعت لسيطرته بعد عام 2014".

المساهمون