تصاعد التوتر في السويداء السورية بعد دفع النظام بتعزيزات عسكرية

07 مايو 2024
الحراك الشعبي مستمر في محافظة السويداء منذ 17 أغسطس (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في السويداء السورية، تصاعد التوتر بعد إرسال النظام السوري تعزيزات عسكرية، مما أثار ردود فعل قوية من الأهالي والحراك الشعبي المستمر منذ 17 أغسطس، بمشاركة مشايخ الطائفة الدرزية ووجهاء تقليديين في الرفض.
- الشيخ حكمت الهجري أشاد بالحراك السلمي وأكد على أهمية القضية السورية عالمياً، بينما الحراك يظهر تصميماً على استمرار المطالب السلمية ورفض سياسات النظام بإزالة رموزه من الأماكن العامة.
- الوضع المتوتر يعكس تحديات متزايدة بين النظام والحراك الشعبي، مع تأكيدات على أهمية النضال السلمي لحقوق السوريين وتوقعات باستمرار الحراك حتى يجد صدى على المستويات الوطنية والدولية.

يتصاعد التوتر في السويداء السورية، حيث أظهرت الأيام القليلة الماضية رداً قوياً من الأهالي على التعزيزات العسكرية التي أدخلها النظام إلى المحافظة، وتمركز بعضها في مطار خلخلة العسكري، وبعض الأماكن الأمنية، والعسكرية الأخرى. وصدرت أهم المواقف من مشايخ عقل الطائفة الدرزية ذات الأكثرية في المحافظة وبعض الوجهاء التقليديين، ومن الحراك الشعبي المستمر منذ 17 أغسطس/ آب الماضي. وشهدت الأسابيع الأخيرة إرسال النظام السوري تعزيزات عسكرية إلى محافظة السويداء جنوبي سورية، بعد فشله في القضاء على الحراك السلمي المناوئ له في المحافظة، وبعد عجزه عن افتعال اقتتال داخلي فيها. وفي ضوء ذلك بدأت أصوات من داخل الدوائر المقرّبة من النظام تعلو بالتهديد بحرب على المحافظة بأشكال مبطنة وأحياناً بعبارات صريحة.

وكان الشيخ حكمت الهجري سباقاً في رفض الترهيب المتعمد عبر هذه التعزيزات العسكرية من خلال بيان أصدره قبل أيام، أكد فيه "أحقية المطالب الشعبية بالخلاص من عهود الظلم والذل". وأثنى في حديثه على "الحراك الشعبي السلمي الذي التزم بالمبادئ الوطنية والتعاضد كجسد واحد ليصدر الصورة المُثلى والحقيقية عن الشعب السوري بعد كل أشكال التزييف والتغييب التي طاولته، ووضع القضية السورية في أولوية القوى الإقليمية والدولية، من خلال أسلوب التظاهر العقلاني وخاصة باعتصام في ذكرى عيد الشهداء".

وأشار الهجري إلى شهداء الثورات السورية الذين عُلقت مشانقهم في ساحة المرجة بدمشق، قائلاً إن "أولئك الشهداء لم يقدموا أرواحهم من أجل أن تأتي قيادات تمارس ما هو أسوأ وأصعب من الاحتلال. وأكد الهجري أن السويداء تتحمل المسؤولية كجزء من شعب سورية العظيم وتحمل الأمانة كما حملها الثوار الأولون على الرغم من تخلف السوريين عن حملها عقوداً من الزمن إلى أن وصل الحال على ما نحن عليه من قهر وإذلال ممنهج". وختم الهجري بالقول: "علينا أن نسعى من أجل حقوقنا وحقوق أطفالنا في عيش كريم فنحن أبناء هذه الأرض ولسنا مستأجرين ولن نكون مطية لأحد". وقد أزال ناشطون في حراك السويداء عدداً من الرموز التي تمثل رأس النظام من واجهة المشفى العام في المدينة الذي شهد أكبر عملية تفجير قامت به أجهزة النظام بحق المدنيين العزل في سبتمبر/ أيلول 2015، كذلك أزالوا رموز النظام من على حديقة عامة في تحدٍّ واضح للترهيب المتعمد لحراكهم.

من جهته، قال وليد الطويل لـ"العربي الجديد": "إننا نقف في وجه ظلم طاول أمتنا منذ عقود من الزمن، ولن نكرر لأطفالنا ما عشناه من زمن القهر والذل والهوان، فنحن بحراكنا الشعبي تنفسنا الحرية وعلينا أن نكمل الطريق من أجل أطفالنا كي لا يعيشوا في زمننا الموبوء بالفساد والمحكوم بتجار المخدرات"، مضيفاً: "كلنا إصرار على الاستمرار في حراكنا السلمي وزاد إصرارنا مع ازدياد التحشدات العسكرية". وفي الأثناء، تتعدد المواقف واللقاءات والحوارات على المستويين الديني والاجتماعي والسياسي من جهة، وعلى مستوى الفصائل المسلحة من جهة أخرى. 

ويقول الناشط المدني منيف رشيد لـ"العربي الجديد": "لقد أحيينا يوم الذكرى السنوية لشهداء الثورة السورية أمام المشفى العام، وهو المكان الذي شهد أبشع جريمة ارتكبها النظام السوري بحق أهالي السويداء، عندما فجّر مدخل المشفى أمام الأهالي المفجوعين بالتفجير الذي سبقه على طريق ظهر الجبل وأودى بحياة الشيخ وحيد البلعوس مؤسس حركة رجال الكرامة ورفاقه، ثم قُمنا بنزع الآرمات والأسماء الخاصة برموز النظام عن مدخل المشفى وإحدى الحدائق المسماة "حديقة الباسل". وأضاف: "كنا نتوقع دخول تعزيزات عسكرية إلى السويداء ومحاولة قمع الحراك الشعبي بطريقة أو بأخرى، ونتوقع صداماً وضحايا ولكننا نثق بأنّ الحراك سيستمر في أكثر من مكان وسيزداد اتساعاً وربما لخارج حدود المحافظة، فنحن نمتلك حاضنة شعبية ونعول كثيراً على باقي المناطق السورية. وفي الوقت نفسه دماؤنا ليست بأغلى من دماء إخوتنا السوريين".

أما الناشط عماد العشعوش، فيرى أن دفع النظام بتعزيزات عسكرية رغم التوتر في السويداء يأتي ضمن صفقة إقليمية ودولية ونتاج مواقف الرئيس السوري الحيادية تجاه الحرب المستعرة على الشعب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه تأتي وفق أجندة إقليمية ودولية لتمهد الطريق أمام مشاريع تهجير واستيطان في الجنوب السوري وصولاً إلى بادية السويداء الشرقية. ويضيف العشعوش أنه لا يستبعد أي إجراءات قمعية للنظام أو محاولات لإشعال نزاعات محلية وأخرى مع الجوار. ويرى أن "النظام لا يسعى لفتح جبهة واسعة بقدر ما يسعى لإشعال جبهات داخلية يكون فيها الفتيل والمراقب والحكم، بحيث يُعيد سلطة الأجهزة الأمنية والحزبية وتسلطها ويُضعف أعداءه ويقوي عملاءه".

وفي السياق، يقول جهاد شهاب الدين لـ"العربي الجديد": "نحن انطلقنا بحراك سلمي وحافظنا على سلميته طوال الأشهر الماضية بعيداً عن العسكرة والتسليح، إيماناً منّا بقوة الوصول لأهدافنا عبر السلمية طالما أُتيحت لنا، أما وصول هذه التعزيزات الكبيرة فينذر بخطر الاقتتال، وهذا سعينا لتجنبه". وأردف: "ما أراه أن الحراك السلمي لن يتوقف حتى لو تعثر بساحة أو بمكان ما لبعض الوقت، لكنه سيستمر حتى يجد من يُصغي إليه من القوى الوطنية والحكومات الفاعلة في المسار السوري. ولعل الأيام القليلة الماضية أظهرت للعالم تمسك الحراك الشعبي وأهدافه في تطبيق القرارات الدولية والتغيير السياسي بحسب القرار 2254".

المساهمون