تعرّضت الجهود الدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، لخيبة أمل جديدة بعد تشكيك جماعة الحوثيين في المبادرات المطروحة لوقف الحرب، واعتبارها "غير جادة"، وسط استمرار الهجمات العدائية على محافظة مأرب النفطية، شرقي البلاد.
وبالتزامن مع دعوة مجلس الأمن الدولي الأطراف اليمنية إلى التفاوض دون شروط مسبقة من أجل وقف إطلاق النار، اعتبرت جماعة الحوثيين أن الدعوات الصادرة عن بعض الجهات الدولية بخصوص وقف الحرب "تقدّم تصوراً انتقائياً عن السلام".
وقال المتحدث الرسمي للحوثيين، وكبير مفاوضيهم، محمد عبد السلام، مساء الجمعة، إن جماعته "لا تعتبر أي دعوة للسلام جادة ما لم تتضمن رفع الحصار كلياً"، في إشارة إلى التحفظ على المبادرة السعودية التي اشترطت رفع الحظر الجوي عن مطار صنعاء بتحديد وجهات السفر.
أي دعوة للسلام لا نعتبرها جادة ما لم تتضمن رفع الحصار كليا، على أنه لم نلحظ بعد أي جدية لوقف العدوان، والدعوات الصادرة من بعض الجهات الدولية في هذا الشأن تقدم تصورا انتقائيا عن السلام بمنحه لدول العدوان ومنعه عن اليمن، فيما السلام للجميع أو لا سلام .
— محمد عبدالسلام (@abdusalamsalah) April 16, 2021
وأشار المسؤول الحوثي، في تغريدة على تويتر، إلى أن الدعوات الدولية "تقدّم تصوراً انتقائياً للسلام، بمنحه لدول العدوان ومنعه عن اليمن"، لافتاً إلى أنه "إما السلام للجميع أو لا سلام"، في تلميح إلى الضغوط الدولية على جماعته لوقف الهجمات على الأراضي السعودية، رغم عدم رفع الحصار بشكل كامل.
وتزامن الرفض الحوثي الجديد مع بيان لمجلس الأمن الدولي، صدر في وقت مبكر من فجر السبت، قدّم فيه دعماً للمبادرة السعودية، التي طُرحَت أواخر مارس/ آذار الماضي، ونصّت على "وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وإعادة فتح مطار صنعاء لوجهات محددة، والسماح بحرية حركة السفن للوقود والسلع إلى ميناء الحديدة".
وفيما رحّب مجلس الأمن بجهود الوساطة التي تبذلها سلطنة عمان، وشجّع على استمرارها، دعا جميعَ أطراف النزاع اليمني إلى "الانخراط بشكل بنّاء" مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة والتفاوض، دون شروط مسبقة، من أجل وقف فوري لإطلاق النار على الصعيد الوطني، وتسوية سياسية شاملة مملوكة لليمنيين، وفقاً للأحكام ذات الصلة من قرارات مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك 2216 (2015) و2565 (2021).
واستهجن البيان التصعيد العسكري المستمر في محافظة مأرب، وقال إنه "يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، ويعرّض أكثر من مليون نازح لخطر جسيم، ويهدد الجهود المبذولة لتأمين تسوية سياسية في البلاد".
وأعرب مجلس الأمن عن قلقه من إمكانية استغلال التصعيد العسكري في مأرب من قبل الجماعات الإرهابية، مثل القاعدة لتوسيع وجودها في اليمن، وأدان أيضاً تجنيد الأطفال واستخدامهم في القتال، وخصوصاً في مأرب، ودعا إلى المساءلة عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي.
ودعا مجلس الأمن الحكومة اليمنية إلى تسهيل دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة بانتظام ودون تأخير، وشدد على ضرورة عدم استخدام الوقود الذي يصل عبر ميناء الحديدة، "لتحقيق مكاسب شخصية أو لتمويل تصعيد الصراع".
ورفضت جماعة الحوثيين ما جاء في بيان مجلس الأمن، واعتبرته شريكاً للتحالف السعودي في صناعة المجاعة باليمن، وفقاً لتعبير القيادي البارز، محمد علي الحوثي، فيما لم يصدر أي موقف فوري عن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
ووصف القيادي الحوثي في تغريدة على تويتر، فجر السبت، أداء مجلس الأمن بالمترهل، ومواقفه بأنها "سقوط مدوٍّ على الأصعدة كافة"، في موقف يؤكد رفض الجماعة لكل الدعوات الصادرة عنه، وخصوصاً وقف التصعيد في مأرب والخوض في مشاورات سياسية غير مشروطة.
بيان مجلس الأمن أكد ماتوقعناه قبل الجلسة
— محمد علي الحوثي (@Moh_Alhouthi) April 17, 2021
وهو مايؤكد انعدام المعايير والتوجه الصادق الذي عاشه ويعيشه المجلس باستمرار
وليس خليق بالمجلس مايقوم به من أداءمترهل و سقوط مدوي على كافةالأصعدة
اننا نحمل دول العدوان ومجلس الأمن المجاعة باليمن التي يخشاهاالمجلس كونه شريك في صنعهاكالعدوان
ميدانياً، تواصل جماعة الحوثيين تكثيف هجماتها على مأرب بهدف الحصول على مكاسب إضافية تجعلها قادرة على تحسين شروط التفاوض في محادثات السلام المرتقبة.
وقالت مصادر عسكرية حكومية لـ"العربي الجديد"، إن قوات الجيش الوطني مسنودة بالمقاتلين القبليين، تصدّت لهجوم حوثي مزدوج خلال معارك الجمعة في الأطراف الغربية والشمالية لمدينة مأرب، بعد معارك أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وفيما أشارت مصادر إلى أن معارك الجمعة أوقعت نحو 40 قتيلاً من الجانبين، أكدت المصادر أن حصيلة الخسائر البشرية الحوثية منذ بدء الهجوم في السابع من فبراير/ شباط الماضي، تجاوزت ألفي قتيل، غالبيتهم قيادات رفيعة.
ورغم الكلفة البشرية الباهظة، لم تحقق جماعة الحوثيين اختراقاً جوهرياً على الأرض صوب منابع النفط والغاز في مدينة مأرب، في ظل استماتة القوات الحكومية المسنودة بغطاء جوي واسع من التحالف الذي تقوده السعودية في الدفاع عن معقلها الرئيسي الأخير في المحافظات الشمالية لليمن.
ووفقاً لمصادر متطابقة، فإن المواقع التي سيطرت عليها جماعة الحوثيين خلال الشهرين الماضيين في مديريتي صرواح ومدغل، لا تشكل تهديداً خطيراً على مدينة مأرب، وخصوصاً أنها لم تصل بعد إلى سد مأرب التاريخي، أو التلال الجبلية الاستراتيجية في منطقة البلق.