على مدى الأسابيع القليلة الماضية، واصلت كييف والدول الغربية توجيه اتهامات إلى روسيا بتحشيد نحو 100 ألف من أفراد قواتها العسكرية على مقربة من الحدود مع أوكرانيا تمهيدا لـ"غزو وشيك"، وهو ما تصر موسكو على نفيه، مؤكدة رفض خيار الحرب.
وتشير تقارير إعلامية غربية إلى أن نحو 35 ألف عسكري روسي يرابطون على أساس دائم بالقرب من الحدود الأوكرانية، فيما تؤكد وزارة الدفاع الروسية إجراء تدريبات في مقاطعة روستوف على الدون الواقعة بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، وقد نقلت روسيا أكثر من ألف من أفراد قوات المدفعية إلى المنطقة للمشاركة في التدريبات.
من جهته، استشهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بتقديرات استخباراتية تشير إلى وجود 60 وحدة قتالية روسية على الحدود الأوكرانية، علما أن الأرقام المذكورة لا تشمل أفراد قوات ما يعرف بـ"جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين"، المعلنتين من طرف واحد في منطقة دونباس، شرقي أوكرانيا، والمواليتين لروسيا.
كما ذهبت وسائل الإعلام الغربية، في تحليلها الصورة الملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية، إلى رصد مباني الثكنات المأهولة بالعسكريين من خلال اللون الغامق لسطوحها، ما يعني أنه تمت إزالة الثلوج عنها. كما رصدت التقارير تحركات حديثة للمعدات الروسية وآثار إطارات عجلاتها على الثلوج.
ولم تخلُ بيلاروسيا، وهي جمهورية سوفييتية سابقة أخرى لها حدود مع أوكرانيا، من تدريبات العسكريين الروس، في إطار التدريبات الروسية البيلاروسية المشتركة "حزم الاتحاد-2022" المزمع إجراؤها في فبراير/شباط المقبل.
ومع ذلك، وعد الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، الذي يعد أبرز حلفاء موسكو في فضاء الاتحاد السوفييتي السابق، في كلمته السنوية إلى الشعب، بعدم إرسال قوات للقتال ضد الشعب الأوكراني.
كما أن الحشد العسكري على الحدود لا يعني بدءا وشيكا للحرب تلقائيا، حيث إن أكثر من نصف هذه القوات، سواء أتم نشرها في الحقبة السوفييتية أم بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية في عام 2014، موجودة في مواقع مرابطتها الدائمة، وفق ما لفتت إليه صحيفة "فيدوموستي" الروسية.
وتحدثت الصحيفة عن انعدام أعمال روسية واضحة ممهدة لبدء الحرب، مثل نشر الفرق الطبية، مشيرة إلى أن إرسال قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى بلدان أوروبا الشرقية يندرج أيضا ضمن التناوب الدوري لا الاستعداد للحرب مع روسيا.
وشهدت الأيام الأخيرة من الأسبوع المنتهي مجموعة من المؤشرات لعمل موسكو والغرب على تخفيف حدة التوتر بينهما، وفي مقدمتها تسلم روسيا ردي الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بشأن مقترحاتها الأمنية.
ورغم رفض الغرب المطالب الرئيسية الروسية المتعلقة بضمان عدم توسع حلف الأطلسي شرقا، فإن استئناف الحوار في حد ذاته زاد من تفاؤل موسكو، التي أكدت على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف، أمس الجمعة، عدم رغبتها في خوض الحرب.
كما أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالا هاتفيا مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، لمناقشة الضمانات الأمنية طويلة الأجل والوضع الراهن في أوكرانيا، وفق بيان نشر على الموقع الرسمي للكرملين.