يسود التشكيك بتحقيق نتائج عملية بعد الزيارة التي قام بها المستشار الألماني أولاف شولتز أخيراً مع عدد من القادة الأوروبيين لأوكرانيا بعد مرور 116 يوما على بدء الغزو الروسي لأراضيها، رغم أنّ الكثيرين وجدوا فيها دليل قوة لأوروبا، ودفاعاً عن نظام سياسي يقدر الحقوق والحريات، ورفضاً للحكم الاستبدادي، فيما اعتبرها البعض الآخر استعراضاً إذا لم تستتبع الكلمات بالأفعال، خاصة أن شولتز تحدث فقط عن أسلحة دفاعية لدرء الهجمات وليس طرد الروس، وهو الذي يحرص ويتمسك بتحقيق توازن بين الحوار والدعم العسكري، وسط التصميم على إبقائه قناة الاتصال مع موسكو مفتوحة.
ورغم أنّ شولتز وعد من كييف بتقديم مساعدات مالية وإنسانية طويلة الأمد، وتوفيرالأسلحة طالما أوكرانيا بحاجة إلى الدعم، اعتبرت الخبيرة في شؤون أوروبا الشرقية غويندولين ساسي، في مقابلة مع شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، أمس الجمعة، أنّ الزيارة لن تغيّر شيئاً في مسار الحرب في الوقت الحالي، موضحة أنه وفيما يتعلّق بتسليم الأسلحة النوعية ظل شولتز متردداً بشأن الالتزامات الإضافية التي تتجاوز تسليم الأسلحة والأنظمة الموعودة.
وقالت ساسي، إنّ المستشار الألماني لم يكن يريد أن يلزم نفسه بأشياء محددة، سيما أنه أساساً هناك تأخير في عمليات التسليم الموعودة، على الرغم من أنّ أوكرانيا تتعرض لضغوط هائلة في دونباس، حيث تحقق القوات الروسية تقدماً ثابتاً، وكييف بحاجة ماسّة وعلى الفور إلى أنواع مختلفة من أنظمة الأسلحة.
وفي الإطار، انتقد نائب رئيس كتلة "المسيحي الديمقراطي" يوهان فادفول، في مقابلة مع "دي فيلت" المستشار شولتز، معتبراً أنّ الأخير "أثار التوقعات العالية لزيارته وخيّب الأمل بشكل عام، وكان من الممكن أن يكون الوقت قد حان لتعهد بتسليم فوري للأسلحة الثقيلة لأوكرانيا". وكان شولتز قد أشار إلى أنه يفعل ما هو ضروري وبعناية، مشدداً على أنّ ألمانيا قدّمت مساهمة فعالة للغاية لأوكرانيا.
ومع تأكيد المستشار الألماني، خلال مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي إف"، الجمعة، أنه "لن يكون هناك سلام يمليه بوتين"، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي هوبرتوس فولمر، في مقال لموقع "إن تي في"، أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ألقى بدوره رسالة فيها الكثير من الشفقة، والزعماء أوضحوا للجمهور في ألمانيا وفرنسا وأوروبا أنّ الحرب لن تنتهي في غضون أسابيع قليلة، و"بالتالي ليس بإمكان أحد أن يقنع نفسه بأنّ أوكرانيا يمكنها أن تصنع سلاماً مع روسيا ما لم تكن مسلّحة بشكل جيد".
ويضيف في هذا الصدد: "شولتز مخطئ... ويجب أن يكون هناك المزيد من الأسلحة الثقيلة من ألمانيا إلى أوكرانيا، وستكون الزيارة غير مجدية ما لم يحصل تسليمها في الوقت القريب".
وفي سياق متصل، أشارت صحيفة "ماينز إلغماينه تسايتونغ"، أمس الجمعة، إلى أنّ الزيارة ربما منحت شولتز شخصياً نوعاً من استعادة الثقة المفقودة في أوكرانيا، ليبرهن عن إشارة التضامن بعد الخلاف الطويل حول تسليم الأسلحة والاتهامات التي وجهت له قبل الزيارة، ناهيك عن العديد من المشاكل العملية".
ومع الإعلان المفاجئ لشولتز عن أنّ ألمانيا تؤيد منح كييف وضع مرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، تساءلت الصحيفة عينها: "كيف يجب أن تتم عملية الانضمام في حين أنّ خمس أراضي أوكرانيا يحتلها الغزاة الروس حالياً، ولا تزال غير واضحة المعايير التي ينوي الاتحاد الأوروبي تطبيقها على كييف، لأنه حتى وقبل بدء الحرب لم تكن أوكرانيا بأي حال من الأحوال ديمقراطية نموذجية"؟
ومن ناحية أخرى، بحسب الصحيفة، فإنّ القرار "ينطوي على مخاطر لأنّ الاتحاد الأوروبي يزعج دول غرب البلقان بوعده لأوكرانيا، لا سيما وأنّ دولاً مثل ألبانيا ومقدونيا الشمالية والبوسنة والهرسك ربما شعرت بالخداع، في وقت هناك محاولات روسية لإثارة الاضطرابات الخطيرة للغاية بمساعدة القومي الصربي ميلوراد دوديك (العضو الصربي في مجلس رئاسة البوسنة والهرسك) في البلقان".