تركيا ترفض الغزو الروسي لأوكرانيا وتميل لدعم كييف

24 فبراير 2022
أردوغان: تركيا تعتبر التدخل الروسي ضربة قاصمة موجهة ضد أمن المنطقة واستقرارها (الأناضول)
+ الخط -

اتخذت تركيا موقفا وسطيا من الأزمة الروسية الأوكرانية منذ تصاعدها قبل أشهر، داعية إلى لقاء وحوار مباشر في تركيا، محاولة لعب دور الوسيط، ولكن مع انطلاق العمليات العسكرية الروسية اليوم الخميس، وغزو أوكرانيا، أعلنت رفضها هذا الغزو.

الموقف التركي كان واضحا أنه يخشى اندلاع عمل عسكري في منطقة البحر الأسود، حيث تتجاور مع روسيا وأوكرانيا، وبنت علاقات استراتيجية في السنوات الأخيرة مع الدولتين، ولكن مع انطلاق العمليات العسكرية، انحازت بشكل كبير وواضح لصالح أوكرانيا رافضة الهجوم الروسي.

وترتبط تركيا بعلاقات اقتصادية مع روسيا من ناحية استيرادها الغاز واستقبالها عددا كبيرا من السياح الروس، فضلا عن التعاون في مجال إنشاء محطات نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية في تركيا، كما أن أنقرة تتمتع بعلاقات استراتيجية مع كييف وصلت إلى درجة التعاون في التصنيع العسكري الدفاعي.

 

ويرى خبراء أتراك أن هناك خشية من أن احتلال روسيا لأوكرانيا قد يقوض الاتفاقيات الاستراتيجية التركية الأوكرانية، حيث بدأت أوكرانيا إنشاء مصنع لإنتاج مشترك للطائرات التركية المسيرة مؤخرا، فيما وجدت تركيا ضالتها في المحركات التي لا تستطيع شراءها من الدول الغربية بسبب حظر مفروض غير معلن على تركيا وصناعاتها الدفاعية، فضلا عن علاقات اقتصادية أخرى.

وعلى وقع الحرب، عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل ظهر اليوم، اجتماعا أمنيا في مقر القصر الرئاسي بأنقرة، خرج ببيان شددت فيه تركيا على رفضها التدخل الروسي في أوكرانيا، مشيرة إلى أن التدخل الروسي غير مقبول وينتهك القانون الدولي، كما أكدت أيضا أن تركيا ستواصل دعمها وحدة أوكرانيا السياسية وسيادتها ووحدة أراضيها.

وتبع الاجتماع تصريحات للرئيس أردوغان قال فيها إن "أنقرة ترى التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا مخالف للقانون الدولي، وتعتبره ضربة قاصمة موجهة ضد أمن المنطقة واستقرارها ورخائها، وإن بلاده ستقوم بما يقع على عاتقها لضمان سلامة أرواح كل من يقيم في أوكرانيا، لا سيما المواطنين الأتراك والتتار".

وأضاف "أوضحت للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن تركيا تدعم نضال أوكرانيا من أجل حماية وحدة أراضيها، كما أن تركيا تؤكد رفضها التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا وتعتبره غير مقبول"، مجددا دعوته لحل الخلافات القائمة بين روسيا وأوكرانيا عبر الحوار واتفاق مينسك، فيما أشار إلى أنه أبلغ بوتين، خلال مكالمته أمس، بأن السبيل الوحيد لحل الخلافات القائمة هو الحوار والدبلوماسية.

وتواجه تركيا مطالب من أوكرانيا تتعلق بتعليق عبور السفن الروسية من مضيقي البوسفور والدردنيل، وفق ما أعلن السفير الأوكراني في تركيا فاسيل بودنار في وقت سابق من اليوم، وهو ما قد يضعها في موقف صعب، خاصة أنها ضمن دول حلف الناتو، وقد تتلقى مطلبا من الدول الغربية بهذا الصدد، وهو ما يجعلها بمواجهة مباشرة مع روسيا.

من جانبه، قال الباحث بالشأن التركي والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو، لـ"العربي الجديد"، إن الموقف التركي خلال الأسابيع الماضية حافظ على الموازنة بين روسيا من جهة، و"الناتو" والغرب وأوكرانيا من جهة، لكن التطورات وبدء العمل العسكري دفعت الرئيس أردوغان لوضع النقاط على الحروف حول طبيعة الموقف التركي حيال التدخل الروسي في أوكرانيا.

وأضاف "من دون شك، الأزمة الحالية تعد اختبارا صعبا للسياسة الخارجية التركية، خاصة إذا نظرنا للعلاقات الجيدة والمتطورة بين موسكو أنقرة، فضلا عن علاقة الأخيرة مع (الناتو)، كما تربطها أيضا علاقات متطورة مع أوكرانيا عسكريا واقتصاديا، وكل هذه الأمور تجعل الموقف التركي دقيقا للغاية ومحملا بكثير من الحسابات المعقدة".

وختم بقوله "يبدو أن المسألة الصعبة التي يمكن أن تواجهها أنقرة في حال تصاعد الأمور على جبهة روسيا أوكرانيا هي مسألة المضائق، حيث ستضع حسابات أنقرة في وضع معقد وصعب في نفس الوقت، لذا ستعمل على بذل الجهود دوليا لمنع تفاقم الأزمة وتدحرجها نحو منعطف خطير، الأمر الذي من الممكن أن يضعها أمام خيارات صعبة هي في غنى عنها".

من ناحيته، قال الكاتب فراس رضوان أوغلو، في تصريح لـ"العربي الجديد": "لا أعتقد أن تركيا حاليا قادرة على فعل أي شيء، لأن (الناتو) وأميركا لم يفعلوا شيئا، وأعتقد أن العلاقات التركية الروسية قد تبدأ بالتأزم على خلفية الغزو، لأنه استراتيجيا الحرب تضر بروسيا.. إن استمرت الحرب فترة أطول، فستتحقق صعوبات على تركيا، حتى العقوبات على روسيا ستتضرر منها تركيا، فالموقف التركي ضعيف وستتأثر اقتصاديا، وهي مضطرة للتحالف مع (الناتو) والغرب".

وتابع "دعم تركيا لأوكرانيا نابع من تعرضها لخسائر على المستوى الاستراتيجي، إذ إن روسيا تتوسع، وعلى المستوى الاقتصادي ستتعرض المشاريع التركية للضرر، كالتجارة والسياحة، كما أن المشكلة ستكبر إن شكل الغرب حكومة موازية في حال سيطرت روسيا على جزء من أوكرانيا وليس كلها، عندها ستكون هناك مشاكل اقتصادية مباشرة على تركيا".

المساهمون