كشفت مصادر مصرية مقربة من اللجنة المعنية بالملف الليبي، عن تحركات مصرية لتنسيق لقاء بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، وقائد مليشيات شرق ليبيا، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، خلال الأيام المقبلة في مدينة بنغازي، شرقي ليبيا. وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن القاهرة تنسق لعقد لقاء بين الدبيبة وحفتر، بالتنسيق مع روسيا، في محاولة سياسية مصرية جديدة تجاه الأزمة الليبية، ظهرت بوضوح خلال الأيام الماضية، وتكللت بزيارة رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إلى العاصمة الليبية طرابلس، على رأس وفد حكومي ضمّ 11 وزيراً، في تطور لم يحدث منذ أكثر من 12 عاماً. وأوضحت المصادر أن القاهرة، في ضوء تحركاتها الأخيرة عبر توطيد علاقتها مع الحكومة الليبية وحلفائها، تسعى لتكون صاحبة المحرك الأساسي للملف الليبي، في ظلّ ما تملكه من أوراق ضغط على حفتر، بما يُمكّنها من الإمساك بزمام الأمور في ملف الأزمة الليبية.
تسعى مصر لتوظيف كافة الأوراق إقليمياً، لتعزيز موقفها في ملف أزمة سدّ النهضة
ولفتت المصادر إلى أن مصر تسعى إلى توظيف كافة الأوراق التي بين أيديها، إقليمياً، لتعزيز موقفها في ملف أزمة سدّ النهضة الإثيوبي، نظراً لما تمثله الأزمة الليبية من أهمية لدول الجنوب الأوروبي، خصوصاً في ظلّ مخاوف القوى الأوروبية الكبرى من الدورين التركي والروسي، "وهما القوتان اللتان لا يمكن لأي طرف أوروبي أن يواجههما، بلا المساعدة المصرية"، وفقاً لتقدير المصادر ذاتها.
وعلى صعيد اللقاء المرتقب بين حفتر والدبيبة، قالت المصادر إن الأخير أبدى ترحيبه للجانب المصري بالخطوة، مقدّراً السعي المصري في هذا الصدد، مشيرة إلى أن ما أثير أخيراً بشأن تزويد مصر لحفتر بالذخائر لم يعكر صفو العلاقات بين الدبيبة والقاهرة، في ظلّ تفهم رئيس الحكومة الليبية لماهية تلك الخطوة، موضحة أنه يمكن القول إنها صنّفت تحت بند "المسكوت عنه"، على حد تعبير المصادر.
وأفادت المصادر بأن القاهرة تضغط على حفتر في إطار تعزيز علاقتها بحكومة الدبيبة، ليس من أجل اللقاء، ولكن لتقديم تسهيلات للحكومة الجديدة، وعلى رأسها على سبيل المثال، المساهمة في إنهاء تمرير الموازنة الجديدة التي قدمتها الحكومة إلى مجلس النواب في طبرق، لافتة إلى أن مصر تقف حالياً مع تحرك هذه الحكومة للأمام، في ظلّ العديد من الاتفاقيات الاقتصادية التي تم التوافق عليها أخيراً بين الطرفين.
ووجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اطلاعه على زيارة مدبولي إلى ليبيا، الحكومة بتقديم كلّ المساعدات والدعم إلى الشعب الليبي، مطالباً بتسخير الإمكانات وتقديم المساعدات الممكنة لدعم الليبيين، وزيادة فرص التعاون، بما يساعد على تحسين الأوضاع الاقتصادية وتحقيق الأمن والاستقرار، ويدعم تنفيذ خريطة الطريق وصولاً إلى الاستحقاق الانتخابي الليبي في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، بسام راضي، إن السيسي وجّه بتسخير كافة الإمكانات المصرية وتقديم كافة أوجه المساعدات الممكنة لدعم الأشقاء الليبيين في جميع المجالات، وزيادة فرص التعاون المتاحة بين البلدين، مشيراً إلى أن مدبولي استعرض مختلف الملفات والمواضيع التي تمّت مناقشتها مع الجانب الليبي، بما فيها التوافق حول إعادة فتح البعثات الدبلوماسية المصرية في ليبيا في كلّ من طرابلس وبنغازي في أقرب وقت. ونقل المتحدث عن رئيس الوزراء قوله إنهم اتفقوا مع الجانب الليبي على سرعة وضع الضوابط والأطر الخاصة لتنظيم وضع العمالة المصرية في ليبيا والمجالات ذات الأولوية للعمل بها، بالإضافة إلى الاستعانة بالشركات المصرية، خصوصاً في قطاعات الكهرباء والبنية التحتية والإسكان والمواصلات، وذلك لتنفيذ المشاريع المختلفة المقرر طرحها خلال الفترة المقبلة في ليبيا.
القاهرة تضغط على حفتر في إطار تعزيز علاقتها بحكومة الدبيبة
كما ناقش السيسي، خلال اتصال هاتفي أول من أمس الجمعة، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الوضع في ليبيا، ضمن مجموعة من القضايا التي تناولها الاتصال، في وقت تسعى كافة القوى الدولية المعنية في الملف الليبي، إلى إخراج المقاتلين الأجانب من ليبيا، في ظل ربط تركيا استعدادها بنقل المقاتلين السوريين الداعمين لقوى غربي ليبيا، بسحب روسيا لمرتزقة "فاغنر" المتمركزين في قاعدة الجفرة.