وشكل تهديد نتنياهو، أمس، مؤشراً على حجم القلق الإسرائيلي من اشتعال الضفة الغربية، خصوصاً في ظلّ مميزات عملية أمس عند قرية سلواد، وعملية مستوطنة عوفرا مطلع الأسبوع، لجهة تكون خلايا فلسطينية، وليس مجرد عمليات فردية، كما كانت الحال في السنوات الأخيرة.
ودفعت هذه المميزات والتعقيبات الرسمية في دولة الاحتلال إلى ترجيح محللي الشؤون العسكرية في الصحف الإسرائيلية، أن التطورات الميدانية تنبئ عملياً بتحقق نبوءات وتحذيرات جيش الاحتلال في الأعوام الأخيرة، من أن مواصلة حكومة الاحتلال سياستها الحالية في انعدام الأفق السياسي، من جهة، وتهميش متواصل للسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، قد تقود إلى اندلاع جبهة الضفة الغربية وفلتان الأوضاع فيها من سيطرة السلطة الفلسطينية من جهة، وتكرس سيناريو اشتعال ثلاث جبهات في وقت واحد، الضفة الغربية وقطاع غزة والحدود الشمالية مع لبنان (في ظلّ استمرار عمليات الحفر الإسرائيلية بحجة البحث عن أنفاق "حزب الله").
وذهب المراسل العسكري في "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، إلى القول صباح اليوم إن عملية "سلواد" تشكل تصعيداً جديداً وخطيراً في حالة الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، وجرأة جديدة لـ"حماس" في إخراج عمليات في الضفة الغربية، تتمثل في قيام عناصرها باستهداف المستوطنين الإسرائيليين وجنود الاحتلال في وضح النهار.
وبحسب يهوشواع، فإن هذا يفرض تحديات على جيش الاحتلال، وإن كان يدعي أن الجيش الإسرائيلي لا يخطط بحسب رأيه لعملية اجتياح واسعة جديدة للضفة الغربية على غرار عدوان "السور الواقي" عام 2004.
في المقابل، اختار المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هرئيل، تحريف شعار حزب "الليكود" التاريخي لـ"الأردن ضفتان"، ليكتب أن لـ"حماس" ضفتين، في إشارة إلى أن الحركة تمكنت من فتح جبهة ثانية ضد إسرائيل في الضفة الغربية، ما يؤكد الاعتقاد بأن تقديرات أجهزة الأمن الإسرائيلية تنطلق من أن الحركة تمكنت من تكريس وبناء خلايا داخل الضفة، وذلك بالرغم من حملات المطاردة والاعتقالات اليومية التي يقوم بها جيش الاحتلال في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية المحتلة.
وأشار هرئيل، في تحليله الذي نشره اليوم، إلى نبرة القلق الواضحة في حديث ضابط إسرائيلي رفيع المستوى تحدث أمس إلى المراسلين العسكريين.
وقال هرئيل إنه يفهم ما قاله الضابط رفيع المستوى، حتى دون قول ذلك صراحة، إن الضفة الغربية المحتلة على أعتاب موجة عنف إضافية، وإن عدم تفاقم الأمر مرهون إلى حدٍّ كبير بأداء قوات جيش الاحتلال ميدانياً، إذ إن تنفيذ عمليات إضافية قد يعني خروج عمليات جديدة تقلد نجاح هذه العمليات التي تعتمد إطلاق النار على جنود أو مستوطنين في مفترقات وطرق الضفة الغربية.
ولفت هرئيل إلى أن الأشهر الأخيرة سجلت وقوع نحو ثماني عمليات إطلاق نار ومحاولات دهس شهرياً، ناهيك ببدء تشكل خلايا تتأسس ليس بالضرورة بتوجيهات من حركة "حماس"، وإنما أيضاً على أساس معرفة شخصية.
وأشار هرئيل إلى قيام الاحتلال أخيراً باعتقال شاب فلسطيني من الخليل، تمّ تدريبه ليكون "مهندس" عمليات "حماس"، على غرار اللقب الذي أطلق على الشهيد يحيى عياش. واعتبر أن هذا الاعتقال الذي لم يلق اهتماماً بالغاً في وسائل الإعلام، يعكس عملياً نمط نشاط "حماس" بعدما تمكنت قوات أمن الاحتلال من إحباط مئات المحاولات لتنفيذ عمليات فدائية في الضفة الغربية المحتلة.
وينسب الاحتلال وإعلامه هذا النشاط بشكل خاص ومحدد للقيادي في "حماس"، صالح العاروري، المقيم حالياً في لبنان.
ويخلص هرئيل إلى القول إن هذه العمليات، واستئنافها، تضع إسرائيل أمام صعوبات وتضر بالتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية وتهز استقرار حكم الرئيس محمود عباس، وستضر لاحقاً بعملية انتقال الحكم في السلطة الفلسطينية.