تحليلات إسرائيلية: بن غفير يسعى للتصعيد في المسجد الأقصى ونتنياهو يخضع له

19 فبراير 2024
لاقى القرار تحذيرات أمنية من اشتعال الأوضاع (فرانس برس، الأناضول)
+ الخط -

الأقصى سيوحد المسلمين على طرفي الخط الأخضر وفي المنطقة ضد إسرائيل

وصفت الأحزاب العربية القرار بأنه "إعلان حرب على فلسطينيي 48"

تحذيرات من مخاطر أمنية حقيقية في حال منع أو تقييد الدخول للأقصى

تتوالى ردود الفعل على قرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو فرض قيود على دخول فلسطينيي 48 إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، استجابة لمطلب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

وفيما عبّرت الأحزاب العربية في الداخل ولجنة المتابعة العليا عن غضبها إزاء القرار ورفضها التام له، إلى حد وصفها له بأنه "إعلان حرب على فلسطينيي 48"، حذّر معلقون وصحافيون إسرائيليون من تبعاته، كما اعتبر عدد منهم أن القرار الذي لم تتضح كافة تفاصيله بعد، قد يؤدي إلى إشعال الوضع، ويدل على "خضوع" نتنياهو لبن غفير، ويبيّن من هو "رئيس الحكومة الحقيقي".

في هذا السياق، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل أن جلسة أمس الأحد، التي اتخذ فيها القرار، "كانت بمثابة مهزلة، وكشفت عن القدرة المحدودة لدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للمساومة أمام شركائه من اليمين المتطرف.. المشكلة هي أن هذه المهزلة قد تتحول إلى مأساة، وهو ما يزيد تعقيد الواقع الذي وجدت إسرائيل نفسها فيه منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول. إذا أراد أحد ضمان التورط في احتكاك دموي وطويل، على شفا صراع ديني، فقد اتخذت بالأمس بعض الخطوات الجادة في هذا الاتجاه".

وأضاف الكاتب أنه "منذ بداية الحرب، حاول بن غفير باستمرار شحن الأجواء مع المواطنين العرب. وفي الوقت نفسه، يضغط هو وبتسلئيل سموتريتش (وزير المالية) من أجل اتخاذ خطوات من شأنها تصعيد التوتر في الضفة الغربية".

واعتبر أن "نتنياهو يخشى بن غفير، ولذلك أصدر تلخيصاً ضبابياً للجلسة، بحيث يستطيع كل من المشاركين أن يفهم من خلاله ما يريد. وكان ذلك كافياً لينشر وزير الأمن القومي أنه تم قبول رأيه، وأنه تقرر فرض قيود واسعة النطاق على صلاة المواطنين العرب، ما أثار تحذيرات من قبل أعضاء الكنيست العرب، مساء أمس، من اندلاع انتفاضة بين الجمهور العربي في مناطق الخط الأخضر".

مخاطر تقييد دخول المسلمين إلى المسجد الأقصى

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن مصادر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن هناك مخاطر أمنية حقيقية في حال منع أو تقييد دخول المسلمين إلى المسجد الأقصى في رمضان، مذكّرة بالأحداث التي شهدها شهر مايو/ أيار 2021 في "هبة الكرامة"، حيث اندلعت مواجهات في الضفة الغربية والداخل وفي القدس المحتلة.

وأرسلت المؤسسة الأمنية تحذيراً شديداً للمستوى السياسي الإسرائيلي بأن "الأقصى سيوحد المسلمين ضد إسرائيل على طرفي الخط الأخضر، وفي الشرق الأوسط بأسره" وأن القيود على دخول المصلين "سيضر بالعلاقات مع الدول السنية المعتدلة".

من جانبه، قال اللواء احتياط في الجيش الاسرائيلي يسرائيل زيف، الرئيس السابق لشعبة العمليات، في حديث لإذاعة 103، اليوم الاثنين، إن قرار تقييد دخول فلسطينيي الداخل إلى الحرم القدسي هو "قرار بائس".

وأضاف: "كان لا بد من اتخاذ قرار يكون مبنياً على وجهة نظر استراتيجية في هذا الشأن، تسعى إسرائيل من خلاله إلى استرضاء الأردنيين والدول العربية إلى حد كبير، والمواطنين العرب، وهو ما نحتاجه الآن أكثر من أي وقت مضى".

صعوبات قانونية

من جهتها، حذّرت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف ميارا، خلال الجلسة التي عُقدت أمس، وفق ما نقله موقع "والاه" عن مصادر لم يسمّها، أن فرض قيود على دخول فلسطينيي 48 إلى المسجد الأقصى، "قد يواجه صعوبات قانونية، وأنها ليست متأكدة من إمكانية منع حرية العبادة لمواطني الدولة على أساس قيود السن ومنطقة الإقامة".

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تعليق مصدر سياسي كبير، لم تسمّه، على القرار بأن "رمضان يمكن أن يؤدي إلى تفجير الأوضاع (في أعقاب القرار). ما يريده بن غفير هو أشياء مجنونة يمكن أن تشعل جبهة الضفة الغربية. لدينا رئيس حكومة لا يفهم حجم الحدث".

في الصحيفة ذاتها كتب الصحافي والكاتب آفي يسخروف، اليوم، أن هذه "ليست المرة الأولى التي يحاول فيها بن غفير خلق مثل هذا التصعيد بالقوة تقريبًا، من أجل حشد الدعم السياسي من أوساط اليمين المتطرف وسرقة المزيد من الأصوات من الليكود، كما أن العنف في المدن المختلطة (في الداخل) وفي الضفة الغربية من المتوقع أن يخدمه سياسياً ويعزز الدعم له".

وتابع الكاتب: "مع ذلك، حتى وقت قريب، كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو الذي يعرف دائمًا كيفية كبح جماحه. بالأمس حصلنا فعلاً على الختم النهائي حول هوية سيد البيت الحقيقي في الحكومة الإسرائيلية، أو رئيس الوزراء الفعلي. نتنياهو خضع للإملاءات التي لا يريدها أي مسؤول أمني، ووافق على الخطوط العريضة التي طرحها بن غفير في ما يتعلق بتقييد دخول المواطنين العرب إلى الحرم القدسي خلال شهر رمضان".

بالمقابل، ذكرت الصحيفة أن أحد المقربين من نتنياهو رفض الانتقادات، وقال إن نتنياهو "لم يستسلم لبن غفير. وطلب التصرّف بمسؤولية".

المساهمون