تستعد روسيا لزجّ مقاتلي "الفرقة 25 مهام خاصة" التابعة لجيش النظام السوري في المرحلة الثانية من معاركها في أوكرانيا، في ما يبدو أنه مراهنة روسية على الفرقة التي تُعَدّ ذراعاً لها.
واعتمدت روسيا سابقاً على الفرقة كرأس حربة في معارك السيطرة على أجزاء من ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، مع تكريم قائدها العميد في المخابرات الجوية سهيل حسن عام 2018 في قاعدة حميميم، الذي وُصف لاحقاً برجل روسيا.
وكشفت وكالة "أسوشييتد برس"، في تقرير لها، أن الفرقة المدعومة من روسيا تستعد لخوض المرحلة الثانية من المعارك الروسية في أوكرانيا، وبينت الوكالة أن عدداً قليلاً من مقاتلي الفرقة وصل إلى روسيا لتلقي التدريبات قبل التوجه إلى خطوط الانتشار الأمامية، مع الاستعدادات الروسية لشنّ هجوم واسع النطاق شرقيّ أوكرانيا.
وبينت الوكالة أنه قد يُنشَر المقاتلون التابعون للفرقة في الأسابيع المقبلة، وذلك بعد تولي الجنرال ألكسندر دفورنيكوف قيادة الحرب في أوكرانيا، الذي له دراية جيدة بالقوات شبه العسكرية التي درّبتها روسيا في سورية، وكان الجنرال قائداً للمعارك الروسية في سورية، ووضع آليات واستراتيجيات محاصرة وقصف المدن التي سيطرت عليها المعارضة بلا رحمة قبل إخضاعها. وأوضحت الوكالة أن للمقاتلين السوريين دوراً في تعويض الخسائر البشرية الروسية، إضافة إلى دورهم في محاصرة المدن.
الفرقة التي حملت سابقاً اسم "قوات النمر" كانت تتبع في السابق للمخابرات الجوية، وأخذت لقب قوات النمر من قائدها العميد "سهيل حسن" الملقب بـ"النمر"، والذي عُرف عنه استهدافه العشوائي بقذائف المدفعية الثقيلة والصواريخ للمدن، وخاصة في ريف حماة الشمالي، وذلك في محاولات اقتحامها، وفي مقدمتها مدينتا كفرزيتا وكفرنبودة. ونالت الفرقة دعماً روسياً، ومن ثم غُيِّر اسمها لـ"الفرقة 25 مهام خاصة"، وكرمت روسيا قائدها "حسن" في أعوام 2016 و2017، وفي عام 2018.
ويبدو أن الفشل الروسي في الحرب الأوكرانية دفعها إلى الاعتماد على الفرقة، كما يؤكد الباحث في "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام" رشيد حوراني لـ"العربي الجديد". فمن الناحية العملية، فشلت روسيا في إعادة هيكلة الجيش بعد الخسائر البشرية والمادية التي لحقت به على مدار 10 سنوات من المعارك، ويضاف بسبب فشلها في ذلك بنية الجيش السوري الطائفية من جهة، التي تقوم على تنمية شبكات الفساد في صفوف قادتها من جهة ثانية.
وتعتبر الفرقة 25 الذراع المحلية لروسيا في سورية، وترى فيها روسيا أنها أداة مناسبة لتحقيق هدفين: الأول مواجهة النفوذ المليشياوي الإيراني، ووقف تمدده من خلال توسعة الفرقة وزيادة قدراتها، لذلك تعلن تنظيم دورات للالتحاق في صفوفها بين الآونة والأخرى. والثاني يتعلق بالمجهود الحربي، والعمل على ترشيده من خلال عناصر محلية تكون كلفتهم أقل من عناصر الجيش الروسي أو مجموعات المرتزقة التي يستعين بها.
وقد يكون التوجه الروسي لاحقاً تجاوز جيش النظام من خلال "الفرقة"، إذ يلفت حوراني أن روسيا تخطط لأن تتجاوز الفرقة مؤسسة جيش النظام، وعند وصولها إلى هذه المرحلة تنقلب على الجيش وتأخذ دوره تحت رعاية الروس، إلا أن الفرقة تبدو غير قادرة على تجاوز الحالة التي وصلت إليها، وعدم تجاوز الحالة أيضاً يتعلق بالفساد والسعي وراء مصالح شخصية ضيقة لقادتها، وحالهم في ذلك كحال قادة جيش النظام.
ولا تمتلك الفرقة قواماً عسكرياً متجناساً وفق التراتبية العسكرية المألوفة لجيش النظام السوري، لتكون هجيناً ما بين مليشيا وفرقة في الجيش النظام، وفي هذا الأمر يؤكد حوراني أنه حتى الآن لا توجد هيكلية تراتبية للفرقة، وكل ما يعرف عنها، أن سهيل الحسن قائدها، من دون معرفة نائبه، مثلاً، وقائد أركان فرقته، والألوية التي تتشكل منها الفرقة.
وحتى الآن، الفرقة عبارة عن مجموعات قتالية تنتشر بشكل رئيس في مناطق شرق سورية "دير الزور والرقة والحسكة"، وعلى خطوط التماس في شمال غرب سورية، وتضمّ في صفوفها عسكريين متقاعدين من ضباط وصف ضباط، ومعظمهم من قرى الساحل السوري ومدنه. وتحاول رفد صفوفها بالعناصر الشابة، مستفيدة من الحالة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها سورية.
أما عن قدرات الفرقة وإمكانية استخدام عناصرها من قبل روسيا في أوكرانيا، فقال حوراني: "يمكن تقييم قدرات قادة الفرقة وإمكانية قتالها في أوكرانيا من خلال التسريب الخاص بالفرقة الذي انتشر أخيراً وتدريبها على يد الروس لتنفيذ إنزال جوي خلف خطوط العدو".
وبناءً على ذلك، قد تدرب روسيا عناصر الفرقة القادرين على أداء مثل هذه المهمة والدفع بهم إلى أوكرانيا، واستخدامهم لكسر وخلخلة المرحلة الأصعب في المعركة، وإنزالهم خلف خطوط الجيش الأوكراني، وتهيئة الأجواء لعناصر الجيش الروسي هناك بالتقدم بسهولة، وهو ما يوفر الخسائر المادية والبشرية في صفوفه.
وفي الثلاثين من مارس/ آذار، نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن مصدر ميداني أن الفرقة نفذت تدريبات نوعية لغايات محددة لمجموعات الإنزال التابعة لها، تضمنت عمليات إنزال بما يحاكي عمليات موجه ومحددة.
وقال المصدر: "إن التدريب النوعي شهد سلسلة من الاختبارات للتعامل مع عدو افتراضي، وأُنزِلَت قوات اقتحام خلف خطوطه تضطلع بمهام محددة، أو ذات استقلالية عن مجمل المعركة"، وجاء ذلك فيما يشير التقرير إلى نية روسية مسبقة لاستخدام هذه الورقة في الحرب الأوكرانية، إذ يقدَّر عدد مقاتلي الفرقة بنحو 35 ألف مقاتل.