تحركات تركية على الحدود العراقية تنذر بتوسيع عمليات مطاردة مسلحي "الكردستاني"

26 مايو 2022
جنود أتراك على الحدود التركية العراقية، يناير 2021 (أوزكان بيلغين/الأناضول)
+ الخط -

رجّحت مصادر عسكرية وحكومية عراقية في بغداد، توسيع القوات التركية لنطاق عملياتها البرية والجوية داخل المدن والبلدات الحدودية العراقية مع تركيا، شرقي أربيل وشمالي دهوك، لمطاردة مسلحي حزب "العمال الكردستاني" المعارض لتركيا، والذي يتخذ من تلك المناطق منطلقاً لشنّ اعتداءات متكررة داخل الأراضي التركية المجاورة.

وتواصل وحدات خاصة من الجيش التركي مدعومة بغطاء جوي عمليات واسعة داخل مدن وبلدات حدودية عراقية مجاورة لتركيا، منذ 18 إبريل/نيسان الشهر الماضي، هي الثالثة من نوعها في غضون عام واحد.

وتركزت العملية الجديدة التي أطلق عليها اسم "المخلب ـ القفل"، في مناطق متين والزاب وأفشين وباسيان. وأمس الأربعاء، كشف مسؤول عسكري عراقي في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن الأجهزة الاستخبارية رصدت تحركات تركية واسعة على طول الشريط الحدودي مع العراق، وبنفس نطاق عملياتها التي تستهدف مسلحي حزب "العمال الكردستاني".

نوايا تركيا في توسيع عمليتها ضد "الكردستاني"

وأضاف المسؤول أن "تحليل المعلومات يشير إلى وجود نية تركية بتوسيع عملياتها العسكرية ضد عناصر حزب العمال الكردستاني داخل المناطق الحدودية ضمن إقليم كردستان، لكن من غير المعروف ما إذا كانت العمليات ستكون بضربات جوية شاملة على مواقع الحزب أم بتوغل بري على غرار مرات سابقة".

وأكد أن المناطق التي ينشط فيها عناصر حزب "الكردستاني" داخل العراق هي "مناطق خارج سيطرة بغداد وأربيل، وتخضع لمسلحي الحزب ونحو 90 في المائة منها خالية من أهلها".

وأعرب عن اعتقاده بأن الجيش التركي يريد استغلال الوقت لتعزيز أمن شريط فاصل يمتد لعشرات الكيلومترات على حدوده مع العراق، يمنع عمليات تسلل مسلحي "الكردستاني" من خلاله إلى أراضيه، على غرار ما حصل في الجانب السوري.


المعلومات تشير إلى وجود نية تركية بتوسيع عملياتها العسكرية ضد الكردستاني ضمن إقليم كردستان

وأول من أمس الثلاثاء، تفقد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ورئيس الأركان يشار غولر، وقائد القوات البرية موسى آفسفار، وقائد القوات الجوية حسن كوجوك آقيوز، الحدود العراقية وفقاً لما أوردته وكالة "الأناضول" التركية، التي أكدت استمرار عملية "المخلب ـ القفل"، ضد معاقل تنظيم حزب "العمال الكردستاني" في مناطق عدة، شمالي العراق.

كما أكد أكار، أمس الأربعاء، تحييد أكثر من 100 عنصر من عناصر "الكردستاني"، منذ انطلاق العملية، مضيفاً أن قوات بلاده "عازمة على مواصلة مكافحة الإرهابيين إلى حين توفير أمن الحدود والمواطنين بشكل كامل".

وجاءت تصريحات وزير الدفاع التركي بعد إعلان لوزارة الدفاع أكدت فيه مقتل خمسة جنود أتراك باشتباكات مع مسلحي "الكردستاني"، شمالي العراق.

من جهته، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحاكم في إقليم كردستان، النائب ريبين سلام، لـ"العربي الجديد"، إن "القوات التركية كثّفت خلال الأيام الماضية من ضرباتها الجوية داخل مناطق ضمن حدود إقليم كردستان، بشكل بات شبه يومي".

ورأى أن القصف "قد يكون تمهيداً لعملية برية أوسع تنوي تركيا تنفيذها في عمق الأراضي العراقية"، محمّلاً حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مسؤولية "التحرك لاحتواء أي تصعيد في تلك المناطق". ولفت إلى أن "المؤشرات تميل إلى توجه القوات التركية لإنشاء سور أمني يؤمن حدودها بشكل كامل مع العراق، كذلك مع سورية". 

حيّز العملية التركية في شمال العراق

لكن مسؤولاً حكومياً في وزارة الخارجية ببغداد، قال لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إنه لم يتم تسجيل أي خسائر بشرية في صفوف المواطنين العراقيين منذ بدء العملية التركية قبل أكثر من شهر.

وشدّد على أن العملية تنحصر في مناطق نفوذ مسلحي حزب "العمال الكردستاني" الخارجة عن سلطة بغداد وحكومة إقليم كردستان. وتحدث عما وصفه بـ"تفهّم عراقي للتحديات الأمنية التي تواجهها تركيا من أنشطة مسلحي حزب الكردستاني داخل المناطق العراقية المحاذية للأراضي التركية".

وكشف المسؤول الحكومي بالوقت نفسه أنّ دور القوات الموجودة في إقليم كردستان (البيشمركة)، والجيش العراقي المتمثل بحرس الحدود، هو منع تمدد عناصر حزب العمال إلى مناطق أخرى داخل العراق في حال خسارتهم لمناطق تواجدهم الحالية لصالح الجيش التركي.


مسؤول حكومي: القصف التركي قد يكون تمهيداً لعملية برية أوسع مرتقبة

في المقابل، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي مهدي تقي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن "اللجنة الأمنية في البرلمان قررت استضافة عدد من المسؤولين في وزارة الخارجية والجهات الأمنية والمختصة، لمعرفة إجراءات الحكومة فيما يتعلق بالأوضاع على الحدود مع تركيا"، واصفاً موقف الحكومة العراقية بأنه "غامض وغير مفهوم منها".

وأضاف: "هناك معلومات من مصادر مختلفة وصلت إلينا أن تركيا تخطط بالمرحلة المقبلة، لتوسع رقعة عملياتها داخل العراق، ولغاية الآن الحكومة بموقف متفرج، وهذا يثير الشكوك والمخاوف".

ويوم الاثنين الماضي اتهم القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم بإقليم كردستان العراق، كرمانج عبد الله، حزب "العمال الكردستاني" بأنه تحول إلى "أداة إقليمية"، مضيفاً أن "الكردستاني" ينسّق مع "الحشد الشعبي".

واعتبر أن ممارساته "لا تصب إطلاقاً في مصلحة سكان إقليم كردستان وتخلق المشاكل بالمناطق التي يتواجد فيها". واتهم حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بأنها لا تمتلك "موقفاً رادعاً حيال ما يفعله الحزب، ما يجعله يتمادى في ممارساته".

وكانت الخارجية العراقية قد استدعت بداية انطلاق العملية التركية، السفير التركي لدى بغداد، علي رضا كوناي، وسلمته احتجاجاً على العملية، التي طاولت مناطق متينا، الزاب، أفاشين، باسيان في شمالي العراق، داعية إلى الكفّ عن مثل هذه الخروقات المرفوضة.