تحذير أميركي لإسرائيل بشأن المدنيين في غزة: غارة جباليا أحرجت بايدن

03 نوفمبر 2023
أثارت الغارات الإسرائيلية على مخيم جباليا استياء بايدن (ميريام الستر/فرانس برس)
+ الخط -

أكدت مصادر لشبكة "سي. أن. أن" الأميركية، اليوم الجمعة، أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن وكبار مستشاريه حذروا إسرائيل بشكل متزايد من أنه سيصبح من الصعب عليها تحقيق أهدافها العسكرية في غزة، مع اشتداد الغضب العالمي بشأن حجم المعاناة الإنسانية هناك.

وبحسب المصادر، فقد أكد بايدن ووزير الدفاع لويد أوستن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، على هذه القضية صراحة في المحادثات الخاصة الأخيرة مع الإسرائيليين، وأخبروهم بأنّ تآكل الدعم ستكون له عواقب استراتيجية وخيمة لعمليات الجيش الإسرائيلي ضد حركة حماس.

وخلف الكواليس، يعتقد المسؤولون الأميركيون أيضاً أن الوقت المتاح لإسرائيل محدود، لمحاولة تحقيق هدفها المعلن المتمثل في القضاء على "حماس" في عمليتها الحالية، قبل أن تصل الضجة حول المعاناة الإنسانية والخسائر في صفوف المدنيين، والدعوات إلى وقف إطلاق النار إلى نقطة التحوّل، وفقاً للمصادر.

وتحدثت المصادر عن أن هناك اعترافاً داخل الإدارة الأميركية بأن تلك اللحظة قد تأتي بسرعة، ويعتقد بعض المستشارين المقربين لبايدن أنه لم يتبقَ سوى أسابيع، وليس أشهر، قبل أن يصبح رفض الضغوط على الإدارة الأميركية للدعوة علناً لوقف إطلاق النار، أمراً لا يمكن الدفاع عنه.

ولم تظهر أي مؤشرات على أنّ العدوان الإسرائيلي يتباطأ، فقد أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الخميس، أنه يحاصر مدينة غزة و"يعمّق" عملياته هناك.

وقال مصدران للشبكة، إنّ ما أثار استياء بايدن وفريق الأمن القومي بشكل خاص، هو الغارات الجوية الإسرائيلية هذا الأسبوع التي استهدفت مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة، مما أدى إلى ظهور مشاهد قاتمة من الدمار والوفيات على نطاق واسع، وقال أحد المصادر إنّ الرئيس "لم يعجبه هذا على الإطلاق".

وذكر أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية أن "المشكلة بالنسبة لإسرائيل هي أن الانتقادات أصبحت أعلى، ليس فقط بين منتقديها، ولكن من أفضل أصدقائها".

وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي جوناثان كونريكوس أن الغارة كانت تستهدف قائداً في "حماس" كان مختبئاً في مخبأ تحت الأرض، وأنه عندما انهار المجمع، من المحتمل أن تكون المباني القريبة قد انهارت.

وبالفعل، أغلقت الاحتجاجات الشوارع في العواصم الغربية، بل أعاقت حملة خاصة لجمع التبرعات حضرها بايدن يوم الأربعاء في مينيسوتا، وصرخت إحدى الحاضرات: "باعتباري حاخامة، أحتاج منك أن تدعو إلى وقف إطلاق النار الآن".

ورد بايدن بتوجيه دعوة صريحة إلى وقف القتال، بالقول: "أعتقد أننا بحاجة إلى وقفة"، مضيفاً لاحقاً عندما ضغطت عليه المتظاهرة: "الوقفة تعني إعطاء الوقت لإخراج السجناء".

ويصرّ المسؤولون على أن بايدن لم يضع أي خطوط حمراء لإسرائيل.

وحتى هذه اللحظة، بذل البيت الأبيض جهوداً كبيرة لتجنب الدعوة إلى وقف إطلاق النار، بحجة أن القيام بذلك لن يساعد إلا "حماس"، من خلال منحها الوقت لإعادة تجميع صفوفها، والتخطيط لعمليات مستقبلية.

وأخبر بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنّ صوراً للنساء والأطفال الفلسطينيين الذين يجري انتشالهم من تحت الأنقاض، يمكن أن تبدأ في تضييق قدرة إسرائيل على المضي قدماً في عمليتها الحالية، وفقاً لمسؤولين كبار في الإدارة الأميركية.

وفي محادثاته مع نتنياهو، حذر بايدن من أنّ المجتمع الدولي سيحكم على إسرائيل بقسوة، إذا لم تتخذ خطوات لتخفيف المعاناة الإنسانية بشكل كبير، وتقليل الوفيات بين المدنيين الفلسطينيين.

ولا يقتصر ذلك على عملية جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة فقط، ففي مكالمة هاتفية مع نتنياهو، يوم الأحد، أخبر بايدن رئيس الوزراء بأنه يشعر بالقلق إزاء تصاعد أعمال العنف ضد الفلسطينيين من قبل المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وشدد على أنّ الهجمات يجب أن تتوقف، وفقاً لمصدر مطلع على المحادثة.

كما كثف بايدن وكبار مسؤولي الأمن القومي دعواتهم لوقف القتال لأسباب إنسانية، للسماح للأسرى الذين تحتجزهم "حماس" بالخروج من غزة، وتدفق المساعدات.

ووفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، تُعدّ فترات التوقف هذه، التي يقول المسؤولون الأميركيون إنها مختلفة تماماً عن وقف إطلاق النار، ومحلية النطاق، ومحدودة المدة، هي واحدة من قضايا عدة محددة ضغط كبار المسؤولين الأميركيين على إسرائيل بشأنها في الأيام الأخيرة، مع تصاعد الغضب بشأن معاناة المدنيين الفلسطينيين.

وتشمل الأمور الأخرى الحفاظ على الاتصال الهاتفي والإنترنت في القطاع، والسماح بدخول الوقود والمياه إلى غزة، والحدّ من العنف المتصاعد في الضفة الغربية.

وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنّ هناك إمدادات وقود في غزة تحت سيطرة "حماس"، ولا يجري توزيعها لأغراض إنسانية، حسب ادعائه.

وخلال مكالماتهما الهاتفية العشر، ضغط بايدن على نتنياهو بشأن نقاط وبنود عمل محددة، بما في ذلك زيادة عدد شاحنات المساعدات المسموح بها إلى غزة بشكل كبير، وتسهيل مغادرة الرعايا الأجانب من غزة، والحد من عنف المستوطنين المتطرفين مرة أخرى.

وتبنى ديمقراطيون آخرون قريبون من البيت الأبيض بشكل متزايد لهجة مختلفة وأكثر صرامة، فقد قال السيناتور كريس مورفي من ولاية كونيتيكت في بيان، أمس الخميس: "لقد حان الوقت لكي يدرك أصدقاء إسرائيل أنّ النهج الحالي يتسبب في مستوى غير مقبول من الأذى للمدنيين، ولا يبدو أنه من المرجح أن يحقق هدف إنهاء التهديد الذي تشكله حماس، وأحث إسرائيل على إعادة النظر على الفور في نهجها".

ويعتقد مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أنّ إسرائيل تضرب أهدافاً مشروعة لـ"حماس"، بما في ذلك بعض كبار القادة. ومع تزايد التساؤلات حول مدى تأثير الولايات المتحدة على عملية صنع القرار الإسرائيلية، هناك شعور بأنّ إسرائيل قامت بتعديل استراتيجيتها في غزوها البري، بناءً على نصيحة المسؤولين العسكريين الأميركيين، كما قال المسؤولون.

وقال مسؤولون دفاعيون إن أوستن كان مباشراً للغاية في محادثاته شبه اليومية مع وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، وضغط عليه للحصول على تفاصيل حول أهداف إسرائيل في غزة، وأكد مجدداً مدى أهمية أن ينظر المجتمع الدولي إلى إسرائيل على أنها تعمل على حماية المدنيين.

وشدد رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال سي كيو براون على حماية المدنيين، ووصول المساعدات الإنسانية لهم، وذلك في اتصاله الهاتفي هذا الأسبوع مع رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية الجنرال هرتسي هليفي.

وقال أحد المسؤولين إن الولايات المتحدة تدرك أن إسرائيل ستجري تحليلها الخاص لتكلفة وفوائد الضربات، وهو حساب تأثر بشدة بهجوم "حماس" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول.

وفي حين أن الولايات المتحدة قد تجري تحليلاتها الخاصة بشكل مختلف، فإن إدارة بايدن تؤكد أن هذه هي الحرب التي يجب على إسرائيل خوضها، وأنها ستتخذ قراراتها النهائية.

ومع ذلك، فإن المسؤولين يشعرون بالقلق من أن الضربات تتسبب في عدد غير متناسب من الضحايا المدنيين، وقد نقلوا ذلك إلى الإسرائيليين، حسبما قال مسؤول كبير في الإدارة لشبكة "سي أن أن". وكذلك، يشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق إزاء عدم دخول الوقود إلى غزة لأغراض إنسانية.

وقال مسؤولون إن قضية الوقود أثيرت على مستويات رفيعة في الحكومتين الإسرائيلية والأميركية خلال الأيام القليلة الماضية، إلى جانب مخاوف إنسانية أخرى.

المساهمون