حذّرت وزارة الداخلية العراقية، اليوم السبت، من خطورة تسريب بعض الوثائق الاستخبارية المهمة، موضحة أن ذلك يمثل خطراً على الأمن القومي، وذلك على خلفية نشر وثائق ومخاطبات بين الأجهزة الاستخبارية والأمنية في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تتحدث عن قرب تنفيذ هجمات أو عمليات إرهابية أو استهداف مناطق معينة أو وجود عمليات فساد.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، خالد المحنا، إن "نشر الوثائق المتعلقة بالأجهزة الأمنية والاستخبارية موضوع يسبب مشكلات كبيرة للأجهزة الأمنية"، مشيراً في حديث لصحيفة "الصباح" الرسمية، إلى أن "سبب انتشار هذه الظاهرة يعود إلى التقنيات الحديثة والأجهزة الذكية لدى أغلب منتسبي الجهات الأمنية، ما سهّل تسريب الكثير من هذه المعلومات والبيانات والكتب ونشرها".
ولفت إلى أن "كثيراً من هذه الوثائق تمرّ بعدد كبير من المنتسبين (في الأجهزة الأمنية والاستخبارية) وفق سلسلة الإدارة، لذا إن حصر الأشخاص الذين سبّبوا تسريبها عملية صعبة، على الرغم من أن القوات الأمنية نجحت في تشخيص البعض واتخذت الإجراءات القانونية وشكلت مجالس تحقيقية بشأنهم وأُحيلوا على المحاكم".
وأضاف: "ليست جميع الوثائق حقيقية، بل إن أغلبها مزور، أو يعود إلى فترات طويلة، وهناك من يحاول إعادة ترويجها ونشرها من باب الشائعات والتأثيرات السياسية أو الاقتصادية، أو من باب الاستهداف الشخصي".
وأوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية أن "القانون يجرّم هذه العمليات، سواء أكانت هذه البرقيات والوثائق حقيقية أم لا، وهناك قانون عقوبات لقوى الأمن الداخلي يجرّم نشر أسرار الأجهزة الأمنية، وخاصة ما يمسّ الأمن القومي، إذ إن هناك عقوبات مشددة تحديداً مع الكتب التي تكون على درجة من السرية".
وأمس الجمعة، تداولت وسائل إعلام محلية أنباءً قالت إنها وردت في وثيقة صادرة عن خلية الاستخبارات في قيادة عمليات بغداد للجيش تشير إلى هجوم وشيك على مواقع في بغداد، موضحة أن "عناصر خارجة عن القانون أو مجاميع إرهابية، تنوي استهداف مطار بغداد الدولي، أو استهداف المنطقة الخضراء".
كذلك تداولت وسائل إعلام، الجمعة أيضاً، وثيقة أخرى صادرة عن نائب رئيس البرلمان العراقي حاكم الزاملي، موجهة إلى وزير الداخلية عثمان الغانمي، تتحدث عن وجود شبهات فساد في الوزارة.
وقال الزاملي مخاطباً الغانمي: "تردنا العديد من الطلبات والمناشدات من منتسبي مديرية شرطة وأفواج الطوارئ في محافظة بغداد الذين يطالبون بإلغاء قرار الوزارة المتعلق باستقطاع مبلغ بدل الطعام منهم، لكون أغلبهم يسكنون بالقرب من مقار عملهم وأن القرار يؤثر بدخلهم الشهري المحدود".
وأضاف: "تكررت حالات إبرام عقود الطعام في نهاية عمر الحكومة الحالية، ولدينا مؤشرات على أن هذه العقود يشوبها الفساد، مع العرض أنه لم تبرم الحكومات السابقة مثل هذه العقود التي تضر بمعنويات المنتسبين".
والعام الماضي، فتحت قيادة العمليات العراقية المشتركة تحقيقاً بعد انتشار مخاطبات بين الأجهزة الأمنية تشير إلى نية تنظيم "داعش" الإرهابي تنفيذ هجمات انتحارية في بغداد، موضحة أن مثل هذه التصرفات تمثل عبثاً بالجهد الاستخباري.
وأشار العقيد المتقاعد محمد أركان، إلى وجود خلل إداري يقف وراء تسريب الوثائق المهمة، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن هذا الخطأ يكمن في سلسلة المراجع الطويلة والمعقدة التي تتيح لأكبر عدد من الضباط الاطلاع عليها ونسخها ثم تسريبها.
وتابع: "يفترض أن تحظى البرقيات ذات الطابع السري باهتمام خاص، وألّا تُرسَل عبر البريد"، مشيراً إلى أن البرقيات ذات الأهمية الخاصة يمكن أن تبلغ من طريق الاتصال الهاتفي، وفي هذه الحالة تُضمَن سرعة وصولها، وكذلك عدم انتشارها لأنها غير مكتوبة.
وكان البرلمان العراقي قد صوّت عام 2016 على قانون "الحفاظ على الوثائق" بهدف المحافظة على الوثائق التي تعود لمؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية.
وصنّف القانون الوثائق في 3 خانات: "الوثائق العامة التي يمكن الجميع الاطلاع عليها، والوثائق الخاصة التي لا يمكن الاطلاع عليها إلا بموافقة الجهات المعنية، والوثائق السرية التي لا يمكن الاطلاع عليها بسبب مساسها بأمن الدولة".