تجدد عمليات "داعش" في سيناء: تساؤلات بشأن التوقيت

01 يونيو 2021
هاجم "ولاية سيناء" كمائن ومواقع عسكرية عدة (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

شهدت الأيام الأخيرة عودةً لنشاط تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، في محافظة شمال سيناء، بعد فترة من الهدوء الأمني النسبي التي سادت المحافظة خلال الفترة الأخيرة. وشمل هذا النشاط قتل التنظيم لمسؤول عسكري بارز، هو قائد قوات التدخل السريع في الجيش المصري في شمال سيناء، خالد علاء الدين العريان، وعدد من المتعاونين مع الجيش، بالإضافة إلى هجمات على بعض المشاريع الاقتصادية. وتطرح هذه التطورات تساؤلات حول العوامل المحيطة بنشاط التنظيم وهدوئه بين الفينة والأخرى، وحول ارتباط الأحداث الأمنية في شمال سيناء، بما يدور في الداخل المصري، وكذلك الإقليم، لا سيما في ظلّ النشاط السياسي المصري في القضية الفلسطينية خلال الآونة الأخيرة، والذي ظهر جلياً بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما تبعه من تحركات سياسية على أعلى المستويات.

وفي تفاصيل المشهد الميداني، قالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، إنّ الأيام الأخيرة شهدت حراكاً ملحوظاً لعناصر تنظيم "ولاية سيناء" في مدن محافظة شمال سيناء، بعد غيابهم عن الساحة لأسابيع عدة، امتدت منذ نهاية شهر رمضان في منتصف مايو/أيار الماضي. وتمثل ظهورهم في نصب بعض الكمائن العسكرية على الطرقات، ومداهمة منازل ومرافق اقتصادية تعود لمواطنين يدّعي التنظيم تعاونهم مع الأمن المصري، بالإضافة إلى مهاجمة كمائن ومواقع عسكرية عدة، والتصدي لحملات عسكرية قام بها الجيش أخيراً في بعض مناطق انتشار التنظيم جنوب مدينتي بئر العبد والشيخ زويد. كما انتشر مقطع فيديو منسوب للتنظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي يهدد فيه عدداً من رموز سيناء الذين يتمتعون بعلاقة وثيقة مع الأمن المصري؛ ومنهم نواب في مجلس الشعب وإعلاميون وغيرهم، بالقتل بتهمة التعاون مع الأمن ومساندته، ما أحدث إرباكاً في المشهد الأمني خلال اليومين الماضيين، تخوفاً من تنفيذ التنظيم لتهديداته كما جرت العادة.

تسود مخاوف من موجة جديدة من الإرهاب في شمال سيناء

وأشارت المصادر القبلية إلى أن عودة نشاط التنظيم مجدداً، بعد حديث المسؤولين العسكريين والمحليين عن سيطرة الجيش المصري في الفترة الأخيرة، وإنهاك قدرات تنظيم "داعش" في سيناء، أصابت كثيرين بانتكاسة، في ظلّ تنفيذ التنظيم لعمليات إرهابية، نتج عنها قتل قيادات بارزة في قوات الجيش ومتعاونين معه، والمساس بمشاريع اقتصادية ومرافق تابعة للجيش والمتعاونين معه. فضلاً عن التهديد الأول من نوعه لنواب في مجلس الشعب في شمال سيناء، ما يثير المخاوف من أن موجة جديدة من الإرهاب قد تضرب شمال سيناء مجدداً خلال الأيام القليلة المقبلة، وهو ما يستدعي استنفاراً عسكرياً عاجلاً لمواجهة التنظيم ومنعه من التعدي على المواطنين والمرافق الاقتصادية، في ظل بدء عودة عشرات المواطنين إلى المحافظة، بالتزامن مع الهدوء الأمني، وشروع الحكومة المصرية في إنشاء مشاريع على صعيد البنى التحتية، خصوصاً في مناطق العريش والشيخ زويد.

ولفتت المصادر القبلية إلى أنّ الهدوء النسبي في شمال سيناء، دفع عجلة إعادة الإعمار في المحافظة التي تعرضت لموجات من الدمار والإرهاب على مدار السنوات السبع الماضية، خصوصاً في مدينتي الشيخ زويد والعريش، مع عودة الحياة إلى طبيعتها في هاتين المدينتين خلال الأشهر الماضية، وتراجع التنظيم عن نشاطه العسكري في قلب مراكز المدن منذ عامين تقريباً. وهذا ما تجلى أخيراً من خلال زيارة قائد أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد لسيناء، وتجوله في مدينة رفح الجديدة، والشيخ زويد، والعريش، وسط وعود جديدة بتحسين الوضع المعيشي في المحافظة خلال الفترة المقبلة، في حين لم تسجل خسائر مادية أو بشرية في صفوف قوات الجيش والشرطة خلال الأسابيع الماضية، ولا تكاد تذكر منذ بداية العام الحالي. إلا أنّ عودة نشاط التنظيم خلال الأيام الأخيرة قد يؤثر نسبياً على المشهد العام، ويبعث بالقلق في حال عدم تدارك الموقف مجدداً، ومنع "ولاية سيناء" من التوسع، وفق ما يرى المتابعون للشأن في سيناء.

شيخ قبلي: قتل العريان سيدفع الجيش للقيام بحملة انتقام له خلال الأيام القليلة المقبلة

وحول قتل المسؤول العسكري البارز في شمال سيناء، العميد أركان حرب خالد علاء الدين العريان، برصاص قناص أثناء عمليات عسكرية للجيش جنوب مدينة الشيخ زويد، مساء الأحد، قال أحد مشايخ سيناء لـ"العربي الجديد"، إن "التنظيم سجل إنجازاً أمنياً وعسكرياً له بقتل العريان، وهو قائد قوات التدخل السريع في شمال سيناء، وقائد الوحدة 888 لمكافحة الإرهاب سابقاً، ويعد أحد أبرز وجوه مكافحة الإرهاب في المحافظة على مدار سنوات الصراع مع التنظيم الإرهابي". وأضاف المتحدث نفسه "أنّ شخصية بهذا المستوى لا تتحرك في المحافظة بدون مواكبة عسكرية كبيرة، خصوصاً إذا كان التحرك في مناطق ساخنة كجنوب الشيخ زويد حيث وقعت عملية القتل". ورأى أنّ "قتل العريان سيدفع الجيش للقيام بحملة انتقام له خلال الأيام القليلة المقبلة ضد التنظيم، الذي قد يتراجع للوراء قليلاً لامتصاص غضب الجيش، خصوصاً أن العريان يتمتع بعلاقة إيجابية مع عدد كبير من الضباط الميدانيين في مناطق شمال سيناء".

وعن توقيت الهجمات، أشار الشيخ القبلي إلى أنه "من الواضح أن مسببات استنفار التنظيم مجدداً، غير مرتبطة بالشأن الداخلي في سيناء، خصوصاً أنه لم يحدث أي تغيير في المشهد أو على صعيد التحركات الأمنية للجيش خلال الأيام الماضية، يستدعي استنفار التنظيم وتنفيذه لهجمات ضد قوات الجيش والمتعاونين معه". واعتبر أن تحركات التنظيم هي "رسائل يوجهها الأخير إلى النظام المصري، بأنه لا يزال موجوداً على الأرض، خصوصاً في ظلّ التحركات السياسية المصرية الأخيرة في قطاع غزة الملاصق لمحافظة شمال سيناء، والتعاون بين حركة حماس التي تدير الملف الأمني في القطاع، وجهاز الاستخبارات المصرية، في ملف سيناء خصوصاً، وملاحقة التنظيم على جانبي الحدود، لا سيما على صعيد حركة التهريب والتسلل على مدار السنوات الماضية".

المساهمون