تجدد توترات صربيا وكوسوفو: حلفاء بريشتينا ينتقدونها وموسكو تدعم بلغراد

28 مايو 2023
عناصر من شرطة كوسوفو في زفيتشان، الجمعة (فرانس برس)
+ الخط -

تجدّد الخلاف بين صربيا وكوسوفو، أول من أمس الجمعة، على خلفية التوترات التي رافقت تنصيب رؤساء بلديات من أصل ألباني في شمال البلاد، حيث تتمركز الأقلية الصربية، التي لا تزيد عن 4 في المائة من مجمل سكان كوسوفو، وما تخللها من مواجهات.

ودفع هذا الأمر الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، أول من أمس، إلى وضع الجيش في حالة تأهب قصوى، وإرسال قوات منه إلى حدود كوسوفو. وقال وزير الدفاع الصربي ميلوش فوتشيفيتش في بث تلفزيوني حي: "أمرت بتحرك عاجل (للقوات) نحو حدود كوسوفو. من الواضح أن هناك إرهاباً ضد المجتمع الصربي في كوسوفو".

انتخابات 23 إبريل

وتعود ذيول القضية الأخيرة إلى انتخابات محلية أُجريت في 23 إبريل/نيسان الماضي، نظمتها سلطات كوسوفو في أربع مناطق يشكل الصرب، الذين قاطعوا الانتخابات، أغلبية فيها.

ودعمت بلغراد الصرب في المقاطعة الانتخابية، مؤيدة إنشاء "اتحاد للبلديات الصربية". ولم يشارك في الاقتراع سوى 1500 ناخب من أصل 45 ألفاً مسجلين.

وأول من أمس الجمعة، رافقت وحدات من الشرطة الكوسوفية رؤساء البلديات الجدد من أصل ألباني، وهم لولزيم هيتيمي لبلدية ليبوسافيتش، وإردين أتيك لبلدية ميتروفيتسا، وإزمير زيكيري لبلدية زوبين بوتوك، وإيلير بيتشي لبلدية زفيتشان. مع العلم أن الألبان يشكّلون نحو 92 في المائة من سكان كوسوفو.

اندلعت الاشتباكات بسبب تولي ألبان رئاسة بلديات صربية
 

وخلال محاولة رؤساء البلديات تسلم مهامهم، اندلعت احتجاجات للأقلية الصربية، ما دفع الشرطة إلى استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين. وأفادت وكالة "فرانس برس" عن وقوع مواجهات بين عدد من السكان الصرب والشرطة أمام بلدية زفيتشان أولاً.

وقالت مساعدة رئيس المستشفى المحلي دانيكا رادوميروفتيش لوسائل إعلام محلية، إن حوالي عشرة أشخاص أصيبوا بجروح طفيفة، وجرت معالجتهم في مستشفى بالشطر الشمالي من ميتروفيتسا، مشيرة إلى أن سيارة واحدة على الأقل للشرطة تضررت.

واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين في بلديتين أخريين هما ليبوسافيتش وزوبين بوتوك، كما ذكر التلفزيون الوطني الصربي. ونصب صرب حواجز بالقرب من ليبوسافيتش، كما أضاف التلفزيون.

وذكرت شرطة كوسوفو، في بيان، أن خمسة من رجالها أصيبوا بجروح طفيفة عندما رشقهم المتظاهرون بالحجارة وأشياء أخرى. وأضاف البيان أن أربع سيارات للشرطة تعرضت للهجوم، من بينها واحدة اشتعلت فيها النيران، مشيرة إلى سماع دوي إطلاق نار في المنطقة. وعلى الأثر رفعت بلغراد استنفارها، موجّهة الجيش إلى الحدود مع كوسوفو.

ولم تكن المرة الأولى التي ترسل فيها صربيا جيشها إلى حدود كوسوفو، على اعتبار أن البلديات الصربية هناك متاخمة للحدود الصربية. كما أن صربيا لا تعترف باستقلال كوسوفو، الذي أعلنته في عام 2008، وتعدّه إقليماً تابعاً لها، على الرغم من تدخل حلف شمال الأطلسي في عام 1999، لوضع حدّ للقصف اليوغوسلافي (الاسم السابق لصربيا)، على كوسوفو.

ومنذ ذلك الحين تتمركز وحدات من "الأطلسي"، تحت اسم "كفور" في كوسوفو، ويبلغ عدد عناصرها نحو 3800 جندي. وذكرت وكالة "رويترز"، أن عربات عدة لقوات "كفور" شوهدت بالقرب من مواقع الاشتباكات، بينما حلقت طائرات هليكوبتر فوق المنطقة.

واتهم كبير موظفي الرئاسة في كوسوفو، بليريم فيلا، "الكيانات الإجرامية وغير القانونية لصربيا"، بتصعيد التوتر ومواجهة هيئات إنفاذ القانون. وشدّد في بيان على أن "العنف لن يسود. صربيا تتحمل المسؤولية كاملة عن التصعيد".

واعتبر في تغريدة على "تويتر"، أن "أي محاولة تسلل لعسكريين صرب في زي مدني إلى شمال البلاد، ستعرض السلام والاستقرار في المنطقة للخطر"، متهماً "النظام الصربي" بتصعيد الوضع لـ"ضمان بقائه".

وعلى الرغم من كون كوسوفو محسوبة على المعسكر الغربي، غير أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دانا قرار بريشتينا في السماح لألبان بترؤس بلديات صربية. وذكر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في بيان، أن "هذه الأفعال أدت إلى تفاقم الخلافات بشكل حاد وغير ضروري، بما يقوّض الجهود التي نبذلها للمساعدة على تطبيع العلاقات بين كوسوفو وصربيا، وستكون لها تداعيات على علاقاتنا الثنائية مع كوسوفو".

السفير الأميركي في كوسوفو: تندد الولايات المتحدة بالإجراءات المستمرة من جانب سلطات بريشتينا

 

كما دعت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، إلى "التراجع فوراً واحتواء التصعيد". وعبّرت هذه الدول في بيان مشترك عن "قلقها إزاء قرار صربيا رفع مستوى تأهب قواتها المسلحة عند الحدود مع كوسوفو". ودعا البيان "كل الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنّب الخطاب التحريضي".

وندد السفير الأميركي في بريشتينا، جيفري هوفينير، بما أقدمت عليه الشرطة. وكتب على "تويتر": "تندد الولايات المتحدة بالإجراءات المستمرة من جانب سلطات كوسوفو للوصول إلى مباني البلديات في شمال كوسوفو. يجب إنهاء التدابير العنيفة التي اتُّخذت على الفور".

كما دعا رئيس وزراء ألبانيا إيدي راما، حكومة كوسوفو لعدم المضي فيما وصفه بـ"المسار غير الضروري في شمال البلاد". وقال إن "المضي في هذا المسار خطير وغير ضروري، في وقت سلط العالم بأسره الضوء على تطبيع العلاقات بين كوسوفو وصربيا".

الدعم الروسي لصربيا

من جهتها، أبدت روسيا دعماً مطلقاً لصربيا، حسبما أكد مدير الدائرة الأوروبية الرابعة في وزارة الخارجية الروسية يوري بيليبسون، معتبراً في حديثٍ لوكالة "نوفوستي" الروسية أنه "من الضروري أن يكون كل قرار بشأن كوسوفو مقبولاً بالنسبة للصرب وموافقاً عليه من قبل مجلس الأمن الدولي. والغرب يتعامل مع القانون الدولي بشكل انتقائي، ويسعى بكل الطرق لاستبدال هذه الوثيقة الأساسية، بمخططات أحادية الجانب لا تأخذ بعين الاعتبار المصالح الأساسية للشعب الصربي، وتجبره على الاعتراف بسيادة إقليم (كوسوفو)".

وأضاف: "سنواصل دعم بلغراد في الدفاع عن حقوقها الشرعية وسيادة ووحدة أراضيها. ليست لدينا أسباب للشك في ثبات قيادة صربيا عندما يدور الحديث عن حماية المصالح الوطنية".

كذلك أيد وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو، صربيا، معتبراً خلال تظاهرة مؤيدة لفوتشيتش في بلغراد، نُظّمت على خلفية حادثتي إطلاق نار في مدرسة وفي قرية حصلتا مطلع الشهر الحالي: "نتعرض مع صربيا لهجوم بسبب دعمنا للسلام في أوكرانيا". وأضاف: "بلدانا يواجهان هجمات لا ترحم من التيار الليبرالي الدولي السائد، ويهاجموننا لأننا نرفض منحهم ما يريدون".

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)

المساهمون