بدأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، حشد قوى المجتمع المدني مبكراً، تحسبا لاستحقاقات سياسية في السنة الأخيرة من ولايته الرئاسية الأولى والتي ستشهد إجراء الانتخابات الرئاسية في غضون عام 2024، حيث جدد استمراره في الرهان على قوى المجتمع المدني، لدعم سياساته وخياراته، معتمداً عليها بشكل مركزي في مشروعه السياسي "الجزائر الجديدة"، فيما أثار سعي السلطة إلى توسيع دور المجتمع المدني على حساب الأحزاب والقوى السياسية، جدلاً سياسياً خلال السنوات الأربع الماضية.
وقال تبون في كلمة ألقاها بالإنابة عنه رئيس الحكومة نذير العرباوي، خلال افتتاح مؤتمر لفعاليات المجتمع المدني، اليوم السبت: "أؤكد مجدداً أنّ (الجزائر الجديدة) التي جعلت من المجتمع المدني والشباب، الركِيزةَ الأساسية فِي بِنائها، ستمضي قدما وبثباتٍ نحو أَخلقة الحياةِ العامة وتكرِيسِ مقاربة تشاركية على المستويين المركزِي والمحلِي فيِ كل ما يتعلق بمعالجة الانشغالات اليومية للمواطِن".
وأكد تبون أنه سيستمر في إعطاء أهمية خاصة "لترقية وتثمين دورِ المجتمع المدني ليكون إطاراً تفاعلياً للنقاش العام حول مختلفِ الرهانت والتحديات الجماعية، وأيضاً باعتباره طرفاً هاماً في معادلة التنمية عبر دوره التضامني والرقابي"، فضلاً عن "تمكين المجتمع المدني في المساهمة بتشكيلِ العديدِ من الهيئات الوطنية الهامة على غرار السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، والسلطة الوطنية للشفافية والوقاية، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي".
وجاء عقد مؤتمر المجتمع المدني تزامناً مع مرور السنة الرابعة لانتخاب الرئيس تبون، وفي حين يعطي هذا الخطاب عرضاً من الامتيازات التي منحها تبون لصالح قوى المجتمع المدني، والفرص التي وفرها لصالح توسيع مشاركتها في الحياة السياسية وتسيير الشأن العام بعنوان الديمقراطية التشاركية، إلا أنه يطرح في الوقت نفسه مؤشرات عن رغبة تبون في الاستفادة السياسية من دفاع وإشادة قوى المجتمع المدني بحصيلته خلال السنوات الأربع الماضية، وإسناده في الاستحقاقات المقبلة التي يبدو أن من أهمها وجود رغبة لديه بالترشح لولاية رئاسية ثانية.
ومنذ انتخابه في ديسمبر/ كانون الأول 2019، أعلن تبون نفسه مرشحاً باسم المجتمع المدني، واعتبر القوى المدنية إسناده السياسي الأول قبل الأحزاب السياسية، وقال في تصريح سابق ردا على سؤال عما إذا كان يرغب في إنشاء حزب سياسي: إنه "لا يرى ضرورة لذلك في ظل وجود مجتمع مدني قوي يسنده، ولا حاجة له بحزب يدعم سياساته، خاصة وأن الحزب نفسه الذي كان ينتمي اليه (حزب جبهة التحرير الوطني) لم يصوت لصالحه في انتخابات عام 2019".
تبون يلقي الاثنين خطاباً بعد أربع سنوات من حكمه
وثار جدل سياسي لافت خلال الفترة الأولى من حكم الرئيس تبون، حيث بدا أنّ هناك توجهاً من قبله لتهميش المجتمع السياسي لصالح الفعاليات المدنية، وخلال الانتخابات النيابية التي جرت في مايو/ أيار 2021، عمل تبون عبر إجراءات وتدابير في قانون الانتخابات على تشجيع الشباب والقوائم المستقلة عن الأحزاب والتي تضم ناشطين في المجتمع المدني، للحصول على الأغلبية في البرلمان، لكن النتائج لم تكن كذلك، حيث حصلت كتلة المستقلين على 85 مقعداً فقط من مجموع 407 مقاعد، قبل أن يتراجع تبون عن خيار تهميش القوى السياسية ويعيد ترتيب سياساته على أساس التقارب مع مختلف الأحزاب السياسية.
وكان الرئيس تبون قد استدعى غرفتي البرلمان للانعقاد في دورة طارئة بعد غد الاثنين، حيث أعلنت الرئاسة أن تبون قرر التأسيس لتقليد سنوي يتعلق بخطاب رئاسي حول حالة البلاد، وسيلقي الاثنين خطاباً عن حصيلته في غضون الأربع سنوات الأولى من حكمه، قبل أقل من سنة من نهاية ولايته الأولى وإجراء الانتخابات الرئاسية.