- يُعتقد أن المهاجمين تلقوا تدريبًا عسكريًا مكنهم من تنفيذ الهجوم بكفاءة، مع خطط للهروب إلى أوكرانيا، مما يعزز الشكوك حول تورط كييف، وتتوعد روسيا برد قوي إذا ثبتت مسؤوليتها.
- الاستخبارات الأوكرانية تنفي أي دور لها وتتهم الأجهزة الروسية بالتخطيط للهجوم كجزء من استراتيجية لتوسيع الحرب، فيما يُظهر الهجوم تعقيد الوضع ويسلط الضوء على التوترات المتصاعدة بين البلدين.
رغم تبني تنظيم "داعش" للهجوم المسلح في قاعة العروض "كروكوس سيتي هول" في ضواحي العاصمة الروسية موسكو، الذي وقع مساء أمس الجمعة، وراح ضحيته 115 قتيلاً وفق أحدث حصيلة رسمية معلنة حتى الآن، إلا أن أصابع الاتهام الروسية لم تزل موجهة صوب أوكرانيا التي نفت ضلوعها في الهجوم، فالبلدان في حرب مفتوحة منذ أكثر من عامين.
وأكّدت أجهزة الأمن الروسية، اليوم السبت، أن المشتبه بهم في هجوم موسكو كانت لديهم "جهات اتصال" في أوكرانيا إلى حيث كانوا يعتزمون الفرار، فقد أوردت وكالة "تاس" للأنباء نقلاً عن أجهزة الأمن الروسية قولها: "بعد تنفيذ الهجوم الإرهابي، كان المجرمون يعتزمون المغادرة عبر الحدود الروسية الأوكرانية، وكانت لديهم جهات اتصال مناسبة على الجانب الأوكراني".
وتجزم رواية الأجهزة الأمنية الروسية بأن المسلّحين تلقوا تدريباً عسكرياً أو تدربوا على الرماية، وفق ما نقلته صحيفة "كوميرسانت" الروسية، لافتة إلى أنهم تعاملوا بشكل منسق، وكأنهم اعتادوا مثل هذه الأعمال. وما يعزّز واقعية هذه الفرضية الهدوء الذي توجّهت به المجموعة من مرتدي أزياء تمويهية إلى قاعة العروض، وكأنها عناصر أمنية تتولى تأمين الفعاليات، ثم أطلقت النار عبر زجاجات الأبواب والواجهة، وأصبحت تقتل كل من صادفته في طريقها، ولاذت بالفرار في نهاية المطاف.
في موازاة ذلك، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن عضو البرلمان والجنرال السابق، أندري كارتابولوف، اليوم السبت، قوله إنه إذا تبين أن أوكرانيا مسؤولة عن هجوم موسكو فيتعين أن يكون هناك رد واضح في مضمار القتال.
وتوعد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، الرئيس السابق دميتري مدفيديف، الجناة، كاتباً في منشور على قناته على "تليغرام" في ساعة متأخرة من مساء أمس: "لا يفهم الإرهابيون سوى الإرهاب الجوابي. لن تفلح أي محاكم وتحقيقات ما دامت القوة لم تُواجَه بالقوة، وتُواجَه الوفيات بإعدامات شاملة في حق الإرهابيين وقمع عائلاتهم".
وأضاف: "إن تأكد أن هؤلاء إرهابيو نظام كييف، فمن المستحيل التعامل معهم هم وملهميهم الفكريين بطريقة أخرى، بمن فيهم مسؤولو الدولة التي ارتكبت مثل هذه الجنح".
لكن الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، اتهمت أمس الجمعة، الأجهزة الخاصة الروسية بالتخطيط للهجوم على قاعة "كروكوس سيتي هول"، مؤكدة عبر "تليغرام" أن "الهجوم الإرهابي في موسكو كان استفزازاً مخططاً ومتعمداً من الأجهزة الخاصة الروسية، بناء على أوامر الرئيس فلاديمير بوتين"، كما اعتبرت أن الهجوم "يجب أن يُفهم على أنه تهديد من بوتين لإثارة التصعيد وتوسيع الحرب".
ويُعد الهجوم على موسكو الأكبر الذي تتعرّض له روسيا منذ بدء الحرب المفتوحة في أوكرانيا.
وكانت الولايات المتحدة قد حذرت روسيا في وقت سابق من هذا الشهر، من هجوم إرهابي مُحتمل ضدّ "تجمّعات كبيرة" في موسكو، بحسب ما أعلن البيت الأبيض الجمعة.
وقالت المتحدّثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، أدريان واتسون، "في وقت سابق هذا الشهر، كانت لدى الإدارة الأميركيّة معلومات بشأن مخطّط هجوم إرهابي في موسكو يُحتمل أن يستهدف تجمّعات كبيرة، بما في ذلك الحفلات الموسيقيّة، وقد تشاركت واشنطن هذه المعلومات مع السلطات الروسيّة".
وبدأت الأحداث في "كروكوس سيتي هول" تتطور عند الساعة الثامنة مساءً تقريباً، قبيل انطلاق حفل لفرقة الروك "بيكنيك"، إذ دخلت السيارة التي خرج منها خمسة مسلحين يرتدون لباساً تمويهياً إلى ساحة الانتظار بجوار المجمع قبل تنفيذ الهجوم.
وقال أليكسي، وهو منتج موسيقي كان في غرفة تبديل الملابس وقت الهجوم، لـ"فرانس برس": "قبل البداية مباشرة، سمعنا فجأة رشقات ناريّة عدّة من أسلحة رشّاشة وصراخ امرأة ثمّ الكثير من الصراخ". وأضاف أنّه رأى الجمهور يتدافع سعياً للهرب.
ووفق صحافي في وكالة أنباء ريا نوفوستي العامّة، اقتحم أفراد يرتدون ملابس مموّهة قاعة الحفل، قبل أن يفتحوا النار ويُلقوا "قنبلة يدويّة أو قنبلة حارقة، ما سبّب نشوب حريق".
وقال الصحافي: "ارتمى الأشخاص الموجودون في القاعة أرضاً للاحتماء من إطلاق النار لمدّة تتراوح بين 15 و 20 دقيقة، وبعد ذلك بدؤوا بالزحف للخروج. وتمكّن كثيرون من الخروج".
وامتدّت النيران إلى ما يقرب من 13 ألف متر مربّع من المبنى قبل احتواء الحريق، وفق خدمات الطوارئ، لكن حوالي الساعة الواحد فجراً السبت، كان الحريق لا يزال مشتعلاً، وفق الوزارة التي استخدمت مروحيّات في عمليات الإطفاء.
وأورد التلفزيون الروسي أنّ سقف المبنى انهار جزئياً. ولم تتوافر معلومات عن عدد الأشخاص الذين يُحتمل أن يكونوا محاصرين في الداخل.
ونشرت قناتا "بازا" و"ماش"، المعروفتان بقربهما من الشرطة، على "تلغرام" مقاطع فيديو تظهر مسلّحَين على الأقلّ يتقدّمان في القاعة، وأخرى تظهر جثثاً ومجموعات من الأشخاص يندفعون نحو المخرج. وتظهر صور أخرى متفرّجين يختبئون خلف مقاعد أو يغادرون قاعة الحفلات الموسيقيّة.
(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)