استمع إلى الملخص
- القضية ضد خان تعتبر هشة ولا تستند إلى أدلة قوية، لكن القوى السياسية والعسكرية في البلاد تعيق تحقيق العدالة والإنصاف، مما يضعف الأمل في تغيير الوضع القائم.
- عمران خان يظل محتجزًا بتهم أخرى بما في ذلك عقوبة بالسجن لمدة سبع سنوات في قضية تتعلق بشرعية زواجه، مما يسلط الضوء على التحديات أمام النظام القضائي والسياسي والصراع بين القوى السياسية والعسكرية في باكستان.
لم يلقَ حكم البراءة الذي حصل عليه رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان من محكمة عليا، الاثنين، من تهمة الخيانة التي سبق وأدين بها، تفاعلاً كبيراً وسط أنصاره وحزبه حركة الإنصاف، بعدما اعتبروا أن الحكم مؤقت، ويمكن أن يتغير بما أن قرارات المحاكم الباكستانية يمكن نقضها مرة أخرى. وتتعلق القضية بالاتصالات الدبلوماسية بين واشنطن وإسلام أباد، التي قال خان إنها جزء من "مؤامرة أميركية" لإطاحة حكومته قبل عامين.
وبرأت هيئة مكونة من قاضيين في المحكمة العليا في إسلام أباد أيضًا وزير الخارجية السابق في حكومة خان، شاه محمود قريشي، الذي كان متهمًا بالمشاركة في القضية.
وفي 30 يناير/ كانون الثاني الماضي، قضت محكمة باكستانية بالسجن 10 سنوات على كل من عمران خان وقريشي بتهمة "إفشاء أسرار الدولة". ومنذ أن أصدرت المحكمة الباكستانية، أمس الاثنين، تبرئة خان من تهمة تسريب أسرار الدولة لم يعلق "حركة الإنصاف" الذي يتزعمه على القرار بشكل إيجابي ومتفائل أو بترحيب كبير، بحجم تأثير القضية على خان وحزبه.
تعليقاً على ذلك، قال المحامي الباكستاني محمد كريم خان لـ"العربي الجديد": "نعرف جميعًا أن قرار محكمة إسلام أباد في حق عمران خان ونائبه شاه محمود قريشي وهو وزير الخارجية السابق، سيتم نقضه في المحكمة العليا"، مضيفاً "الجميع يعي جيداً أن المحكمة العليا منحازة بكل ما تحمله الكلمة من معنى إلى الحكومة والمؤسسة العسكرية، وهي تقوم بما تريده المؤسسة العسكرية".
وتابع "بالتالي هذا القرار مؤقت وسيتم نقضه، وسيأتي القرار في المحكمة العليا ضد خان، لذا نرى أن التفاؤل لدى قيادة وأنصار خان شبه معدوم، ولا يوجد هناك كثير اهتمام به"، موضحاً أن "قضية تسريب أسرار الدولة هي قضية هشة جداً ضد عمران خان، لا توجد فيها أدلة تثبت إدانته، ولكننا نعرف أن وراء القضية قوة كبيرة وهي من لها القرار ومن لها الكلمة".
وأضاف كريم خان "يبدو أنها كانت تنتظر من خان أن يتنازل، ولكنه لم يفعل ذلك. بالتالي لم تتغير لهجة خطاب المؤسسة العسكرية في التعامل مع عمران خان ومع القضايا الموجهة إليه وإلى القيادات في حزبه"، مشيراً إلى وجود قضاة "يؤيدون خان وينحازون لحقه، لكنهم يشتغلون في المحاكم الفرعية وليس المحكمة العليا"، التي أوضح أن هناك قضاة فيها "معظمهم يوالون المؤسسة العسكرية، لا سيما رئيس المحكمة القاضي فائز عيسى".
وبعد صدور التبرئة، أعلن حزب الرابطة الإسلامية الحاكم، أمس الاثنين، أنه سيتوجه إلى المحكمة العليا لنقض القرار، فيما زعم القيادي في الحزب، طلال شودري، في مؤتمر صحافي، أن "القضية واضحة جداً"، بينما يرى كثير من المراقبين أن الحكم القادم قد يكون في صالح الحزب الحاكم وليس حزب عمران خان. بدوره، قال الناطق باسم الحكومة في الشؤون القضائية عقيل ملك، إن الحكومة قررت نقض القرار "من أجل مصلحة البلاد والمصلحة الوطنية، ولأن البوح بأسرار البلاد جريمة لا يمكن التغاضي عنها".
عارف علوي: قضية خان خيالية
في الأثناء، قال عارف علوي، الرئيس الباكستاني السابق والقيادي في حزب عمران خان في حديث للصحافيين، إن "قرار محكمة إسلام أباد قرار مناسب جداً"، معتبراً أن "قضية البوح بأسرار الدولة قضية خيالية، ليس فيها أدلة تثبت تورط أو إدانة زعيم الحزب أو أي قيادي فيه".
بدوره رأى الأمين العام في نقابة الشباب في حزب عمران خان برويز عادل أن "القضية واضحة جداً، عمران خان لا يقبل التنازل، والمؤسسة العسكرية لن تسمح له بالخروج مهما تكون قرارات المحاكم، والصراع مستمر"، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ "الحق سينتصر في نهاية المطاف، إذ لا يمكن قمع الشعب بأسره، خاصة الشباب، وهم مع خان". وتابع "نعرف جميعًا أن القضية ستبقى كما هي، وستحسم المحكمة العليا الأمر ضد خان مرة أخرى، وسيبقى زعيم حزب حركة الإنصاف في السجن، مدانًا في أكثر من قضية، ولكنه يزيد بهذا الثبات شعبيته وحبه في قلوب الناس".
وفي وقت سابق أكدت "حركة الإنصاف"، على لسان أكثر من مسؤول فيها، أنّها تتفاوض مع المؤسستيْن العسكرية والأمنية، اللتين توصفان في باكستان بـ"الدولة العميقة"، لإخراج البلاد من المأزق السياسي الجاري، بينما وصفت الحكومة الباكستانية تلك المبادرة بأنّها محاولة لحصول عمران خان وقياديين في حزبه مدانين في قضايا مختلفة على العفو.
وقضية تسريب أسرار الدولة هي واحدة من أربع قضايا أدين فيها خان قبيل الانتخابات العامة الباكستانية في فبراير/ شباط. وصدر قرار بوقف تنفيذ الحكم في قضيتين من هذه القضايا لحين استكمال الاستئناف. لكن على الرغم من صدور قرار بتبرئته، سيظل خان في السجن يقضي عقوبة بالسجن لمدة سبع سنوات في قضية أخرى تتعلق بشرعية زواجه من زوجته الثالثة بشرى خان.