تواصل قوى سياسية عراقية مختلفة تحذيراتها من إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وذلك بعد يومين فقط من التحاق "الحزب الشيوعي" بقائمة المقاطعين للانتخابات عقب كل من "القوى المدنية" و"التيار الصدري".
وتروّج القوى الداعية للتأجيل بأن الظرف غير مناسب لإجراء الانتخابات، محاولة ربطها بالملف الأمني الذي يشهد تراجعا ملحوظا، في وقت أكدت فيه أطراف تقف ضد التأجيل أن تلك القوى تسعى لاستغلال الأزمات للدفع نحو التأجيل.
وعلى الرغم من مضي مفوضية الانتخابات العراقية بإجراءاتها الفنية لإجراء الانتخابات في موعدها، إلا أن الكثير يعتقدون أن النفوذ الذي تتمتع به القوى التي لا تريد الموعد سيدفع باتجاه التأجيل.
ويستند المعارضون لإجراء الانتخابات والمنسحبون منها إلى ما يسمونه "السلاح المنفلت للمليشيات، والمال السياسي الذي دخل مبكرا في الانتخابات، فضلا عن عدم وجود ضمانات بعدم تكرار التزوير الذي شهدته انتخابات 2018".
وتحالف "الفتح"، الجناح السياسي لفصائل "الحشد الشعبي"، دخل أخيرا على خط المشككين والداعين لتأجيل الانتخابات، إذ حذر النائب عن التحالف مهدي تقي، من خطورة الوضع الأمني في البلاد وتأثيراته على الانتخابات البرلمانية المرتقبة.
وقال تقي، في تصريح صحافي، أمس الأحد، إن "الوضع الأمني في العراق يشهد تدهورا خطيرا، وسط تراجع في الأداء الأمني في مختلف المناطق في البلاد، ما سيفتح لعناصر "داعش" ثغرات جديدة لشن هجماتهم الإرهابية، سواء على المواطنين أو على القوات الأمنية".
وأضاف أن "هذا التراجع الأمني الخطير ستكون له بالتأكيد نتائج سلبية على إجراء الانتخابات البرلمانية، أو حتى على قضية الإقبال والمشاركة الشعبية فيها، إذ إن المواطنين لا يمكنهم الإدلاء بأصواتهم من دون وجود استقرار أمني".
وشدد على مطالبة الجهات الأمنية بـ"اتخاذ عدة إجراءات لإعادة ضبط الأمن في المدن كافة، من خلال تفعيل الجهد الاستخباري، إضافة لضرورة إجراء تغييرات أمنية".
من جهته، أبلغ مسؤول رفيع في مفوضية الانتخابات، "العربي الجديد"، اليوم الإثنين، بأن التحضيرات التي تجريها المفوضية العليا للانتخابات متواصلة، مؤكدًا توقيع اتفاقيات تتعلق بطابعة أوراق الاقتراع وقوائم الناخبين، مبيّنا أن المفوضية تواصل استعداداتها ضمن الموعد المحدد إلى جانب الحكومة وبعثة الأمم المتحدة الداعمة لإجراء الانتخابات في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وفي السياق، حذر النائب أسعد المرشدي عضو تحالف "عراقيون" الذي يتزعمه عمار الحكيم، من خطورة استمرار إعلان الشخصيات والجهات السياسية مقاطعتها الانتخابات، مؤكدًا أن "استمرار تلك الجهات بالحديث عن التأجيل والانسحاب وعدم القدرة على إجراء الانتخابات سيعطي دافعا لمزيد من الجهات بالتوجه نحو التأجيل، كما سيوسع دائرة عزوف المواطنين عن المشاركة، ويدفعهم إلى مقاطعة أكبر".
واعتبر المرشدي، في بيان له، أن "ذلك سيعطي أيضا رسائل غير إيجابية للمجتمع الدولي بعدم نزاهة العملية الانتخابية، كما سيدفع باتجاه سحب بعض الأطراف الدولية يدها من العراق بمختلف المجالات، ومنها الانتخابية".
واستبعد النائب السابق عن "تحالف النصر" صادق المحنا، إجراء الانتخابات في موعدها، وقال لـ"العربي الجديد"، إنه "لا توجد إمكانية لإجراء الانتخابات في موعدها (..) هناك معرقلات كثيرة تعترض طريقها، فالصراع السياسي بدأ، والتصعيد بدأ، والقوى السياسية المتنفذة تتدخل لتنفيذ أجنداتها، ما يجعل من إجراء الانتخابات في موعدها أمرا صعبا، إن لم أقل مستحيلا".
وشدد المحنا على أن "هناك استغلالا سياسيا للأزمات، والانتخابات ستؤجل للسنة القادمة حتى ترتب تلك الجهات وضعها، وإذا تم عكس ذلك فإن الأمور تتجه نحو الفوضى، فالتدخلات الحزبية والمليشياوية تتصاعد، وتدفع باتجاه التأجيل".
لكن مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات عبد الحسين الهنداوي علق، أمس الأحد، في تصريحات لمحطة تلفزيون محلية عراقية، على الانسحابات بأنها "تبقى وجهات نظر، لكن الانتخابات ستجري".
وأضاف الهنداوي: "هؤلاء الذين يقولون لن تجري الانتخابات جميعهم مشاركون في الانتخابات، ولديهم مرشحون، فهذه جميعها تصورات ومخاوف وآراء محترمة، لكنها غير واقعية قليلاً".