أطلقت رئيسة مجلس العموم البريطاني، بيني موردنت، أمس الجمعة، حملتها لخلافة ليز تراس، في رئاسة الوزراء، لتصبح أول نائبة من حزب المحافظين تعلن رسمياً خوض السباق، في ظل تكهنات بأنه سينضم للمنافسة رئيس الوزراء الأسبق المستقيل بوريس جونسون، ووزير المالية السابق ريشي سوناك.
ومع أنهما لم يعلنا ترشّحهما حتى ما بعد منتصف اليوم السبت، فإن جل المؤشرات تفيد بأن هذه الأسماء الثلاثة هي التي ستتنافس للحصول على مئة صوت قبل يوم الاثنين القادم، مع العلم أن سوناك يتفوق على جونسون وموردنت بأكثر من ثلاثين صوتاً.
وموردنت كانت الأقل شهرة في السباق الذي خاضه الحزب في يوليو/ تموز الماضي لخلافة جونسون، إلا أنها وصلت إلى المراكز الثلاثة الأولى قبل أن تخرج رسمياً من المنافسة التي انحصرت بين سوناك وتراس. وما أن بدأت تراس مهامها رئيسة للحكومة، حتى سعت لتعيين موردنت رئيسة لمجلس العموم، وكانت هي من نابت عن تراس في الجزء الأول من الجلسة الطارئة التي عُقدت تحت قبة البرلمان للإجابة عن سؤال "حزب العمال" المعارض حول الأوضاع الاقتصادية والميزانية الجديدة.
وأوحت موردنت في تلك الجلسة، خلال لعبها دور رئيس الحكومة لربع ساعة فقط، أنها تطمح فعلاً لتولي المنصب، وكانت حظوظ تراس في البقاء في منصبها شبه معدومة منذ ذلك الحين. إلا أن تلك الفرصة القصيرة لاستعراض "العضلات السياسية والقيادية"، لم تكن مثمرة بالنسبة إلى موردنت في مواجهة زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر، والأوضاع الداخلية التي يعيشها المحافظون. بدلاً من استعراض تلك العضلات، وجدت نفسها مدفوعة بحكم الضرورة للاعتذار مراراً وتكراراً عن تغيّب تراس، مؤكّدة أن رئيسة الحكومة لديها "سبب وجيه" للتأخر عن الجلسة.
طفولة صعبة
ولدت موردنت في منطقة ديفن (جنوب غرب)، التي تعتبر الأجمل في المملكة المتحدة، إلا أن طفولتها لم تكن وفيرة وحنونة كتلك المنطقة، إذ إنها فقدت والدتها المصابة بالسرطان في سنّ مبكّرة، وكان عليها تحمّل مسؤولية رعاية شقيقيها وأب مريض هو الآخر.
تزوّج والدها من جديد عندما بلغت موردنت سن الثامنة عشرة، فسافرت إلى رومانيا ما بعد الشيوعية، حيث عملت مدة عام في دار للأيتام.
وهناك نمت رغبتها بالخوض في السياسة. عادت إلى المملكة المتحدة بعدها لدراسة الفلسفة، وأصبحت رئيسة اتحاد الطلاب.
وموردنت التي التحقت بمدارس عامّة مثلها مثل تراس، اضطرت في المرحلة الجامعية إلى تمويل دراستها عبر العمل، كما عملت لاحقاً في الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن.
مواقف محافظة وبطء في الأداء
على عكس تراس، كانت موردنت منذ البداية من أشدّ المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وما زالت.
ترأست جناح الشباب في حزب المحافظين، وكانت مسؤولة الصحافة لدى الزعيم ويليام هيغ. كما اشتهرت في عام 2014 خارج أروقة ويستمينستر عبر مشاركتها في برنامج الغوص الشهير "سبلاش" على قناة "آي تي في"، وهو برنامج ضمن ما يسمى بـ"تلفزيون الواقع".
عملت لفترة وجيزة وزيرة للدفاع في حكومة تيريزا ماي، وكانت أول امرأة تشغل هذا المنصب، لكنها أقيلت مع تولي بوريس جونسون منصب رئيس الوزراء، عقاباً لها على دعمها منافسه جيرمي هانت. وقام جونسون أيضاً بتخفيض راتبها، وهو المعروف عنه دعمه للولاء وليس الكفاءة.
وفي إحدى المناظرات التلفزيونية التي أقيمت لكل المرشّحين في السباق الماضي، رفضت موردنت أن تجيب بـ"نعم" على السؤال المشترك الذي وجّه للجميع: "هل كان جونسون رئيس وزراء جيداً؟".
إلا أنها شكرته على إنجاز "بريكست" وتعهدت باستعادة "المعايير والثقة"، وهما مفردتان اتّهم جونسون بالافتقار إليهما. وتلخّصت وعودها باسترجاع "القيم المحافظة التقليدية المتمثلة في الضرائب المنخفضة".
ولموردنت مواقف جريئة تسبّبت لها بالكثير من الانتقادات، كدعمها حقوق المتحوّلين جنسياً عندما كانت وزيرة للمساواة. أما أكثر ما يؤخذ على موردنت من قبل منتقديها في الحزب، فهو "كسلها"، و"البطء في اتخاذ القرارات".