بوتين يلتقي باشينيان وعلييف: تفعيل للدور الروسي في جنوب القوقاز؟

31 أكتوبر 2022
بوتين وعلييف وباشينيان في سوتشي، العام الماضي (ميخائيل كليمنتييف/فرانس برس)
+ الخط -

بدعوة من موسكو، تنعقد في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود جنوب روسيا، اليوم الاثنين، أول قمة ثلاثية بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأذربيجاني إلهام علييف، ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، منذ قرابة عام، من المنتظر أن تتركز على الوضع في إقليم ناغورنو كاراباخ وقضية التسوية النهائية بين يريفان وباكو والدفع بالعلاقات الاقتصادية.

وبحسب بيان صدر عن المكتب الصحافي للكرملين: "من المخطط النظر في سير تحقيق الاتفاقات الثلاثية بين قادة روسيا وأذربيجان وأرمينيا بتاريخ 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، والخطوات اللاحقة لتعزيز الاستقرار والأمن في جنوب القوقاز"، كما ستجري مناقشة استعادة العلاقات في مجال التجارة والاقتصاد والنقل، وتطويرها. وأضاف الكرملين في بيانه أنه من المقرر أيضاً عقد محادثتين منفصلتين بين بوتين وعلييف وبين بوتين وباشينيان على هامش القمة.

وبدوره، أعرب باشينيان خلال مؤتمر حزبه "العقد المدني"، أول من أمس السبت، عن استعداد بلاده للتوقيع على وثيقة تمديد فترة تفويض قوات حفظ السلام الروسية في ناغورنو كاراباخ لمدة تصل إلى 20 عاماً، داعياً بوتين إلى طرح مثل هذه المبادرة خلال القمة.

دور روسيا في جنوب القوقاز

ويعتبر المحلل السياسي المتخصص في شؤون جنوب القوقاز، أندريه أريشيف، أن روسيا يمكنها أداء دور فعال في تسوية الخلافات الأرمينية الأذربيجانية في الملفات مثل ترسيم الحدود، مقللاً في سياق آخر من واقعية الاستفادة من تجربة ناغورنو كاراباخ في تجميد النزاع لوقف أعمال القتال في أوكرانيا.

ويقول أريشيف في حديث مع "العربي الجديد": "ستتناول القمة قضايا تسوية العلاقات الأرمينية الأذربيجانية، مع أخذ المقترحات الروسية بعين الاعتبار. يمكن لروسيا أن تبذل جهوداً لإتمام عملية ترسيم الحدود، وأن تساعد بعثتها في تخفيف التناقضات".


أندريه أريشيف: تمر العلاقات الروسية الأرمينية بمرحلة صعبة

ومع ذلك، يقلل أريشيف من قدرة اللاعبين الإقليميين والدوليين على الضغط على أرمينيا وأذربيجان من أجل إتمام التسوية، مضيفاً: "تسعى فرنسا لإنماء دورها في جنوب القوقاز، ربما سعياً منها لتعويض انتكاستها في الساحل الأفريقي الذي أصبحت حكومات دوله تفضّل التعامل مع الشركات العسكرية الروسية بدلاً منها، ولكن لا أعتقد أنه يمكنها أداء دور هام على المدى البعيد. كما أن بيان الولايات المتحدة لم يحتوِ هو الآخر على أي حل واضح".

وحول رؤيته لدور أنقرة وموسكو، يتابع: "لا أعتقد أن تركيا ستمارس ضغوطاً كبيرة على أذربيجان، لأن العلاقة بينهما هي علاقة تحالف هام أقرب إلى تنسيق متبادل. وتمر العلاقات الروسية الأرمينية هي الأخرى بمرحلة صعبة، مما يقلل من تأثير موسكو على يريفان".

ومع ذلك، سبق لبوتين أن أكد خلال الدورة غير العادية لمجلس الأمن الجماعي التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي انعقدت بنظام مؤتمر الفيديو، الجمعة الماضي، أن روسيا ستقوم بكل ما في وسعها من أجل تطبيع العلاقات بين أذربيجان وأرمينيا مع إبرام اتفاقية سلام في الأفق.

وأقر بأن روسيا لا يمكنها على الرغم من "وضعها الصعب إلى حد كبير"، أن تكون بمنأى عن المشكلات والخلافات بين دول الجوار، واعداً بالمساهمة في تسويتها بطريقة سلمية.


أعرب باشينيان عن أمله في بقاء القوات الروسية 20 عاماً في ناغورنو كاراباخ

وحتى الحرب المفتوحة في إقليم ناغورنو كاراباخ في خريف عام 2020 والتي انتهت بهزيمة لأرمينيا، ظل النزاع في الجيب الأرميني في الداخل الأذربيجاني مجمّداً لأكثر من ربع قرن، مع اندلاع بعض المواجهات المحدودة، بما فيها اشتباكات إبريل/نيسان 2016.

وبعد تحول النزاع في منطقة دونباس الواقعة في الشرق الأوكراني إلى حرب شاملة بدءاً من 24 فبراير/شباط الماضي، باتت عودة الهدوء إليه، ولو من دون تسوية، بمثابة سيناريو إيجابي لوقف أعمال القتال التي أسفرت عن مقتل آلاف الأشخاص من العسكريين والمدنيين الروس والأوكرانيين.

المقارنة مع أوكرانيا

إلا أن أريشيف يشكك في إمكانية تجميد النزاع الروسي الأوكراني وفق نموذج ناغورنو كاراباخ في المرحلة الراهنة، قائلاً: "يمكن إيجاد نقاط تشابه من جهة أن كلا النزاعين إثنيان، ولكن في حال أرمينيا وأذربيجان يجري الحديث عن تثبيت الوضع ضمن حدود البلدين المعترف بها دولياً، وهو ما لا ينطبق على حالة روسيا وأوكرانيا".

وما كان لانشغال روسيا بعملياتها العسكرية في أوكرانيا وتدهور علاقاتها مع الغرب، أن يمرّا من دون أن يقوّضا دورها كالحكم والوسيط الرئيسي في النزاع الأرميني الأذربيجاني.

واعتبر رئيس قسم القوقاز بمركز الدراسات ما بعد السوفييتية في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فاديم موخانوف، أن مجموعة مينسك (التي تشكّلت لحل النزاع في ناغورنو كاراباخ)، التي تشارك في رئاستها روسيا وفرنسا والولايات المتحدة منذ عام 1992، لم تعد تعمل فعلياً اليوم. ونقلت صحيفة "فيدوموستي" الروسية عن موخانوف قوله إن المنصة البديلة للمفاوضات والوساطة هو الاتحاد الأوروبي، وسط اهتمام يريفان وباكو به.

ومنذ آخر قمة روسية أرمينية وأذربيجانية في سوتشي في نوفمبر 2021، لم يعقد باشينيان وعلييف لقاءات رسمية سوى بمنصات الاتحاد الأوروبي، ومنها أربعة لقاءات في بروكسل بمشاركة رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، ومرة واحدة في العاصمة التشيكية براغ، حيث انضم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى المجتمعين.