بن سلمان والسيسي... مشاورات مكررة بشأن ملفات سياسية واقتصادية

23 يونيو 2022
حرص بن سلمان على التحدث والسيسي عن "ناتو" عربي (الأناضول)
+ الخط -

سلط البيان الختامي المشترك الذي صدر عن مصر والسعودية، في ختام زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى القاهرة، التي بدأها مساء الإثنين الماضي واختتمها أول من أمس، الضوء على أبرز الملفات التي كانت موضعاً للمشاورات بين الطرفين.

وحسب البيان، فقد "عقدت جلسة مباحثات رسمية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والأمير محمد بن سلمان، جرى خلالها استعراض العلاقات بين البلدين، وتم بحث سبل تطوير وتنمية العلاقات في جميع المجالات، بما يعزز ويحقق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين".


جاء بن سلمان إلى القاهرة بمطالب قديمة، أبرزها ضم مصر إلى تحالف عسكري إقليمي في مواجهة إيران

وأشار إلى أنهما "تناولا مستجدات الأوضاع التي تشهدها المنطقة والعالم، مؤكدين على وحدة الموقف والمصير المشترك تجاه مجمل القضايا والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".

لا نتائج محددة آنية للقاء بن سلمان والسيسي

وبحسب مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الزيارة التي تخللها لقاء بين بن سلمان والسيسي في جلسة مباحثات مغلقة، لم تسفر عن نتائج محددة آنية.

ووفقاً لهذه المصادر، فقد جاء بن سلمان إلى القاهرة بمطالب قديمة، أبرزها "ضم مصر إلى تحالف عسكري إقليمي في مواجهة إيران"، وهو ما قوبل بفتور مصري ليس بجديد.

كما طلب السيسي مساعدات عاجلة وأموالا سائلة للمساعدة في الأزمة الاقتصادية. في المقابل، تم، بحسب البيان الختامي للزيارة، الإعلان عن عزم المملكة قيادة استثمارات في مصر تبلغ قيمتها 30 مليار دولار أميركي، من دون تحديد برنامج زمني.

وقالت مصادر مصرية دبلوماسية خاصة لـ"العربي الجديد"، إن "الهدف الرئيس من وراء زيارة ولي العهد السعودي إلى القاهرة، هو توحيد المواقف والتنسيق من أجل الظهور أمام الإدارة الأميركية والرئيس (الأميركي جو) بايدن كفريق واحد قبيل زيارة الأخير إلى المنطقة".

تشابه البيان الجديد مع بيانات سابقة

وأضافت المصادر أنه "في ما يتعلق بالقضايا التي تخص كلاً من القاهرة والرياض، فلم تسفر زيارة ولي العهد السعودي عن أي جديد، والدليل هو ما جاء في البيان المصري السعودي المشترك عقب انتهاء الزيارة، والذي يتشابه مع البيانات المشتركة السابقة بين البلدين، والتي يتكرر فيها التأكيد على وحدة الموقف والمصير المشترك تجاه القضايا والتطورات الإقليمية والدولية، وما إلى ذلك من محفوظات دبلوماسية لا أكثر".

وأوضحت المصادر أنه "بينما أكدت السعودية دعمها للأمن المائي المصري، وحثت إثيوبيا على عدم اتخاذ إجراءات أحادية بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وعبّرت عن تضامنها مع مصر لحماية أمنها القومي، أكد الجانب المصري تضامنه الكامل مع المملكة في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها الوطني، وشدد على رفضه أي اعتداءات على الأراضي السعودية، مؤكداً أن أمن البلدين كل لا يتجزأ".

وقالت المصادر إن "النقطة الاستراتيجية المهمة بالنسبة إلى الجانب السعودي، والتي حرص ولي العهد على التحدث بشأنها مع السيسي، هي موضوع إيران وتشكيل ناتو عربي. لكن هذه القضية بالذات تواجه معارضة قوية داخل القوات المسلحة المصرية، التي ترى أنه لا يوجد أي ضرورة استراتيجية للدخول في مواجهة مع إيران، بل ربما يكون العكس هو الصحيح".

وبحسب المصادر، فإن "قبول مصر الانضمام إلى تحالف عسكري إقليمي تقوده إسرائيل، يعني مباشرة انتهاء شرعية دولة يوليو (23 يوليو/تموز 1952) التي أسسها الضباط الأحرار". واعتبرت أنه "لو وقعت الحرب مع إيران ستكون آخر الحروب في الشرق الأوسط".

يشار إلى أن البيان الختامي المشترك للزيارة أكد دعم الجانبين الجهود الدولية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، ودعم الجهود العربية لحث إيران على الالتزام بالمبادئ الدولية بعدم التدخل في شؤون الدول العربية، والمحافظة على مبادئ حسن الجوار، وتجنيب المنطقة جميع الأنشطة المزعزعة للاستقرار، بما فيها دعم المليشيات المسلحة، وتهديد الملاحة البحرية وخطوط التجارة الدولية.

لا أموال سعودية عاجلة لمصر

ووفقاً لهذه المصادر، فإنه "في مقابل هذا الموقف الرافض من جانب مصر، لم يقدم الجانب السعودي الأموال العاجلة التي طالب بها الرئيس المصري سراً وعلانية، حيث قال إنه يحتاج إلى 25 مليار دولار بشكل عاجل، واكتفى بتقديم استثمارات تقدر بنحو 8 مليارات دولار، ووعد بأن المملكة سوف تجمع استثمارات أخرى في المستقبل تقدر بـ30 مليار دولار، لكنه ترك الأمر مفتوحاً على احتمالات كثيرة".


لم يقدم الجانب السعودي الأموال العاجلة التي طالب بها السيسي سراً وعلانية

ولفتت المصادر إلى أنه "حتى الـ8 مليارات دولار التي ضختها المملكة كاستثمارات في مصر، كلها قادمة من شركات خاصة وليست حكومية، وأن الجانب المصري كان يتوقع على الأقل ضعف هذا الرقم، وأن يكون الاستثمار عبر الصندوق السيادي السعودي والجهات الحكومية الأخرى، وهذا لم يحدث".

وقالت المصادر إنه "من خلال قراءة الموقف والاتفاقيات التي وقّعتها المملكة للاستثمار في مصر، والتي شملت بنى تحتية وموانئ ومحطات كهرباء وغير ذلك، يتضح أن السعودية تنافس الإمارات في الاستحواذ على قطاعات حيوية في مصر".

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بدأ أولى جولاته خارج منطقة الخليج منذ أكثر من ثلاث سنوات، من مصر التي زارها مساء الاثنين الماضي، ثم غادر أمس الأول الثلاثاء إلى الأردن ثم إلى تركيا التي غادرها مساء أمس الأربعاء.

أبرز الملفات بين بن سلمان والسيسي

وتحدثت مصادر دبلوماسية مصرية، وأخرى مقربة من دوائر صناعة القرار، عما قالت إنها أبرز الملفات التي كانت مطروحة خلال اللقاء المغلق بين ولي العهد السعودي والسيسي. 

وأشارت إلى أن "الترتيبات الأمنية الجديدة في الإقليم، والتي تسعى المملكة لأن تكون مكوناً فاعلاً فيها، في إطار مساعيها لتوفير مظلة أمنية في مواجهة التهديدات التي تواجهها من جانب إيران ووكلائها في المنطقة، تصدرت أجندة المباحثات الخاصة بين الطرفين".

وأوضحت المصادر أن "هناك تنسيقاً عالي المستوى بين مصر والسعودية على الصعيدين العسكري والاستخباري، في ما يخص أمن البحر الأحمر". وأشارت إلى أن "معظم الملفات التي تناولها اللقاء كانت شبه منتهية، وأن الزيارة كان هدفها فقط التدشين الرسمي للاتفاقيات، التي أنهاها كبار المسؤولين في البلدين خلال شهرين مضيا".

وتحدثت المصادر عما قالت إنه "الضغوط السعودية على الجانب المصري من بوابة المساعدات الاقتصادية والاستثمارات المباشرة، لسرعة إنهاء المعوقات التي تحول دون تدشين الاتفاق الخاص بالتحالف الأمني العربي الإسرائيلي، في منطقة الشرق الأوسط، للدفاع الجوي، بهدف مواجهة الطائرات المسيّرة القتالية، والصواريخ البالستية، بمشاركة من الولايات المتحدة الأميركية ودول المنطقة".

وقالت المصادر إن "أبرز المعوقات التي يسعى بن سلمان لتجاوزها في هذا الإطار قبل القمة المرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن مع دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى مصر والأردن والعراق، هي المعارضة المصرية للانخراط في تحالف مضاد لإيران، إضافة إلى عدم اكتمال مسار عودة العلاقات المصرية التركية، حيث تعد أنقرة ركناً أساسياً ضمن التحالف الإقليمي الجديد".


عرضت القاهرة مؤخراً تعديل مسمى التحالف الأمني الجديد، الذي يرتكز على نشر عدد من المنظومات الدفاعية في دول بالإقليم

وأكدت المصادر أن القاهرة "عرضت أخيراً، تعديل مسمى التحالف الأمني الجديد، والذي يرتكز على نشر عدد من المنظومات الدفاعية في دول بالإقليم، بهدف توفير مزيد من الأمن لدول المنطقة".

ولفتت المصادر إلى أن القاهرة "طالبت بألا يكون التحالف موجها ضد إيران بالاسم، وأن تتضمن الإشارة في ميثاق تدشينه إلى أن هدفه هو مواجهة جميع الأخطار التي تهدد أمن المنطقة". 

وأوضحت أن "النظام المصري الحالي في طبيعته لا يفضل الانضمام للأحلاف، لكنه يفضل التواجد في المناطق الوسيطة، إلا أنه تحت ضغط الأزمة الاقتصادية الراهنة، قد يستجيب إلى الرغبة السعودية الخليجية، أملاً في مزيد من المساعدات والدعم الاقتصادي".

وقالت المصادر إن هناك "رغبة سعودية في الانخراط ضمن شراكة من شأنها السيطرة على استثمارات الطاقة في شرق المتوسط، عبر إقامة تحالف تركي إسرائيلي مصري، بتمويل سعودي، وهو الأمر الذي يستوجب إنهاء الخلافات بين القاهرة وأنقرة، وهو ما يسعى بن سلمان للعمل عليه".

وذكرت المصادر أن زيارة بن سلمان للقاهرة "شهدت التدشين الفعلي لنقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير للمملكة"، لافتة إلى أن الفترة المقبلة "ستشهد الإجراءات العملية لذلك، حيث من المقرر أن تعلن كل من مصر وإسرائيل عن إدخال تعديلات جديدة على اتفاقية كامب ديفيد الموقعة عام 1979".

المساهمون