وصل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مساء الاثنين، إلى العاصمة المغربية الرباط، في أول زيارة له منذ تقلده حقيبة الخارجية، قادما من دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث شارك في "قمة النقب" التطبيعية، التي شهدت حضور وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
وينتظر أن يلتقي الوزير بلينكن، يوم الثلاثاء، مع رئيس الحكومة المغربي عزيز أخنوش، ونظيره بوريطة ومسؤولين حكوميين كبار آخرين. كما سيجتمع الوزير الأميركي بخريجين مغاربة استثنائيين من برامج التبادل التي ترعاها الولايات المتحدة، وفق الخارجية الأميركية.
وحسب مراقبين مغاربة، فستتصدر العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، خاصة الصحراء وملف التطبيع مع إسرائيل والأزمة الأوكرانية، قائمة الملفات التي سيثيرها بلينكن مع المسؤولين المغاربة خلال زيارته الأولى التي تأتي بعد 21 يوماً من زيارة مماثلة لنائبته، ويندي شيرمان.
كما ينتظر أن يجتمع الوزير بلينكن أثناء تواجده في الرباط بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد لبحث مسألة الأمن الإقليمي والتطورات الدولية، بحسب بيان للخارجية الأميركية.
ووصل بن زايد إلى الرباط بعد انتهاء القمة الثلاثية في شرم الشيخ مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيل نفتالي بينت، في زيارة خاصة.
وينتظر أن يتوجه بلينكن يوم الأربعاء إلى الجزائر العاصمة لعقد اجتماعات مع المسؤولين الجزائريين، بينما تسود حالة من الترقب لما يمكن أن يحمله رئيس الدبلوماسية الأميركية في جعبته بخصوص الوضع في المنطقة، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة في الأشهر الأخيرة بين البلدين بشأن الصراع في الصحراء.
ووفق الباحث في العلاقات الدولية بوبكر أونغير، فإنه من المنتظر أن تسعى الولايات المتحدة إلى بذل جهود دبلوماسية من أجل حلحلة العلاقات المغربية الجزائرية، خصوصا أن أوروبا والعالم بأسره بحاجة ماسة إلى الغاز الجزائري، الذي يمر عبر المغرب بالضرورة، في ظل العقوبات الاقتصادية والسياسية المفروضة على الغاز الروسي.
من جانبه، يرى الباحث في العلاقات الدولية نبيل الأندلوسي، أن "الزيارة ستكون بالنسبة للرباط فرصة لتأكيد الموقف الأميركي من الحكم الذاتي والاعتراف بمغربية الصحراء، والقطع مع أي تردد بشأن هذه القضية، وهو ما عبر عنه بيان اختتام زيارة نائبة وزير الخارجية، ويندي شيرمان، في وقت سابق من هذا الشهر إلى المغرب، الذي أكد أن (الولايات المتحدة تواصل اعتبار المخطط المغربي للحكم الذاتي جادا وذا مصداقية وواقعية، وذلك باعتباره مقاربة تستجيب لتطلعات سكان المنطقة)".
ويلفت الأندلوسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هذا الموقف ليس فقط قبولا بالطرح المغربي، بل ومفسرا لسبب هذا الدعم"، مضيفا: "هناك عنوانان لهذه الزيارة، الأول يهم المغرب وهو انتزاع وضوح أكبر وموقف لا يقبل الغموض بخصوص الصحراء، والعنوان الثاني يهم مساعي الخارجية الأميركية لحشد دعم أكبر بخصوص موقف المملكة المغربية من الأزمة الروسية الأوكرانية".
من جهته، يرى أونغير، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "زيارة بلينكن تأتي في إطار سعي أميركي لحشد الدعم الدولي لمساندة أوكرانيا، وإعطاء تطمينات لحلفائها من دول المنطقة المغاربية والشرق أوسطية بأن واشنطن ستبذل قصارى جهدها من أجل تأمين الأمن الغذائي الدولي، والحفاظ على الاحتياطات الضرورية من الطاقة، وبعث رسائل مطمئنة للدول الحليفة والصديقة على أنها لا تتخلى عن حلفائها في وقت الأزمات".
وكانت الرباط قد أعلنت تشبثها بمبدأ "عدم اللجوء إلى القوة" في تسوية النزاعات بين الدول، مؤكدة على دعمها "للوحدة الترابية والوطنية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة"، في أول موقف لها حيال الأزمة الأوكرانية. كما امتنعت، في 2 مارس/آذار الحالي، عن التصويت بالجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يطالب روسيا بـ"الانسحاب الفوري" من الأراضي الأوكرانية.
وعشية زيارة بلينكن، ذكرت الخارجية الأميركية أن الشراكة الثنائية والاستراتيجية بين واشنطن والرباط راسخة في المصالح المشتركة في السلام والأمن وكذلك الازدهار الإقليمي، مرحبة بـ"دور المغرب في تعزيز الاستقرار والازدهار الإقليمي وكذلك التطبيع التاريخي مع إسرائيل"، وفق وصفها.