أثارت تصريحات منسق "الهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة"، الصادق بلعيد، بشأن بعض مقترحات أو مخرجات الدستور الجديد، جدلاً واسعاً في تونس، مساء الإثنين.
وكشف بلعيد، في حوار للتلفزيون الرسمي بعض الأفكار أو القرارات المتعلقة بمشروع الدستور الجديد الذي سيعرض على الاستفتاء، يوم 25 يوليو/ تموز القادم، دون أن يوضح إذا ما كانت هذه الأفكار هي مقترحات شخصية أو مخرجات ومقررات نهائية للدستور الجديد.
وأكد بلعيد أنّ "الدستور الجديد يسعى إلى تحقيق توازن بين صلاحيات رئيس الدولة والهيكل الحكومي، ولكنه يحرص على التعاون بين مختلف السلط حتى لا تحدث المآزق كما كان في السابق".
وأضاف "ستصبح الحكومة على شكل (هيئة حُكمية) ولن يكون لديها سلطة تنفيذية صرفة؛ بل سلطة مبادرة وتفكير، وستكون أساساً مكلفة بالنظام الاقتصادي، وتتمحور سلطتها حول المبادرة والمراقبة وليس التنفيذ"، على حد قوله.
وأوضح بلعيد أنّ رئيس الدولة هو من يختار رئيس هذه الهيئة إثر الانتخابات وهو من يعيّنه، دون أن يكون ذلك مشروطاً باختياره من الحزب الفائز بالأغلبية البرلمانية كما كان سابقاً، معتبراً أنّ ذلك (النظام السابق) كان يمثل "كارثة أوصلتنا إلى عديد المشاكل".
وفي حال فشل الرئيس في اختيار الشخصية التي ترأس الهيئة؛ يمكنه تعيين شخصية ثانية لإدارتها، فيما إذا فشل في المرة الثانية فسيتخلى عن منصبه ويغادر الحكم، بحسب ما يقول بلعيد.
ولم يوضح بلعيد ما هي آلية تحديد الفشل والنجاح لرئيس الحكومة أو الهيئة. وهل ستكون موكولة للبرلمان بنظام التصويت بالأغلبية أم لا، وما هي آلية استقالة الرئيس في هذه الحالة.
وأشار بلعيد إلى أنّ الحكومة الجديدة أو الهيئة لن يكون لها دور تنفيذي، ولكنه لا يوضح من سيدير الدولة والوزارات في هذه الحالة.
وبالنسبة إلى البرلمان، قال بلعيد إنّ "البرلمان سيبقى على مستوى دوره التشريعي فقط، وإن دور رئيس الجمهورية سيكون في المقابل أعلى من الهياكل الدستورية والهياكل الحزبية"، وفق تعبيره.
كما شدد على ضرورة "إحداث هيئة دستورية وازنة وذات هيبة"، وبآلية "لا تكرر نفس الفشل في انتخاب أعضائها"، و"ربما يتم تعيينهم حتى تكون قادرة على إصدار قراراتها المتعلقة بمراقبة الدستور".
رئيس الدولة هو من يختار رئيس "الهيئة الحكمية" إثر الانتخابات وهو من يعيّنه، دون أن يكون ذلك مشروطاً باختياره من الحزب الفائز بالأغلبية البرلمانية
ولكن الأكثر لفتاً في تصريحات بلعيد ما جاء حول إلغاء الهيئات الدستورية التي أحدثت سابقاً، لأنها تمّت "في إطار محاصصة حزبية وتقسيم السلطة"، كما يقول.
واعتبر أنه لا حاجة إلى إدراج هذه الهيئات بالدستور الذي سيكون مفتوحاً على إمكانية إحداث هيئات جديدة لاحقاً وحسب الحاجة. وأكد أنّ "الدولة الراعية انتهت"، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة الخروج من الدور المهيمن للدولة من خلال الإدارة التي أكد تردي خدماتها وسيطرتها على الإنتاج دون خلق ثروة.
وشدّد كذلك على دور المواطن في المنظومة الاقتصادية الجديدة من خلال العمل وخلق الثروة والحرية المطلقة للمبادرة، واصفاً الإدارة بالمعطّلة للاستثمار وبـ"التّكية" التي تنفق أموالاً على أشخاص لا يقومون بأي عمل، داعياً إلى التخلّص من ذلك.
وتابع: "الحرية ستصبح هي المبدأ والترخيص استثناء". وأكد بلعيد أنّ دور الدولة سيتمحور مستقبلاً حول الاستشراف على المدى البعيد في مواضيع كالطاقة المتجددة وغيرها.
وكان يفترض أن تنتهي "الهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة" من أعمالها، أمس الإثنين، وتسلّم الدستور للمنسق الذي يعرضه على الرئيس، يوم 20 يونيو/حزيران، ليتولى الرئيس عرضه على التونسيين يوم 30 يونيو/حزيران.
ولكن بلعيد لم يعلّق على هذا الخرق للآجال التي حددها قانون إحداث الهيئة واكتفى بالقول إن أشغالها تتقدم.
وسبق أن كشف بلعيد أنّ الدستور الجديد سيتخلى عن الفصل الأول في دستور 2014 الذي يشير إلى أنّ دين الدولة هو الإسلام، ما أثار جدلاً واسعاً في تونس.
وحذرت "حركة النهضة"، في بيان، أمس الإثنين، من "محاولات المساس بثوابت الشعب وهويته العربية والإسلامية ومدنية دولته"، منددة بإثارة "قضايا حسمها الشعب منذ الاستقلال وضمنها في الفصل الأول والثاني من دستور الثورة"، كما استنكرت "المحاولات الرخيصة والخطيرة لتوظيف هذه القضايا في إقصاء المخالفين".