بغداد تقدم شكوى رسمية لمجلس الأمن والأمم المتحدة ضد طهران لقصفها أربيل

17 يناير 2024
اعتبرت بغداد أن الهجوم يعد انتهاكاً لسيادة البلاد وأمن العراقيين (صافين حامد/ فرانس برس)
+ الخط -

قدمت الحكومة العراقية شكوى ضد إيران إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بشأن هجومها الصاروخي الأخير على أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، معتبرة الهجوم انتهاكاً لسيادة البلاد وأمن الشعب العراقي.

وأعلنت السلطات الأمنية في مدينة أربيل، اليوم الأربعاء، انتشال جثة مواطنة فيليبينية تعمل موظفة خدمة في منزل عائلة رجل الأعمال الكردي بيشرو دزيي الذي تعرض للقصف الصاروخي الإيراني، ليل الاثنين. وقال بيان لمديرية أمن أربيل إنه تم انتشال أجزاء من جثة العاملة من تحت الأنقاض، بعد نحو 36 ساعة من البحث تحت أنقاض المنزل.

وبهذا الإعلان ترتفع حصيلة القصف الصاروخي الإيراني على أربيل إلى 5 قتلى أحدهم طفلة بعمر عام واحد، و6 جرحى جميعهم مدنيون، بحسب جهاز الشرطة في أربيل.

ووفقاً لطبيب في دائرة صحة أربيل، فإن جميع الضحايا من القتلى والجرحى عراقيون أكراد.

وقالت وزارة الخارجية العراقية، في بيان صدر في ساعة متأخرة بعد منتصف ليل أمس الثلاثاء، إن "العراق تقدم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، تتعلق بالعدوان الصاروخي الإيراني الذي استهدف مدينة أربيل، وأدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين الأبرياء وإصابة آخرين وتسبب بأضرار في الممتلكات العامة والخاصة".

وأضافت الوزارة أنها "رفعت شكوى بموجب رسالتين متطابقتين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي عبر الممثلية الدائمة لجمهورية العراق في نيويورك، أكدت فيهما أن هذا العدوان يُعد انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق وسلامته الإقليمية وأمن الشعب العراقي".

وزير الخارجية العراقي: ندفع ضريبة التوترات بين أميركا وإيران

إلى ذلك قال وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، اليوم الأربعاء، إن بلاده تدفع ضريبة ما سماه "التوترات" بين أميركا وإيران، مؤكداً تسجيل شكوى رسمية ضد طهران في مجلس الأمن الدولي، وقد حظيت بمساندة كبيرة داخل الدول الأعضاء في مجلس الأمن.

ونقلت محطة التلفزيون المقربة من حكومة إقليم كردستان في أربيل، "رووداو"، عن حسين، قوله، في حديث للصحافة الأميركية على هامش أعمال منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا، إنه "عند بروز تعقيدات بين أميركا وإيران فإن العراق هو من يدفع ثمن هذه التوترات، حيث إن الحرب بين الدولتين تجري على أرض العراق".

وبشأن خروج القوات الأميركية من العراق، أكد حسين في تصريحاته، "أننا نتفاوض مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن لبدء المفاوضات. لذلك نحن نتفاوض حول كيفية البدء. أعتقد أننا توصلنا إلى بعض الخطوات الإيجابية وآمل أن نتمكن خلال فترة قصيرة من الإعلان عن الموعد الذي سنبدأ فيه هذه العملية (التفاوض)"، مضيفاً: "بعد ذلك بالطبع، يمكننا مناقشة الأمور المتعلقة بالقوات الأميركية أو القوات المتحالفة داخل العراق ومتى يمكنهم المضي قدماً، وكيف ستكون معاملتهم داخل العراق، وكيف يمكننا إقامة علاقة ثنائية مع كل هذه الدول".

وأفاد بأنّ "الأمر متروك للأميركيين، إذا وافقوا على بدء المفاوضات، فنحن مستعدون للبدء غداً"، مردفاً: "نريد أن تكون لدينا علاقة جيدة واستراتيجية للغاية مع الولايات المتحدة. لكننا نريد أن تكون لدينا علاقة صحية وطبيعية بين البلدين. ولهذا السبب نبدأ عملية تفاوض جديدة. والمكان الأول الإعلان عن أن ذلك سيكون في مصلحة البلدين، وسيكون في مصلحة المنطقة أيضاً".

وكان حسين قد قال، على هامش منتدى دافوس، إنّ "توجه بغداد إلى مجلس الأمن من شأنه أن يتسبب في مشكلة كبيرة داخل طهران". وأعرب حسين في تصريح لشبكة "سي أن أن" عن إدانة هذه الهجمات، واعتبرها عدواناً وانتهاكاً للقانون الدولي، مؤكدًا اتخاذ إجراءات بما في ذلك التوجه إلى مجلس الأمن في نيويورك.

أربيل تثني على موقف الحكومة العراقية

من جهته، أثنى القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري على الموقف، وقال في تدوينة له على "إكس"، إنّ "موقف الحكومة العراقية ووزارة الخارجية من عدوان الحرس الثوري الإيراني على أربيل عاصمة الإقليم، مشرّف ومتقدم ويمكن أن تعقبه إجراءات عملية وفنية للحد من التدخلات الإيرانية وغيرها، ومحاولات بسط نفوذهم على البلاد والإقليم ويحتاجون إلى مظلة سياسية من الجميع".

وتعد الشكوى العراقية تغيراً واضحاً في موقف حكومة بغداد إزاء إيران، وخاصة أنّ تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في بغداد يعد مقرباً من إيران، وهو ما قد يؤثر على مستوى العلاقة بين البلدين.

وكان مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي قد نفى صحة ادعاءات إيران باستهداف مقر لـ"الموساد" الإسرائيلي في أربيل، مؤكداً أنه "لا أساس لها من الصحة".

وأوضح الأعرجي الذي وصل إلى أربيل على رأس وفد أمني وعسكري رفيع لمعاينة مواقع القصف الإيراني في المدينة: "زرنا موقع القصف وشاهدنا حجم الدمار، ونؤكد أن هذا المنزل عائلي، ومنزل إقامة دائم لعائلة رجل الأعمال بيشرو دزيي".

وتابع: "ستتخذ الحكومة العراقية عدداً من الإجراءات، واللجنة اليوم التقت مع العائلة، وزرنا الراقدين في المستشفى، واطلعنا ميدانياً على موقع القصف، وسوف نكتب تقريراً ونقدمه لرئيس الوزراء".

وحول ذلك قال عضو الحزب الديمقراطي الحاكم في إقليم كردستان العراق، محمد السورجي لـ"العربي الجديد"، إنّ القصف الإيراني والتركي المتواصل على الإقليم، يجعل من المحافظات الكردية الثلاث، مركز صراع إقليمي، وهو ما تعيه حكومة إقليم كردستان وتسعى إلى احتواء ذلك.

وأضاف السورجي أن "إيران تجد في الإقليم مكانا مناسبا لإفراغ ردود فعلها دون أن تسبب مشاكل لها، مع القوى الكبرى، والمطلوب الآن من مجلس الأمن الدولي وضع ملف التصعيد العسكري المتكرر في الإقليم من مختلف الأطراف على جدول أعماله لأن بغداد أضعف من أن يتم التعويل عليها بحماية الإقليم"، وفقاً لقوله.

ومنذ عام 2020، وجهت إيران العشرات من الضربات الجوية بالصواريخ والطائرات المسيرة الملغومة نحو مناطق على الحدود مع إيران بحجج وذرائع مختلفة، منها الرد على جماعات كردية إيرانية معارضة للنظام الإيراني، فيما قصف الحرس الثوري الإيراني مناطق حيوية داخل أربيل.

المساهمون