ما زالت تبعات التصريحات التي أدلى بها وزير الشؤون الأفريقية السعودي أحمد قطان، السفير السابق للمملكة في القاهرة، تلقي بظلالها على العلاقات بين البلدين، وتثير توترا في المشهد السياسي المصري، إذ ركز نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، في الساعات الماضية، على ما كشفه قطان من اقتراح مصطفى الفقي، المدير الحالي لمكتبة الإسكندرية والمقرب من نظام عبدالفتاح السيسي، أن تلجأ الرياض للشكوى ضد القاهرة في الأمم المتحدة لإثبات سعودية جزيرتي تيران وصنافير.
وزعم قطان، الذي لم يعلق على تصريحاته أي مسؤول مصري، أنه رفض هذا المقترح "لأنه ليس من المعقول أن نقف ضد الشقيقة مصر في الأمم المتحدة"، مما دفع البعض للمطالبة بمحاكمة الفقي وتوجيه تهمة التخابر له.
ولعب الفقي دورا في التمهيد الإعلامي الذي أجراه نظام السيسي بعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية في إبريل/نيسان 2016، للالتفاف على الحكم القضائي ببطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.
وكان الفقي دائم الحضور في الندوات والمؤتمرات معبراً عن الرؤية الرسمية المصرية السعودية، وكان ظهوره الأول في هذا الصدد بتاريخ 11 إبريل/نيسان 2016 في مداخلة تلفزيونية، زعم فيها أن الجزيرتين كانتا وديعة سعودية لدى مصر، وبعدها بأسبوع في ندوة رابطة خريجي الأزهر بكلية الدعوة الإسلامية، قال إن "الخرائط القديمة تظهر أن الجزيرتين مصريتان، بينما الخرائط الجديدة تؤكد سعوديتهما".
لعب الفقي دورا في التمهيد الإعلامي الذي أجراه نظام السيسي بعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية في إبريل/نيسان 2016، للالتفاف على الحكم القضائي ببطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير
واستمر الفقي في لعب دور الموضوعية المصطنعة حتى بعد صدور حكم الإدارية العليا في يناير/كانون الثاني 2011 بتأييد حكم بطلان التنازل عن الجزيرتين. ففي حوار تلفزيوني آخر بتاريخ يونيو/حزيران 2017 قال: "أشعر بمرارة بالغة بنقل تبعية الجزيرتين، ولكن لا يمكن أن أنكر حقيقة واضحة وضوح الشمس، فلا يمكن لأي عاقل أن ينكر وجود الثوابت"، موجها انتقادات لطريقة "إخراج الاتفاقية بالتزامن مع زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة".
وفي خضم تلك الأزمة، اعتمد السيسي تعيين الفقي مديرا لمكتبة الإسكندرية، بعد سنوات من الابتعاد عن العمل الرسمي. وعرف الفقي، الذي شغل مناصب رسمية ودبلوماسية عدة، أبرزها سكرتير الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك للمعلومات من 1985 إلى 1992، بعلاقته الوطيدة بقطان ووزارة الخارجية السعودية.
وكشفت وثائق "ويكيليكس" التي سربت عن أعمال الخارجية السعودية أن الفقي أعد للسفارة السعودية في القاهرة تقارير مقابل أجر نهاية عام 2012 ومطلع عام 2013، بعناوين مثل "مخاوف 25 يناير"، و"أزمة التصريحات القديمة للرئيس المنتخب آنذاك محمد مرسي".
وعلق الفقي على ذلك بأنه "أعد الدراسات التحليلية شاملة تحليل معلومات ذات مصادر معروفة ومعلنة، وأنه تحدث بفحواها في ظهوره الإعلامي، وأنها ليست تقارير معلوماتية".
وما زال الفقي معروفا بتبني الرؤية السعودية في الإعلام المصري، فمنذ ثلاثة أيام فقط وجه نقدا لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتعاملها الأخير مع قضية اغتيال جمال خاشقجي، ووصف تصريحاتها بأنها "خروج على النص التقليدي في العلاقات السعودية الأميركية الممتدة لعقود طويلة، باعتبار أن العلاقة الأميركية السعودية هي الأقوى في منطقة الشرق الأوسط بعد علاقة أميركا بدولة الاحتلال الإسرائيلي"، مضيفا، في لقاء تلفزيوني على قناة "إم بي سي" السعودية، أن "بايدن يجب عليه مراجعة نفسه في التعامل مع المملكة، لأن معاداتها ليست في صالحه".