في غضون ثلاثة أشهر فقط، شهدت المملكة المتحدة زعيمين لـ"حزب المحافظين"، ورئيسين للحكومة، وثلاثة وزراء مالية، وثلاثة وزراء للداخلية. واليوم، تعيش المملكة ومعها "حزب المحافظين" لحظات دقيقة، في انتظار انتخاب رئيس وزراء جديد قادر على حمل إرث ثقيل من الاقتصاد المتداعي، والخدمات المتردية، وغلاء المعيشة، وفواتير الطاقة، وتداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والحرب الروسية على أوكرانيا.
وسيكون أمام المرشحين لخلافة زعيمة الحزب المستقيلة ليز تراس، حتى ظهر يوم الإثنين، لحشد أصوات 100 من أصوات أعضاء البرلمان، ليتمكّنوا بعدها من خوض الانتخابات عبر التصويت الإلكتروني. وأعلن رئيس لجنة 1922 غراهام برادي أنّ المنافسة لن تمتدّ لأكثر من أسبوع، بحيث يختار أعضاء الحزب زعيمهم الجديد بحلول يوم الجمعة 28 أكتوبر/ تشرين الأول، تفادياً للإرباك الذي تسبّب به السباق الماضي بين ليز تراس وريشي سوناك، والذي استغرق شهرين.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته شركة "بيبل بولينغ"، مساء أمس الخميس، انخفاض شعبية "حزب المحافظين" إلى أدنى مستوى من الدعم في تاريخ الاقتراع البريطاني، حيث حصل على 14% فقط من الأصوات، مقابل ارتفاع شعبية "حزب العمال" المعارض إلى 53%، فيما لم يحصل "الديمقراطي الليبرالي" إلا على 11% من الأصوات.
ويعكس هذا الاستطلاع وما سبقه من استطلاعات أجريت خلال الشهرين الماضيين، التخبّط الذي يعيشه الحزب الحاكم الغارق في انقسامات عميقة، تأتي وسط تكاثف الأزمات العالمية والمحلية، ما يجعل مهمة أي رئيس حكومة اليوم أصعب وأعقد. ويأتي أيضاً وسط تزايد حدّة المطالبة بانتخابات عامة مبكّرة وفورية.
وحتى هذه اللحظة، لم يعلن أي عضو في الحزب نيّته الترشّح، بمن فيهم بوريس جونسون، الذي يسعى حلفاؤه لحشد الأصوات الكافية لاسترجاعه. إلا أنّ كل المؤشرات تؤكّد وجود أغلبية لافتة قد يحصل عليها وزير المالية السابق ريشي سوناك، الذي خسر السباق الماضي، ليكون المنافس الأقوى لجونسون، بينما لم تحصل رئيسة مجلس العموم بيني موردونت على أصوات كافية حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
ويرجّح مقرّبون من جونسون أنه لن يتقدّم إلى الانتخابات إلا في حال كان متأكّداً من فوزه، لأنه "لا يحتمل الخسارة". وأنشأت جهة مانحة رئيسية للحزب مجموعة على واتساب بعنوان "ادعموا بوريس" بحجّة أنه المرشّح الوحيد القادر على تجنيب البلاد انتخابات عامة مبكّرة. ومع ذلك، فإنّ إحدى العقبات الرئيسية التي تعترض طريقه هي التحقيق الذي لم تنتهِ منه لجنة الامتيازات في مجلس العموم بعد بشأن خرقه قواعد كورونا وإقامة حفلات في داونينغ ستريت خلال الإغلاق، والذي إذا أثبت تورّطه بالكذب والتلاعب وتضليل البرلمان عن قصد، فسيفقده عضويته في البرلمان.
وبما أنّ قواعد الحزب الخاصة بمسابقة القيادة تفرض على المرشّحين الحصول على دعم ما لا يقل عن 100 من أعضاء الحزب بحلول ظهر يوم الإثنين، فهذا يعني أن الحدّ الأقصى لعدد الأشخاص القادرين على الترشّح هو ثلاثة فقط، وتشير البيانات إلى أن الثلاثة هم: ريشي سوناك، وبوريس جونسون، وبيني موردونت. وإذا حصل الثلاثة على 100 صوت، فسيكون هناك تصويت إلكتروني من قبل النواب، أما إذا حصل أحد المرشّحين على إجماع الأكثرية، فسينتهي السباق عندها يوم الإثنين.