وأشار خطابٌ لرئيس الوزراء البريطاني موجّهٌ لمجلس العموم إلى أنه على الرغم من تصريح الإخوان بمعارضتهم لتنظيم القاعدة لكنهم لم يشجبوا بشكل مقنع استغلال بعض المنظمات الإرهابية لكتابات سيد قطب، وهو أحد أبرز مفكري الإخوان المسلمين.
وتابع التقرير أن "هناك أفرادا تربطهم روابط قوية بالإخوان المسلمين في المملكة المتحدة أيّدوا العمليات الانتحارية وغيرها من الاعتداءات التي نفذتها حركة حماس في إسرائيل"، لافتا إلى أن "حماس" حركة محظور جناحها العسكري في المملكة المتحدة منذ عام 2001 باعتبارها منظمة إرهابية وتعتبر نفسها الفرع الفلسطيني للإخوان المسلمين.
اقرأ أيضا: بريطانيا تنشر تقرير "جنكينز" حول الإخوان قبل نهاية 2015
وجاء في التقرير وفقا لخطاب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الموجه لمجلس العموم البريطاني "إن تقارير إعلامية وأكاديمية ذات مصداقية تشير إلى مشاركة أقلية من مؤيدي الإخوان المسلمين في مصر، إلى جانب إسلاميين آخرين في أعمال عنف، في حين عاود بعض كبار قيادات الإخوان المسلمين التأكيد بشكل علني التزام الجماعة بعدم العنف، لكن هناك آخرين فشلوا في نبذ الدعوة للانتقام في بعض البيانات الصادرة مؤخرا عن الإخوان المسلمين".
وتابع كاميرون في خطابه الموجه لمجلس العموم: "إن الاستنتاجات الأساسية التي خرجت بها المراجعة تساند الاستنتاج باعتبار العضوية في الإخوان المسلمين أو الارتباط بهم أو التأثر بهم مؤشرا محتملا على التطرف".
وفي ما يتعلق بالإجراءات التي ستتخذها الحكومة قال كاميرون: "سوف نواصل رفض إصدار تأشيرات زيارة لأعضاء الإخوان المسلمين والمرتبطين بهم الذين كانوا قد أدلوا بتعليقات متطرفة، إضافة إلى السعي لضمان عدم إساءة استغلال الهيئات الخيرية المرتبطة بالإخوان المسلمين".
وتنفيذ قرار الاتحاد الأوروبي بتجميد أرصدة حركة حماس، وإبقاء آراء وأنشطة الإخوان قيد المراجعة لمعرفة ما إذا كانت تستوفي معايير حظرها.
"الجماعة": التقرير متجنٍ
من جانبه، قال أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة المهندس محمد سودان إن التقرير الذي أعلنته حكومة ديفيد كاميرون "متجنٍّ".
وأضاف سودان في حديث خاص: "سنتوجه إلى المحكمة للرد على التقرير، من خلال مكتب الاستشارات القانونية المتعاقدين معه، متابعا أن هناك تحركات سياسية أخرى نقوم بها من خلال التواصل مع قيادات حزب العمال، وأطراف سياسية أخرى ترفض وجهة النظر التي تتبناها حكومة كاميرون".
ولم يستبعد سودان تأثير ضغوط خليجية على حكومة كاميرون في الوصول لهذه النتيجة، قائلا: "كانت هناك ضغوط على الحكومة البريطانية وتحديدا من جانب الإمارات من خلال استغلال نفوذها الاقتصادي للتأثير على قرار الحكومة".
كما لم يستبعد سودان أن يكون دعم جماعة الإخوان المسلمين لحركة المقاومة الفلسطينية حماس، سببا رئيسيا لإصدار التقرير بهذه الصورة.
اقرأ أيضا: تشكيك بتصريحات السيسي حول "الإخوان": تجميل ضروري لزيارة بريطانيا
وحول ما جاء في التقرير عن مشاركة أقلية من إخوان في مصر في أعمال عنف قال سودان: "أتعجب من أن دولة ديمقراطية مثل بريطانيا تؤيد نظاما ديكتاتوريا، وتنتقد نضال شعب ضد الأنظمة القمعية أو حتى تنتقد ممارسات هذه الأنظمة ضد معارضيها".
من جهته، قال المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين محمد منتصر: إن "ما صرّح به رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون باتهام الجماعة بالتطرف أمر غير مقبول، ويمثل رغبة سياسية مبيّتة ضد الجماعة".
وأضاف: "إن الجماعة بتاريخها العريض تمثل ركيزة اجتماعية وفكرية ونضالية، ولا يمكن وصمها بالتطرف، فالتطرف سمة الحكومات والجماعة التي ترفض خيارات الشعوب".
وتابع في البيان الذي نشره على صفحة المتحدث الإعلامي باسم الجماعة: "إن موقف بريطانيا من الإخوان يُفهم في إطار حملات التحريض التي تقودها دولٌ وأنظمة تدعم ما سماه بالانقلاب وعلاقة تلك الأنظمة بلندن".
وقال منتصر: "إذا كانت بريطانيا ترى أن التظاهرات السلمية، والفعاليات الرافضة لعمليات القتل ضد المدنيين والاعتقال والإخفاء القسري تطرفٌ فبالتأكيد أن بريطانيا لديها خلل وعليها أن تعالجه".
وأبدى أسفه: "لانزلاق الحكومة البريطانية بمؤسساتها العريقة في شَرَك قد نصبه سفاح مجرم، فترحّب بمن سفك الدماء وقتل الآلاف على مرأى ومسمع من العالم أجمع في جريمةٍ لم تتكرر كثيرا في التاريخ، وتتهم جماعة الإخوان بكل ما قدمته من تضحيات من أجل الوصول إلى مجتمعات حضارية أكثر تقدما وأكثر عدالة وأكثر حرية باتهامات باطلة خاوية من أي دلائل حقيقية".
اقرأ أيضا: ديفيد هيرست: على السيسي أن يرحل قبل فوات الأوان
وكانت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية ذكرت أن التقرير الذي أمر كاميرون بإنجازه حول نشاط الإخوان داخل المملكة المتحدة، من المتوقع أن يدرج فرض بعض القيود على الجماعة والمؤسسات المقرّبة منها، في خطوة سيصورها الوزراء على أنها "عملية قمع بحق الإسلاميين".
ولفت التحقيق إلى أن الجماعة لن تقف مكتوفة الأيدي، حيث أكد فريق المحامين الذين انتدبتهم الجماعة أن أي انتقادات لا تقوم على أسس صلبة سيتم الطعن فيها داخل المحاكم البريطانية.
وعن هذا الجانب، قال طيب علي، أحد المحامين ضمن فريق الترافع عن الإخوان لصحيفة "ذي غارديان": "ننتظر نشر التقرير، وفي حال ورود انتقادات سلبية لا داعي لها أو مبالغ فيها، فسنقوم بالشروع في إجراءات قانونية للطعن فيها".
وأضاف طيب للصحيفة أنه تم الوقوف على حالة تشير إلى "تأثر التقرير بشكل غير ملائم بالضغط الذي مارسته قوى خارجية معادية لانتشار الديمقراطية في الشرق الأوسط"، وبأنه تلقى ضمانات من المحامين التابعين للحكومة بأن جماعة الإخوان المسلمين سيتم "تبليغها بالتقرير وستمنح الحق في الرد على الانتقادات".
وتابع القول: "هذا الأمر هام للغاية، لأن أي انتقادات لا أساس لها من الصحة ستؤثر على صورة وسمعة أكبر منظمة ديمقراطية بالشرق الأوسط".
من جهة أخرى، لفتت "ذي غارديان" إلى أنها كشفت الشهر الماضي أن دولة خليجية هددت بوقف صفقة اقتناء أسلحة من بريطانيا، والحد من استثماراتها ووقف التعاون الاستخباراتي إذا لم تقم الحكومة البريطانية باتخاذ إجراءات تستهدف جماعة الإخوان المسلمين، التي صنفتها تلك الدولة على أساس أنها تنظيم إرهابي.
كما أوضح المقال أن التقرير الذي أشرف عليه جون جنكينز، سفير بريطانيا سابقا لدى المملكة العربية السعودية، يدعو على ما يبدو إلى تشديد المراقبة على جماعة الإخوان والمؤسسات التابعة لها ببريطانيا. ولفت إلى أن نتائج التقرير كان مبرمجا لنشرها في يوليو/ تموز 2014 لكنها تأجلت لوقت طويل، دون أن يقدم مكتب رئيس الوزراء البريطاني أي توضيحات بهذا الشأن.