في اتفاق هو الأول من نوعه منذ ثمانينيات القرن الماضي، وقّع العراق والمملكة العربية السعودية مذكرة تعاون أمنية، فيما أكد مسؤول عراقي لـ"العربي الجديد"، أن المذكرة تهدف إلى ضبط الحدود والتعاون المعلوماتي.
ومنذ أمس الأحد، يجري وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري، على رأس وفد أمني، زيارة إلى الرياض لبحث عدد من الملفات الأمنية المشتركة.
ووفقاً لبيان لوزارة الداخلية العراقية، فإن "الوزير وقّع مذكرة تفاهم أمني هي الأولى من نوعها منذ العام 1983، مع وزير الداخلية السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود"، مؤكداً أن "هذه المذكرة شملت كلّ أشكال التعاون الأمني، وتبادل الرؤى، وتفعيل العمل الأمني المشترك، بما يضمن المزيد من الأمن للجانبين العراقي والسعودي"، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وشارك مسؤولون أمنيون من كلا البلدين في محضر توقيع الاتفاقية التي جرت في العاصمة الرياض.
ويُعدّ ملف الحدود وانتشار الفصائل المسلحة العراقية الحليفة لإيران، قرب الشريط الحدودي مع السعودية، من أهم الملفات التي تسعى السعودية للتوافق بشأنها مع العراق، وقد جرت في السنوات السابقة زيارات لمسؤولين أمنيين سعوديين إلى بغداد، إلا أنها لم تنجح في حسم الملف.
وقال مسؤول عراقي بارز لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "الاتفاقية ركزت على تأمين الحدود المشتركة بين البلدين"، مبيناً أن "المسؤولين السعوديين ركزوا على أهمية تولي القوات النظامية ملف تأمين الحدود من الجانب العراقي مع السعودية، فضلاً عن التعاون الاستخباري وتبادل المعلومات بشأن عمليات التسلل ومنعها".
وأكد أن "التفاهمات والتوافق بين الجانبين أفضت إلى توقيع الاتفاقية، والتي ستكون لها أهمية للبلدين، وأن المملكة اتفقت أيضاً على تعزيز تواجدها الأمني على الشريط الحدودي، لمنع عمليات التسلل بين الجانبين".
ولفت كذلك إلى أن الاتفاقات شملت تشكيل لجنة أمنية مشتركة لإدامة التواصل والتنسيق في ما يتعلق بالقضايا الأمنية المشتركة، لاسيما الحرب على الإرهاب.
وتنتشر فصائل مسلحة عدة، أبرزها "كتائب حزب الله"، و"سيد الشهداء"، و"جند الإمام"، و"العصائب"، في نقاط مختلفة بالقرب من الحدود التي تمتد بين العراق والسعودية لأكثر من 800 كيلومتر، وتبدأ من مدينة النخيب في محافظة الأنبار غرباً، وتقابلها عرعر السعودية، وتنتهي في نقطة نقرة السلمان على مقربة من حدود البصرة جنوباً، والمقابلة لحفر الباطن سعودياً.
وكان ملف الحدود العراقية - السعودية قد برز بشكل واضح، بعد الهجمات العنيفة التي طاولت منشآت نفط تابعة لشركة "أرامكو" في مدينتي بقيق وخريص السعوديتين، منتصف سبتمبر/أيلول 2019، إذ رجحت تقارير غربية حينها انطلاق الهجمات من العراق، بسبب قرب المسافة مقارنة بالمسافة التي تفصل مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن عن المنشأتين.
ونشط الحراك السعودي باتجاه العراق في ملف الحدود خلال تلك الفترة، خصوصاً مع ما رافقها من نبرة التهديد من قبل فصائل حليفة لإيران باستهداف مصالح سعودية من داخل العراق، وقد طالب السعوديون وقتها بضمانات عراقية بشأن ملف الحدود، وأجروا أعمال تحصين جديدة من قبلهم، بما فيها منظومات ضد الصواريخ، وأبراج المراقبة، وأجهزة رادار على الشريط الحدودي مع العراق.