شهدت الجلسة العامة للبرلمان المصري المخصصة للاستماع إلى بيان وزير الخارجية سامح شكري اليوم الثلاثاء، مطالبات بعض النواب الخارجة عن المألوف مثل تدخل الخارجية المصرية للإفراج عن أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، على خلفية أحداث اقتحام الكونغرس السابقة لتنصيب الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن، وعودة العلاقات الدبلوماسية مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
وطالب النائب محمد الكومي وزير الخارجية بالتدخل لدى الولايات المتحدة للإفراج عن المحبوسين في أحداث اقتحام الكونغرس الأميركي، قائلاً: "لدي سؤال للسيد الوزير: هل يحق أن تخاطب الخارجية المصرية نظيرتها الأميركية للإفراج عن المعتقلين من أنصار ترامب في أحداث الهجوم الأخير على مبنى الكونغرس؟"، وهو ما رفض شكري التعقيب عليه في كلمته.
بدوره، دعا النائب صفي الدين خربوش، القيادي السابق في الحزب الوطني "المنحل"، وزير الخارجية إلى ضرورة اتخاذ ردود حاسمة إزاء التصريحات الإثيوبية "المستفزة" بشأن أزمة سد النهضة، قائلاً إن "هناك استعلاء وجرأة في تصريحات بعض المسؤولين الرسميين في أديس بابا، وهذا استعلاء في غير محله، ويعطي انطباعاً أن إثيوبيا باتت دولة عظمى كالصين والولايات المتحدة!".
وأضاف خربوش "هذه التصريحات تستخدمها أبواق إعلامية معادية للهجوم على مصر والمصريين، وعلى وزارة الخارجية أن تُعلن بشكل أسبوعي عن تطورات ملف سد النهضة"، مطالباً كذلك بضرورة عودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والنظام السوري، اقتداءً بعودة العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر.
وتابع خربوش "آن الأوان لإعادة العلاقات مع سورية، والتي انقطعت بقرار وقت حكم جماعة الإخوان (الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي)، لأن إعادة العلاقات مهمة في إطار تعزيز الأمن القومي السوري، فالدولة السورية كانت شريكة لنا (مصر) في حرب 6 أكتوبر 1973، ويجب العمل أيضاً على إعادة مقعد سورية في جامعة الدول العربية"، حسب قوله.
الأمر الذي أيدته النائبة نشوى الديب بدعوتها إلى عودة العلاقات الدبلوماسية كاملة مع النظام السوري، وهو ما رحب به كذلك النائب عن حزب الوفد محمد مدينة، بالقول: "إنهم شركاء مصر في حرب 1973، ولا يجب أن تظل مصر متمسكة بموقفها من النظام السوري بعد كل هذه السنوات!".
بينما أدان النائب أيمن أبو العلا استمرار سياسة شبكة "الجزيرة" الإعلامية في الهجوم على النظام المصري، على الرغم من توقيع مذكرة التفاهم حيال المصالحة العربية (الخليجية) في "قمة العلا" بالمملكة العربية السعودية، مستطرداً "إعادة العلاقات مع دولة قطر كان قراراً للدولة المصرية، وبالطبع نحن مع الوحدة العربية، ونحترم الشعب القطري، ولكن قناة الجزيرة لم تغير سياستها الإعلامية مع مصر".
دان النائب أيمن أبو العلا "استمرار سياسة شبكة "الجزيرة" الإعلامية في الهجوم على النظام المصري، على الرغم من توقيع مذكرة التفاهم حيال المصالحة العربية"
وأضاف أبو العلا "الشعب المصري يقدر ويحترم نظيره القطري، ولكن لا بد من معرفة الضمانات حتى لا تعود الإدارة القطرية لسياستها السابقة من مصر". وتساءل في شأن آخر: "لماذا ترفض وزارة الخارجية استخراج جوازات سفر دبلوماسية لزوج النائبة في البرلمان، لا سيما أنه مطلب جماعي للنائبات بالمجلس، بينما تقبل طلبات استخراج جواز السفر لزوجة النائب؟".
في حين قال النائب عبد الحميد الدمرداش إن "نواب البرلمان يثقون ثقة عمياء في القيادة السياسية ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، والخارجية المصرية، في التعامل مع أزمة سد النهضة الإثيوبي"، مضيفاً "مصر لعبت دوراً محورياً في مجلس الأمن، وحظي بتقدير المجتمع الدولي، ويجب توفير الإمكانيات المادية واللوجستية مع الخارجية المصرية، بما يمكنها من تشكيل لوبي قوي في الخارج"، على حد قوله.
وتساءل النائب مصطفى بكري عن سبب استضافة مصر وفداً لحكومة الوفاق (الشرعية) في ليبيا، رغم مطالبة البرلمان المصري في وقت سابق باعتماد السفير الليبي من مجلس النواب المنعقد في طبرق، مستطرداً "إلى متى ستظل مصر مقاطعة لسورية؟، وإلى متى ستستمر قناة الجزيرة القطرية في توجيه الاتهامات للدولة المصرية، مقابل دعمها للجماعة الإرهابية (الإخوان)، والجميع صامت على ذلك".
وأضاف بكري: "ماذا نفذت قطر من الـ13 شرطاً التي طالبت بها مصر والرباعي العربي لإتمام المصالحة؟، وإلى متى سيظل هذا البوق (الجزيرة) يلقي بسمومه".
بكري: ماذا نفذت قطر من الـ13 شرطاً التي طالبت بها مصر والرباعي العربي لإتمام المصالحة؟
أما رئيس الهيئة البرلمانية لحزب "مستقبل وطن"، أشرف رشاد فقال إن "كل يوم نجد بعض الرسائل من أعضاء المجالس النيابية في الدول الأخرى، والكونغرس على وجه التحديد، تتعلق بتدخلات في الشأن المصري بدعاوى حقوق الإنسان، ولم يعد مقبولاً بعد الآن المتاجرة ببعض المصطلحات السياسية كالاعتقال التعسفي أو غيره".
وأضاف رشاد "هذه نقطة تتعلق بالشأن الداخلي المصري، وأقول لهم اهتموا بشؤونكم، ودعونا وشأننا، فقد رأينا ما حدث في الولايات المتحدة، ومن الطبيعي أن يكون أعضاء مجلس النواب هم أصحاب الحق الأصيل في التحدث عن قضاياهم الداخلية، لا الاهتمام بشؤون الدول الأخرى"، وفق قوله.
من جهته، عقب وزير الخارجية على تساؤلات النواب، قائلاً إن "الجميع يتعاطف مع سورية كدولة وشعب، ومصر ترحب بالسوريين على أراضيها، وهذا شيء نعتز به جميعاً، ولكن عودة العلاقات الدبلوماسية مع سورية هو أمر يحمل بعض التعقيد، ونأمل أن تعود سورية إلى محيطها العربي قريباً".
وقال شكري "إن ما تعرض له الشعب السوري من كوارث وأزمات، ونزوحه إلى خارج الأراضي السورية، يضع قيوداً على الحركة الإقليمية تجاه سورية"، معرباً عن تطلعه إلى "عودة سورية مرة أخرى إلى المكانة التي نعتز بها جميعاً كعرب".
وأضاف شكري "نتعامل مع إدارة الرئيس بايدن بكل انفتاح وتقدير، ونعلم جيداً أن الولايات المتحدة هي دولة عظمى، ولكن هذا التعامل يأتي في إطار التوازن من أجل مصلحة مصر أولاً"، مشيراً إلى أن العلاقات مع الدول العربية تتصل بتاريخ مشترك، و"لكن السياسة دائماً ما تأخذ سبلاً مغايرة"، وفقاً لتعبيره.
وعن موقف العلاقات المصرية مع قطر، قال إن "بيان العلا، وما تضمنه من التزامات مشتركة، ينبئ بتغير في طبيعة العلاقات، شرط أن تفي قطر بشروط حسن النية"، مضيفاً "تألمنا من السياسات التي أدت إلى القطيعة، رغم استمرار العلاقات الطيبة بين الشعبين المصري والقطري".
وختم بقوله "نتضامن مع الأشقاء في دول الإمارات والسعودية والبحرين والكويت، في ما يحقق المصالح المشتركة، واتخذنا موقفاً جماعياً في ضوء الالتزامات المشتركة، على وقع تغير علاقات الرباعي العربي وقطر. والامتثال لتنفيذ التزامات قمة العلا لا يزال قيد الرصد، ونستهدف في المقام الأول دعم اللحمة العربية في مواجهة التحديات المشتركة".