بدء التصويت في الانتخابات التشريعية الفرنسية المبكرة

30 يونيو 2024
صناديق الاقتراع في الانتخابات الفرنسية البرلمانية، 29 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

فتحت مراكز الاقتراع أبوابها، صباح اليوم الأحد، ليدلي الناخبين بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية المبكرة، وسط تخوفات من تشكيل أول حكومة يمينية متطرفة في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما يمثل تغييراً جذرياً محتملاً في قلب الاتحاد الأوروبي. وتغلق مراكز الاقتراع عند الساعة 16:00 بتوقيت غرينتش في البلدات والمدن الصغيرة، بينما تغلق في المدن الكبرى عند الساعة 18:00 بتوقيت غرينتش، حيث يتوقع صدور أول استطلاعات لآراء الناخبين بعد خروجهم من مراكز الاقتراع والتوقعات المتعلقة بالمقاعد في الجولة الثانية الحاسمة بعد أسبوع لاحق.

وفاجأ الرئيس إيمانويل ماكرون البلاد عندما دعا إلى انتخابات مبكرة بعد أن سحق حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان ائتلاف تيار الوسط المنتمي إليه ماكرون في الانتخابات الأوروبية هذا الشهر. وظل حزب مارين لوبان، المتشكك في الاتحاد الأوروبي والمناهض للهجرة، منبوذاً لفترة طويلة، لكنه الآن أقرب إلى السلطة من أي وقت مضى.

وقد يجعل النظام الانتخابي من الصعب تقدير التوزيع الدقيق للمقاعد في الجمعية الوطنية المؤلفة من 577 مقعداً، ولن تُعرف النتيجة النهائية حتى نهاية التصويت في السابع من يوليو/ تموز. وقالت لوبان في مقابلة صحافية، يوم الأربعاء الماضي: "سنفوز بالأغلبية المطلقة". وتوقعت أن يصبح تلميذها جوردان بارديلا البالغ من العمر 28 عاماً رئيساً للوزراء. ووضع حزبها برنامجاً اقتصادياً عالي الإنفاق ويسعى للحد من الهجرة.

وإذا فاز حزب التجمع الوطني بالأغلبية المطلقة في الانتخابات البرلمانية الفرنسية، فقد تشهد الدبلوماسية الفرنسية فترة غير مسبوقة من الاضطراب، مع تنافس ماكرون الذي قال إنه سيواصل رئاسته حتى نهاية فترة ولايته في عام 2027، وبارديلا من أجل الحق في التحدث باسم فرنسا. وشهدت فرنسا ثلاث فترات من "التعايش" عندما كان الرئيس والحكومة من معسكرين سياسيين متعارضين في عصر ما بعد الحرب. لكن لم تشهد أي منها أطرافاً متنافسة على إدارة الدولة تتبنى مثل وجهات النظر تلك، المتباينة جذرياً حيال قضايا عالمية. وأشار بارديلا بالفعل إلى أنه سيتحدى ماكرون في القضايا العالمية. ويمكن أن تتحول فرنسا من كونها أحد أعمدة الاتحاد الأوروبي إلى شوكة في خاصرته وتطالب بخفض مساهمتها في موازنة الاتحاد الأوروبي، وتتصادم مع بروكسل بشأن وظائف المفوضية الأوروبية، وتتراجع عن دعوات ماكرون إلى تعزيز وحدة الاتحاد الأوروبي والتشديد على الدفاع.

ومن شأن تحقيق حزب التجمع الوطني انتصاراً صريحاً في الانتخابات البرلمانية الفرنسية أن يثير حالة من الضبابية حيال موقف فرنسا من الحرب الروسية الأوكرانية. ولدى لوبان تاريخ من الآراء المؤيدة لروسيا، وبينما يقول الحزب الآن إنه سيساعد أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد الغزاة الروس، فقد وضع أيضاً خطوطاً حمراء مثل رفض تزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى.

انقسام الأصوات في الانتخابات البرلمانية الفرنسية

وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدم حزب التجمع الوطني بفارق مريح بنسبة 33-36 بالمائة من الأصوات، بينما يأتي تحالف الجبهة الشعبية الجديدة المنتمي إلى اليسار، الذي شُكِّل على عجل، في المركز الثاني بنسبة 28-31 بالمائة. ويحلّ تحالف ماكرون المنتمي إلى تيار الوسط ثالثاً بنسبة 20-23 بالمائة. وتضم الجبهة الشعبية الجديدة مجموعة واسعة من الأحزاب من يسار الوسط المعتدل إلى اليسار المتشدد. ومنها الحزب المشكك في الاتحاد الأوروبي والمناهض لحلف شمال الأطلسي، حزب فرنسا الأبية بزعامة جان لوك ميلونشون، أحد أشد معارضي ماكرون. وقال فنسنت مارتيني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيس، إنّ من الصعب التنبؤ بكيفية ترجمة أرقام الاستطلاع إلى مقاعد في الجمعية الوطنية بسبب آلية عمل الانتخابات البرلمانية الفرنسية. ويمكن انتخاب المرشحين في الجولة الأولى إذا فازوا بالأغلبية المطلقة من الأصوات في دائرتهم الانتخابية، لكن هذا أمر نادر.

 

وستحتاج معظم الدوائر الانتخابية إلى جولة ثانية تضم جميع المرشحين الذين حصلوا على أصوات ما لا يقلّ عن 12.5 بالمائة ​​من الناخبين المسجلين في الجولة الأولى. ويفوز من يحصل على أعلى عدد من الأصوات. وقال مارتيني: "إذا كانت نسبة المشاركة عالية جداً، فقد يكون هناك حزب ثالث أو رابع يدخل في المنافسة. لذا، بالطبع هناك خطر بانقسام الأصوات، ونعلم أن الانقسام يأتي في صالح حزب التجمع الوطني".

وعلى مدار عقود، كان أن كلما اكتسب اليمين المتطرف شعبية على نحو مطرد، يتحد الناخبون والأحزاب الذين لم يدعموه ضده إذا ما رأوا أنه يقترب من تولي السلطة في البلاد. لكن هذا قد لا يتحقق هذه المرة. وقال مارتيني إنه لم يتضح ما إذا كان المرشحون من معسكر ماكرون سينظرون في خطوة الانسحاب من الجولة الثانية لمنح منافسيهم من اليسار فرصة التغلب على حزب التجمع الوطني أو العكس. وسعت لوبان وبارديلا لجعل صورة حزبهما أكثر قبولاً لدى العامة. على سبيل المثال من خلال التنديد بمعاداة السامية. ولدى والدها جان ماري لوبان مؤسس حزب الجبهة الوطنية، تاريخ من التعليقات المعادية للسامية التي أدلى بها علناً. لكن منتقدين يقولون إن تودد حزب التجمع الوطني لليهود ليس سوى غطاء يتيح له إنكار الاتهامات بالعنصرية بينما يعادي المسلمين والأجانب باستمرار.

(رويترز)

المساهمون