قدّر باحث إسرائيلي، اليوم الاثنين، أن التحديات الأمنية والاستراتيجية التي تواجهها إسرائيل ستتعاظم بعد الحرب التي تشنها حالياً على قطاع غزة. وتوقع الباحث رونين شيكلر أن تفضي الحرب على غزة إلى تدهور المكانة الاستراتيجية والاقتصادية لإسرائيل، تماماً مثل الحرب الأولى التي شنتها على لبنان في 1982، والتي أطلقت عليها حرب "سلامة الجليل".
وأضاف شيكلر في منشورات عبر منصة "إكس"، أن هناك أوجه شبه بين الحرب الحالية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وحرب لبنان الأولى التي انتهت بفشل كبير.
ووجد شيكلر أن هناك تشابهاً بين تعهد القيادة الإسرائيلية بأن يكون هدف الحرب الرئيس القضاء على حركة "حماس"، وبين إعلان حكومة مناحيم بيغن في 1982 أن هدف حرب لبنان الأولى هو القضاء على وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، وإخراج عناصرها من هناك.
ولفت إلى أنه في وقت تمكنت إسرائيل من إخراج منظمة التحرير من لبنان، فإنها مهدت بذلك الطريق أمام صعود "حزب الله"، الذي تولى زمام المبادرة، وخاض مواجهات دامية مع إسرائيل، مشيراً إلى أن إجمالي عدد القتلى الإسرائيليين الذين قتلوا منذ 1982 بلغ 1195 جندياً ومستوطناً.
ولفت إلى أنه بخلاف تعهدات إسرائيل بأن تسفر حرب لبنان الأولى عن القضاء على مصادر "الإرهاب"، فإنها أفضت إلى تعاظمها، محذراً من أن هذا ما سينتظر إسرائيل في حال واصلت حربها الحالية على قطاع غزة.
وأعاد إلى الأذهان حقيقة أن الخسائر الكبيرة التي تكبدها جيش الاحتلال في لبنان أفضت إلى تعاظم الرفض في أوساط الحكم في تل أبيب والجمهور الإسرائيلي، لفكرة مواصلة احتلال جنوب لبنان، وهو ما أدى في النهاية إلى إقناع رئيس الوزراء السابق إيهود باراك بإصدار تعليماته بالانسحاب من المنطقة في عام 2000.
وحذر شيكلر من تطبيق القيادة الإسرائيلية تهديداتها بفرض منطقة أمنية عازلة على طول الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، مشيراً إلى أن هذا ما يتوجب استخلاصه من تجربة منطقة الحزام الأمني التي فرضتها إسرائيل جنوب نهر الليطاني في لبنان.
وشدد على أن الحزام الأمني الذي تهدّد إسرائيل بفرضه في قطاع غزة لن يفشل فقط في خفض وتيرة العمليات التي تنفذها المقاومة انطلاقاً من قطاع غزة، بل سيعمل أيضاً على تعاظمها، تماماً كما فشل الحزام الأمني في جنوب لبنان في الحيلولة دون تمكن "حزب الله" من تعزيز قدرته على استهداف جنود الاحتلال.
وأبرز حقيقة أنه كما أن الحزام الأمني في جنوب لبنان لم يحل دون اضطرار جيش الاحتلال إلى شن عمليات توغل عسكرية شمال الليطاني، فإن تدشين حزام أمني في قطاع غزة لن يحول دون اضطرار إسرائيل مجدداً لشن عمليات عسكرية في عمق القطاع.
وأوضح أن فترة الهدوء التي سادت في المواجهة مع "حزب الله" بعد حرب لبنان الثانية في 2006، استُغلت من قبل الحزب في تعزيز قوته العسكرية بشكل غير مسبوق، مما حوّله إلى أكبر مصدر تهديد استراتيجي على إسرائيل.
وبحسب شيكلر، فإنه حتى لو نجحت إسرائيل في القضاء على حركة "حماس"، فإن تنظيماً "أكثر سوءاً منها" سيصعد محلها، تماماً كما أدى القضاء على منظمة التحرير إلى صعود "حزب الله"، مما يعني أن القضاء على "حماس" لن يفضي إلى إزالة التهديد الذي تمثله المقاومة الفلسطينية في غزة. وأضاف أن محاولة إسرائيل فرض حكم متعاون و"صديق" في قطاع غزة بعد الحرب، سينتهي إلى فشل ذريع تماماً كما انتهت تجربة جيش لبنان الجنوبي الذي كان متعاوناً مع إسرائيل، "لأن هذا الحكم لن يحوز على شرعية في نظر الجمهور الفلسطيني في القطاع".
ووصف حديث إسرائيل عن قوة عربية يمكن أن تتولى زمام الأمور في قطاع غزة بعد الحرب، وتقوم "بالعمل القذر" نيابة عنها، مجرد "فنتازيا غير واقعية".